شبكة قدس الإخبارية

نابلس تصدِّر الموت والسرطان لأهالي الباذان

هيئة التحرير

نابلس - خاص قدس الإخبارية: تعاني منطقة الباذان والمناطق المحيطة شمال شرقي نابلس من مكرهة صحية مستمرة منذ ععدة سنوات نتيجة مكب النفايات القائم على مدخل مدينة نابلس من جهة الباذان، والذي تستخدمه بلدية مدينة نابلس لتجميع النفايات تمهيدا لترحيلها للمكب الرئيسي بمحافظة جنين.

أهالي القرية والقرى المحيطة بها باتوا يعانون من مشاكل صحية وبيئية نتيجة الحرق غير المنظم لكميات النفايات التي تصل من المدينة للمكب، خصوصا في الفترة الأخيرة حتى بات أهالي المنطقة لا يستطيعون ممارسة حياتهم اليومية بشكل طبيعي بسبب ما تتركه عمليات الحرق من آثار على الإنسان والأرض والأشجار، حتى بات النظام البيئي في المنطقة بأكملها مهدد بالتسمم.

وبعد ضغوط كبيرة مارسها سكان المنطقة على الجهات الرسمية بمحافظة نابلس، استطاعت الاتفاق مع رئاسة بلدية نابلس المسؤولة عن المكب بضمان المحافظ ومدير شرطة المحافظة على العمل من أجل تنظيم نقل النفايات لهذا المكب بشكل أكبر بما يخفف من المخاطر على أهالي المنطقة ريثما يتم إنشاء مكان بديل بعيد عن التجمات السكنية.

القضية تاريخية

ممثل التحرك الشعبي في منطقة الباذان والقرى المحيطة عصام صلاحات قال لـ"قدس الإخبارية" إن معاناة المنطقة من المخلفات الصحية لمدينة نابلس لا تقتصر على مكب الصيرفي للنفايات، بل بدأت بمياه الصرف الصحي التي يتم فتحها في وادي الباذان منذ عدة سنوات حتى تحولت المنطقة بأكملها لمكرهة صحية يصعب العيش فيها".

وأضاف صلاحات، "منذ عدة سنوات حولت بلدية نابلس مدخل المدينة من جهة الباذان لمكب للنفايات كنقطة تجميع تمهيدا لنقلها للمكب الرئيسي في مدينة جنين، الأمر الذي حول المنطقة لمنطقة منكوبة بيئيا".

وبين صلاحات أن مساعي أهلي البلدة والقرى المحيطة بالباذان لوقف العمل في هذا المكب باءت بالفشل، حتى أصبحوا يدفعون من حياتهم وحياة مزارعهم ثمنا لهذه المكرهة الصحية".

وأوضح صلاحات أن عمال المكب التابعين لشركة الصيرفي بالتعاون مع بلدية نابلس يقومون بشكل غير منتظم بحرق النفايات المتركمة والتي من المفترض أن يتم ترحيلها للمكب الرئيسي في جنين، الأمر الذي يشكل خطرا حقيقيا على حياة الناس ومزروعاتهم وحتى مياه الشرب والري في المنطقة التي تعتبر أحد أهم مصادر المياه الجوفية في فلسطين، نتيجة الأدخنة التي تتصاعد من المكب.

ونوه صلاحات إلى وجود نية لتنظيم فعاليات شعبية للضغط على بلدية نابلس لوقف العمل بهذا المكب وإيجاد حل لعواقب النفايات التي يتم حرقها بين الحين والآخر في المكب، وقال: "لن نرضى بحلول الوسط، حتى لو بلغ الأمر لقطع المياه عن المدينة، وإغلاق الطريق الواصل بين جنين ونابلس، للضغط من أجل إيجاد حل لهذه المشكلة التي تهدد حياة الناس في تلك المنطقة".

