لاحقت الاتهامات حماس فور إعلانها وثيقة المبادئ، التي وصفها مراقبون بأنها تأتي من باب المراوغة السياسية فقط، من دون أن تشهد تغييرات حقيقية في موقف الحركة كيف ترى هذه الاتهامات؟ الوثيقة التي أعلنت عنها حماس أخيراً كانت واضحة ومباشرة، وتمثل المواقف والمبادئ الأساسية للحركة في كل ما يتعلق بالقضية الفلسطينية، على المستوى الداخلي والدولي، والعلاقة مع المحتل ومواجهته، حتى العلاقة مع الإقليم، ولكن ربما بعض الأطراف كانت تريد من حماس أن تغير من مبادئها وثوابتها. بالتالي لم ترَ في هذه الوثيقة شيئاً جديداً، والوثيقة حافظت بلا شك على الثوابت والمبادئ الأساسية التي تؤمن بها حماس وتتبنّاها الغالبية العظمى من أبناء شعبنا، لكن هذه الوثيقة جاءت كي تستطيع كل الأطراف فهم الموقف بصورة واضحة. وواهمٌ من كان يظن أن هذه الوثيقة جاءت لتقلب المواقف السياسية للحركة أو تعترف بالاحتلال، أو تتخلى عن الحقوق الوطنية الفلسطينية التي استشهد من أجلها عشرات الآلاف من أبناء شعبنا، ولا يمكن لأي عاقل أو حركة تحترم نفسها أن تغيّر من مبادئها بحيث تتعارض مع طموحات شعبها.
ولكنّ هناك حديثاً متصاعداً بشأن سيطرة قادة من المحسوبين على تيار كتائب عز الدين القسام على القرار داخل الحركة في أعقاب الانتخابات الأخيرة، مثل يحيى السنوار فما حقيقة ذلك؟ الحديث عن صقور وحمائم، وسياسيين وعسكريين داخل حركة حماس هو حديث يتجدد ويتكرر بين الحين والآخر، وهناك أطراف عدة تحاول أن تجعل من هذا الأمر حقيقة على أرض الواقع، فعملياً داخل الحركة لا يوجد هذه التقسيمات، والحركة موحدة في أُطرها وهياكلها ومؤسساتها، وهناك انتخابات حرة ديمقراطية تتم على أسس شورية، وعلى أساس لوائح وأنظمة محددة. بالتالي فإن أبناء الحركة الذين يشاركون في هذه الانتخابات هم وحدهم أصحاب القرار في اختيار من يمثلهم في مختلف المواقع. الحركة موحّدة في فكرها السياسي وآمالها وأهدافها ووسائلها، والحديث عن أن الانتخابات قد أفرزت جناحاً على حساب آخر، هو حديث مخالف للواقع. فلا يأتي أحد مهما كان اسمه لينسف ما قام به من كان قبله.
وفقاً لوثيقة تأسيس الحركة عام 1987 تبدو قوة العلاقة بينكم وبين جماعة الإخوان المسلمين، فهل تمثل الوثيقة الجديدة تخفيفاً للأعباء عن كاهل حماس، خصوصاً أمام النظام المصري؟ الوثيقة ليست مبادرة مقدمة لأي طرف من الأطراف، ولا يراد منها تسويق حركة حماس لدى أطراف دولية أو إقليمية وإن كان هذا في العمل السياسي متاحاً ومقبولاً، ما لم يكن فيه تنازل عن الثوابت. فموقفنا وعلاقتنا بجماعة الإخوان المسلمين واضح، وأعلنّا عنها مراراً، حتى عندما كانت الجماعة في أوج قوتها السياسية والشعبية في المنطقة العربية ومصر. نحن لا ننكر بل نفتخر بانتمائنا الفكري لمدرسة جماعة الإخوان المسلمين، لكننا منذ انطلاقة الحركة وحتى الآن نحن حركة تحرر وطني فلسطينية مرجعيتها إسلامية، وكل قراراتها الداخلية والإقليمية والدولية والميدانية تؤخَذ عبر مؤسسات الحركة الشورية وأجهزتها القيادية، ولا يوجد تدخل لأي طرف آخر مهما كان في قراراتنا. ونحن حركة فلسطينية، وعملنا وتحركنا ومقاومتنا داخل فلسطين، وبين أبنائنا في الشتات.
