شبكة قدس الإخبارية

دم الشهيدة ندى يكشف جرائم الاحتلال بحيفا

هيئة التحرير

حيفا المحتلة - خاص قدس الإخبارية: عشرون مترا هي المسافة التي قذفت مركبة إسرائيلية مسرعة بالطفلة ندى ابداح (16عاماً) لتسقط وترتقي شهيدة، قبل أن تتناول الإفطار وصديقاتها، وقبل أن تحتفل بعيد ميلاد إحداهن كما كانت تخطط.

في شارع "ابن جفيرول" الذي يتوسط الحي الشرقي في مدينة حيفا المحتلة، وقفت ندى في 30 أيار، على خط المشاة تراقب المركبات، وتنظر الفرصةالمناسبة لقطعه، إلا أن مستوطناً مسرعاً بسيارته، دهسها قبل أن تكمل خطواتها، ثم لاذ هارباً من المكان.

ندى طالبة متفوقة في مدرسة المتنبي في مدينة حيفا، تعمل بعد انتهاء دوامها المدرسي لتساعد أسرتها البسيطة، لن تعود لمنزلها وقد تركت جرحاً عميقاً في قلب أمها.

شقيق الشهيدة ندى يبين لـ قدس الإخبارية، أن شقيقته كانت تنوي الذهاب لتناول الإفطار برفقة صديقاتها بمنزل إحداهن في الحي الشرقي، ليصل العائلة نبأ تعرضها للدهس ونقلها إلى إحدى المشافي في حيفا، مضيفاً، أن العائلة وما أن وصلت إلى المشفى، تم إعلان استشهاد ندى.

بعد ساعات أعلنت شرطة الاحتلال اعتقال قاتل ندى، وهو مستوطن (65 عاماً) من الحي اليهودي في مدينة حيفا، ليقدم إلى المحكمة الإسرائيلية في اليوم التالي ويجدد توقيفه، دون الكشف عن تفاصيل أخرى.

شارع الموت

الشهيدة ندى ليست أولى ضحايا شارع "ابن جفيرول" الذي شق داخل أقدم أحياء مدينة حيفا، المطل على مينائها، فقد ذهب اثنين من أبناء الحي ضحايا، فيما يعاني (10) آخرين من إعاقات وجروح جراء تعرضهم لحوادث دهس تجاوز عددها (80) حادثاً في ذات الشارع.

وضمن المساعي لتهجير سكان الحي الأصليين والاستيلاء على مبانيه الأثرية القديمة المقامة قبل سقوط حيفا عام1948، شقت بلدية الاحتلال في حيفا عام 2001 وسط الحي شارع "ابن جفيرول" شرقي المدينة، ليصل البلدة التحتا مع منطقة الهدار.

الشارع بات "أوتوستراد" تمر به المركبات بسرعة كبيرة، خاليا من المطبات التي تساعد على تخفيف السرعة، ويفتقر للإشارات المرورية، مصطفى عكاشة، أحد سكان الحي يقول لـ قدس الإخبارية، "نسميه بشارع الموت، عدد كبير من أبناء الحي دهسوا فيه، منهم من توفي ومنهم ما زال يعاني من جروحه (..) طالبنا بوضع مطبات قبل خط المشاة أو تعليق جسور لقطع الشارع إلا أن نداءاتنا لم تسمع".

تقصير عنصري

ويؤكد عكاشة أن الحي الذي يسكنه 300 عائلة فلسطينية، يحيط به شارع العراق القديم وشارع "شومر"، وبات يتوسطة شارع "ابن جفيرول" كشارع رئيسي وسريع، لافتا إلى أن الحي يعاني من الإهمال وضعف الخدمات والتطوير مقارنة مع ما يقدم لأحياء المدينة التي يسكنها غالبية من "الاسرائيليين".

من جانبه، يبين المحامي جهاد أبو ريا لـ قدس الإخبارية، أن بلدية الاحتلال في حيفا تعرض نفسها دولياً على أنها بلد التعايش إلا أن ما يجري على أرض الواقع مختلف تماماً، إذ تمارس يومياً سياسية عنصرية اتجاه السكان العرب في المدينة فتضيق عليهم يومياً من خلال الإهمال المتعمد.

