رغم حالة التشفّي الظاهرة لدى عدد لا بأس به من قادة فتح بدولة قطر، إلا أن موقف السلطة تجاه الأزمة الخليجية ـ أو اللاموقف بالأحرى ـ يمكن وصفه بأنه جيد ومتوازن بدرجة كبيرة، فحسب ما أعلم فقد التزمت السلطة الصمت والحياد حتى اللحظة تجاه ما يجري، وهو ذات موقف حماس قبل أن تضطر للرد على تصريح وزير لإحدى الدول المشاركة في الأزمة، وربما يعود موقف السلطة هذا لعدة أسباب أتذكر منها الآن ما يلي:
1- الذاكرة السيئة التي نحتفظ بها كفلسطينيين والمتعلقة بنتائج اصطفاف منظمة التحرير ضد دولة عربية لصالح دولة عربية أخرى إبان حرب الخليج الثانية "حرب الكويت".
2- ضعف العلاقة بين السلطة وعدد من الدول في المحور المقابل لقطر خلال الفترة الأخيرة بعد محاولة هذه الدول فرض "تنازل" على "القيادة" لصالح دحلان ورفض "القيادة" لهذا الأمر، وهو ما ظهر جليا في تصريح عدد من قادة فتح وقتها بينهم الرجوب.
3- خشية "القيادة" من أن يؤدي اصطفافها في المحور المقابل لقطر إلى تقوية دحلان، ومن أن تستغل هذه الدول هذا الإصطفاف لفرض دحلان من جديد عليها، مع صعوبة خروج "القيادة" من هذا المحور وقتها بعد دخولها إليه.
4ـ أضيف إلى هذا خشية "القيادة" من أن يؤدي اصطفافها في المحور المذكور إلى إضعافها وغياب صوتها وقرارها، تماما كما يحدث مع إحدى الدول المشاركة في هذا المحور، وخشيتها من أن ينتج عن هذا الأمر تجاوزها وتجاوز تمثيلها للشعب الفلسطيني فيما يتعلق بقضيته، خاصة في وجود سابقة منذ أشهر قليلة "عشقي"، وفي ظل الحديث عن صفقة القرن، في مقابل تأكيدات قطر المستمرة على تمثيل هذه "القيادة" للشعب الفلسطيني، وكان آخر هذه التأكيدات منذ أيام فقط في بيان صدر عقب حادثة اختراق وكالة الأنباء القطرية.
5- رغبة "القيادة" باستغلال الأمر مستقبلا من أجل أن تقوم قطر بالضغط على الحركة وقادتها المقيمين على أراضيها لتقديم تنازلات لصالح هذه "القيادة".
6- الجنسية القطرية التي تتمتع بها قيادة "القيادة"، إضافة لعدد من الأمور المتعلقة بهذا الأمر والتي لن أتطرق أكثر إليها لأسباب لن أذكرها لا هنا ولا في أي منشور آخر، وأظن معظمكم يعلمها.
7- عدم اتضاح الجهة التي ستميل إليها موازين القوى حتى الآن خاصة مع التسارع الكبير في الأحداث، وعدم نية "القيادة" المغامرة في هذا، ولذلك قد نرى موقفا مغايرا خلال الفترة المقبلة في حال حدوث تطورات تستدعي ذلك، أو حتى في حال حصول "القيادة" على ضمانات معينة.
* في المجمل يمكن اعتبار الموقف الحالي متوازنا بدرجة كبيرة مع أنه يبدو وكأنه ميل لصالح قطر حتى اللحظة، خاصة مع توقع وجود ضغط من قبل محور الدول المقابلة لقطر من أجل اتخاذ موقف مساند لها.