خلال لقاءين أخيرين مع المسؤولين المصريين، هل طُلب أي أمور متعلقة بالتبرؤ من تنظيم الإخوان في مصر؟ لقاءاتنا مع المصريين عموماً في كل الفترات السابقة محورها واحد وواضح، وهو ما يتعلق بالدور المصري التاريخي في القضية الفلسطينية، سواء ما يتعلق بمعبر رفح، وتنقُّل الأشخاص والبضائع بين مصر وغزة، أو ما يتعلق بالحوار الداخلي الفلسطيني، وتحقيق المصالحة التي كانت مصر وما زالت الراعي الأساسي لها، وحتى التدخّل المصري لتثبيت الهدنة القائمة في قطاع غزة بين المقاومة والاحتلال منذ الحرب الأخيرة في 2014، لذلك المحور الوحيد والأساسي، غير مرتبط بأي قضية أخرى خارج هذا الإطار.
الحديث عن العلاقة مع القاهرة لا ينقطع فلماذا إذاً مشوب دائما بالتوتر؟ في هذه المرحلة لا يوجد توتر في العلاقة بيننا وبين الإخوة المصريين، لقد أوضحنا موقفنا بأننا معنيون بوجود علاقة طبيعية وصحية بحكم الموقع الجغرافي. لمصر دورها الإقليمي وتحركها تاريخياً في القضية الفلسطينية، وبالتالي نحن من طرفنا معنيون بتطوير هذه العلاقة خدمة لأبناء شعبنا، لذلك دائما نسعى أن تكون العلاقة أفضل، وفي بعض الأحيان تؤثر بعض الظروف الإقليمية على هذه العلاقة.
متى ستكون الزيارة الخارجية الأولى لرئيس المكتب السياسي الجديد إسماعيل هنية. وأين ستكون وجهته؟ بداية سيكون بين شعبه، لكن هذا لا يمنع ولا يحول دون الحاجة إلى تحركه في الفضاء الخارجي وعقد لقاءات سياسية، وهذا يحتاج لترتيبات داخلية وترتيبات مع أطراف أخرى. بالنسبة لنا نأمل ونؤمن أن كل الدول العربية والإسلامية يجب أن تكون مفتوحة للفلسطينيين على كافة توجهاتهم، وأن تكون الأبواب مشْرَعة لحركة حماس لنقاش وبحث آليات دعم الشعب الفلسطيني في مواجهة الاحتلال.
أمام الإغلاق المستمر لمعبر رفح الحدودي إلى أين وصل ملف المطار والميناء اللذين كانا من أبرز بنود اتفاق الهدنة خلال الحرب الأخيرة على القطاع؟ معبر رفح ما زال مغلقاً في معظم الأوقات، وكل ما يتعلق بالبنود الخاصة بوقف الحرب الأخيرة على قطاع غزة حتى الآن، يتنصّل الاحتلال من تطبيقها وتنفيذها، مستغلاً حالة الضعف العربي عموماً وتراجع التأثير العربي في أحداث الإقليم.
الحديث عن سماح حماس لأنصار محمد دحلان بتنظيم أكثر من فعالية في غزة، فتح باب التكهنات واسعاً أمام تنسيق ما بينكم وبينه نكاية في أبو مازن ما صحة ذلك؟ نحن لا نتعامل مع الأطراف الفلسطينية من باب المناكفة والنكاية أو دعم طرف على آخر داخل حركة فتح، نحن ننظر إلى أبناء شعبنا نظرة واحدة، ونتمنى لكل فصائل العمل الوطني الفلسطيني أن تكون قوية ومتينة وموحدة وبرامجها واضحة في مواجهة الاحتلال. نحن لا نغلب طرفاً على آخر، والوضع الطبيعي أن كل صاحب أجندة أو تحرك لدعم شعبنا في غزة والتخفيف من آثار الحصار من الطبيعي أن يعمل بشكل سهل، أيا كان هذا الطرف ما دام لا يؤثر على الوحدة الوطنية، والمشروع الوطني الفلسطيني.
المصدر | العربي الجديد