بين الحين والآخر يكسر روتين هذا البلد أخبار من هنا وهناك ... منع مواقع جديدة ... تسريب هناك ... ولكن الأخبار المتعلقة بأرواح أبناء هذا البلد لا تمر مرور الكرام ... خصوصاً وكأنه ينقصنا سبب آخر للموت غير هذا الاحتلال الذي يقتنصنا في كل حين ...
في وسط كل هذه الجلبة يأتيك خبر موت 6 أفراد من نفس العائلة في حادث سير يوم العيد ... يوم من أيام الفرح القليلة لهذا الشعب ... ونعيد تكرار نفس الألم ونفس أسباب الحادث ونفس التعليقات ... ولكننا ننسى أو نتناسى كثيراً من الأمور المزعجة .
ننسى أن الواحد منا يصفق ويهلل عندما يقوم سائق المركبة التي يركبها بكسر القانون والمجازفة بتجاوز خطير هنا وهناك أو على أحد الحواجز بتجاهل صفوف المنتظرين ليضع نفسه في المقدمة ... ولكن عندما تفعلها سيارة غريبة أو سائق عمومي آخر يصبح مستهتراً وغير مبالٍ ... ما هذا التناقض العجيب؟ كيف يمكن للسائق أن يفهم أنك الآن تلعنه وحوله في السيارة من يهلل له ! لن تنتهي هذه الحالة قبل أن يصبح الركاب أول هم أول من يقول للسائق كفى ! أرواحنا ليست دقائق تكسبها على حسابنا !!!
كلنا يعرف ويتجاهل كون رخصة القيادة العمومية تدخل فيها الوساطات ما الله به عليم ... فهي مشروع تجاري بحت لا علاقة له بقواعد المرور والسلامة ولا بسد حاجة أسرة من الأسر المعدمة .... وموضوع التكسيات في البلد لو فتح سيفتح معه ملفاً لا بأس به من ملفات الفساد وستدرك حجم التضخم الموجود في عددها وعدم الحاجة لكل هذه الأعداد إلا لكونها مصدر دخل للدولة والسائقين ولا يهم مصلحة الباقيين !
وكلنا يعرف كيف أن المتطلبات لهذه الرخصة ليست كثيرة ... شهادة لبصرك ولا يهم البصيرة ... وشهادة من أجهزة الأمن أنك لست حمساوياً ... لأن الحمساويين أثبتوا أنهم غير قادرين على القيادة لأنهم أضاعوا قطاع غزة والضفة الغربية ودولة مصر بعد ذلك ... – ليست وجهة نظري – إذا كان لديك قوة بصر ولست حمساوياً .. فتحصل على هذه الرخصة ... وربما تستلم زمام بلدية هنا أو هناك ...
شخصياً أعرف سائقاً من مدينة فلسطينية قبل عامين عمل حادثاُ على مدخل طولكرم ... قتل فيه 3 أشخاص ... وبعد سنة تسبب في مقتل 6 آخرين في حادث آخر... وهو الآن يقود سيارته العمومي بكل ثقة ... سؤالي هو كيف لشخص قتل 3 أشخاص أن لا تسحب رخصته مدى الحياة؟ أو على الأقل عشرة سنوات؟!! وكيف يقود بعد أن قتل 6 أشخاص آخرين!! ألهذه الدرجة أرواح الناس في هذه البلد رخيصة؟؟؟ أين القانون الرادع؟ هل دفع دية لقتلاه أم تكفلت شركات التأمين بالدفع؟ وأين الحق العام؟ هل مازال دينارين عن كل يوم سجن؟ أم هناك جديد؟
كلنا صرنا يعرف أن نظام المرور في هذه البلد صار مأساوياً ... كلنا ... حتى الغنم في الحظائر ... والأبقار في المسالخ صارت تعرف بأن لدينا مشكلة في نظام المرور والمواصلات في البلد فماذا ننتظر؟ حتى نفنى عن بكرة أبينا؟ إما بحادث أو جندي إسرائيلي؟.
فإذا نظرت إلى صور الحادث فإنك لا ترى شخصاً يود أن يصل بالسلامة أبداً ...
أرجوكم ... لا تقارنوا فلسطين في موضوع حوادث السير بدول العالم ... أنتم لا تقارنونا بدول العالم إلا في موضوع القتلى!!!.