مقترحات وحلول

من جهته أشار عماد صلاحات مدير مجلس قروي الباذان إلى أن الاجتماع الذي عقده المجلس القروي اليوم الأربعاء مع رئيس بلدية نابلس عدلي يعيش بحضور المحافظ أكرم الرجوب ومدير شرطة نابلس أفضى إلى الاتفاق على إيجاد حل جذري وعاجل لنقطة التجميع، والعمل على تنظيم العمل في تلك المنطقة لحين إيجاد منطقة بديلة".

وأكد صلاحات في حديث لـ"قدس الإخبارية" على أن الاتفاق الذي تم بضمانة مديرية شرطة المحافظة يشمل ثلاث محاول رئيسية، هي: المحاسبة الفورية والسريعة للمتسببين بأي عملية حرق على مكب الصيرفي وتتحمل الشرطة هذه المسؤولية، والوقف الفوري لأي تجميع عشوائي للنفايات على طريق الصيرفي وتتحمل بلدية نابلس هذه المسؤولية، وفيما يتعلق بنقطة الترحيل تتعهد البلدية بتنظيم عملها بشكل أفضل لحين توفير مكان آخر كنقطة ترحيل بعيدة عن مدخل الباذان ومدخل مدينة نابلس".

وبين صلاحات أن الضرر البيئي الناجم عن هذه النقطة نتج عنه حالات مرض عضال ظهرت بشكل مفاجئ في المنطقة، بالإضافة إلى تحويل أهم منطقة سياحية شمال الضفة الغربية لمكرهة صحية، أصبحت تنفر الزوار الذين كانوا يصلوا لعشرات الآلاف خلال السنوات الماضية.

الآثار والمضار

وحول الأبعاد التاريخية للقضية، أوضح صلاحات بأن المشكلة بدأت عندما تفاجأ أهالي القرية بقيام جهات مستثمرة ببناء مكب للنفايات في المنقطة، بذريعة إنشاء محطة تدوير للنفايات، ليتبين فيما بعد أن المشروع لم يحصل على التراخيص اللازمة، وتحت ضغط أهالي المنطقة جرى وقف العمل في المكب.

وبين صلاحات أنه وبعد عدة شهور من وقف العمل في المكب، استأنفت بلدية نابلس عمليات نقل النفايات للمنطقة وتجميعها بذريعة تجميعها تمهيدا لنقلها للكب الرئيسي في شمال الضفة الغربية والذي يدعى "زهر الفنجان، بالقرب من مدينة جنين".

وتابع: "بدأت هذه النقطة تتوسع، واستمرت عمليات إلقاء النفايات بمختلف أنواعها فيها، حتى تحولت المنطقة لجبل من النفايات وأصبحت عصارة تلك النفايات تسيل نحو الشارع الرئيسي الأمر الذي شكل تهديدا خطيرا على سكان المنطقة، بالإضافة لتحوله إلى منطقة جذب لعشرات بل مئات الخنازير والتي حولت المنطقة لمنطقة منكوبة بسبب ما تقوم به من ترويع للأهالي وتدمير للمزروعات".

وأشار صلاحات إلى أن عمليات التخلص من تلك النفايات تتم بطرق غير صحية وغير قانونية، "فعندما يتم رفض نقل تلك النفايات من قبل إدارة مكب "زهرة الفنجان" في جنين، تبدأ عمليات طمر النفايات وحرقها، الأمر الذي يشكل تهديدا حقيقيا على النظام البيئي بأكمله في المنطقة".

وعن الأضرار الناجمة عن هذا المكب، أشار صلاحات إلى الانتشار المفاجئ لمرض سرطات الرئة في القرية، حيث يتم بشكل شهري الكشف عن العديد من الحالات، نتيجة ما تخلفه المواد المنبعثة من المكب، بالإضافة إلى أن المكب ومخلفاته حول مئات الدونمات من الأراضي الزراعية في المنطقة لمناطق لا تصلح للزراعة، إلى جانب تأثر قطاع السياحة في المنطقة حيث أن المكب والروائح والمواد المنبعثة منه أدت لنفور أعداد كبيرة من المصطافين والذين كانوا يصلون لعشرات الآلاف سنويا".