وأضاف أبو ريا بأن فتح شارع سريع بين المنازل العربية يؤكد على سياسة الاستهتار بأرواح الفلسطينيين الذين يسكنون المنطقة، "ضحايا هذا الشارع أطفال عرب تواصل بلدية الاحتلال تجاهل ما يجري، ولكن لو كان ضحاياها إسرائيليين لما مرروه أو أقاموه، ولوضعوا ما يمنع هذه الحوادث، ولكن ما يجرى هو نابع من عنصرية الاحتلال تجاه الفلسطينيين في حيفا".

أهالي الحي يغلقون الشارع

فور إعلان استشهاد ندى، بدأ أهالي الحي بسلسة من الفعاليات الاحتجاجية الغاضبة وأغلقوا الشارع بالمتاريس، المحرر في صحيفة المدينة الصادرة في حيفا رشاد عمري بين لـ قدس الإخبارية، أن الأهالي أَخرجوا أثاث منازلهم وأغلقوا بها الشارع مصرين على أن الشارع لن يفتح إلا بعد ايجاب حل للأهالي ووقف دهس أبنائهم.

ولفت عمري إلى أن منازل أهالي الحي تمتد على طول الشارع، فيما يقع بالجهة المقابلة حديقة للأطفال، ما يشكل خطراً يومياً على أطفال وأبناء الحي، "أهالي الحي ينتظرون كل يوم ضحية جديدة للشارع، كل منهم يعتقد أن أحد أبنائه سيكون الضحية المقبلة، وهو ما فجر غضباً شعبياً قاد لفرضهم إغلاقاً على الشارع".

وأوضح أن يوجد في الشارع إشارة مرورية تبين للسائق سرعة مركبته، ولكن لا يوجد إشارات تحذيرية ليخفف سرعته، إضافة أن الشرطة الإسرائيلية لا تتواجد في المكان، وذلك ضمن سياسة الإهمال التي تفرضها سلطات الاحتلال على أهالي الحي بغرض تهجيرهم عنه.

من جانبه، بين المحامي أبو ريا أن شرطة الاحتلال في حيفا قمعت الأهالي واعتقلت ثلاثة منهم في إغلاقهم الشارع في اليوم الأول، ما دفع الأطفال لإغلاق الشارع في اليوم التالي وخاصة أنهم هم ضحاياه، "الحراك سيتواصل لأنه يهم كل عائلة في الشارع، وخاصة أنهم يعتبروه مصيدة الموت لأطفالهم وهو ما يستدعي حراكاً والتفافاً شعبياً حول أهالي الحي".

ولفت أن أهالي الحي، ناس بسيطة وفقيرة جراء ما يمارس ضدهم من سياسية ممنهجة وموجهة لإفقار الإنسان الفلسطيني وإرهاقه كما يجري في باقي المدن الفلسطينية، مؤكداً على أن الأحزاب والمؤسسات الفلسطينية في الداخل المحتل لم تلتف للحي حتى الآن رغم ما يشهده من حراك.

الشارع وسيلة للتهجير

بلدية الاحتلال في حيفا تمنع أهالي الحي من تطوير منازلهم والبناء عليها وتجديدها، وقد دفع ذلك لإغلاق عددٍ منها، فيما استولى الاحتلال على ما يقارب (60) منزلاً فيها بعد أن باعها في المزاد العلني.

ويؤكد عمري على أن "الإسرائيليين" يطمعون بمباني الحي القديمة وهناك محاولات مكثفة للاستيلاء عليها، بطرق الالتفافية عبر تزوير الأوراق والوثائق، مضيفا أن الأغنياء الإسرائيليين يحاولون الاستثمار بشراء وبيع المنازل في الحي، ويسعون لطرد الفلسطينيين منه وتخصيص الحي لطبقة إسرائيلية معينة.

ويتخوف عمري من سعي الاحتلال لهدم الحي القديم وإقامة مكانه مباني جديدة، ما سيؤدي لطمس هويته.

آمال الجيجيني أحد سكان الحي، طردتها وعائلتها سلطات الاحتلال في 29 أيار من منزل تسكن فيه منذ خمس سنوات، تقول الجيجيني "أكثر من (50) شرطيا إسرائيليا اقتحم منزلنا وأخرجنا بالقوة أنا وأسرتي، دون سابق إنذار، وألقوا ملابسنا وأثاثنا خارج المنزل".

وأشارت الجيجيني إلى محاولات الاحتلال السابقة وعروضهم المالية مقابل الخروج من المنزل، إلا أنهم رفضوا قبل أن يتم طردهم والسيطرة على المنزل، محملة المؤسسات الفلسطينية في حيفا والداخل المحتل المسؤولية الكاملة للوقوف معها واستعادة المنزل.