قل لي بربك من أنت؟ لم تكن طبيعياً أو كالمألوف كما نحن، كنت بطلاً خارقاً، وما زلت حتى أيامنا هذه، فأنت البطل الذي يطاردني ويقتحم أحلامي منذ طفولتي.
اسمك.. شكلك.. حياتك بتفاصيلها كانت أحلامي، كنت أظنك قد أتيت من مكان بعيد، كما كنت أشاهد على التلفاز؛ حين كان يأتي البطل كسرعة الريح، ليزيل الظلم الذي وقع.
قل لي بربك من أنت، ورغم أنني علمت من أنت، إلا أنني في حيرة من أمري فمن أنت، ورغم كل ما سمعته وقرأته عنك إلا أنني إلى الآن لم أعلم من أنت فقل لي بربك من أنت.
وقبل أن أقل لك من أنت فقد قالتها ملاكك الحارس "طفلتك" وروحك، سأٓلٓتْكٓ من أنتٓ يا أبي قل لي من أنتْ، لتسردٓ لها حياتِكٓ وتفاصيلها التي لم تعلمها بعد، ولم نعلمها نحن، كم عشقت تلك التفاصيل ومجرياتها، لم تكن تفاصيلاً عادية، فقد امتلكتٓ الكثير الكثير، امتلكتٓ القوة والمال والعقل والقلب الحنون، لكنك امتلكت شيئاً آخر ميّزك عنا جميعاً ، عشق فلسطين والأقصى والمقدسات، ولم يطغى المال والقوة والجمال الذي تمتلكه على عشقك للوطن.
لقد عشقتٓ الوطن الذي عنه قد هجرت، لكنك عُدْتٓ له للوفاء بالقسم الذي نطقت، فمن مثلك لا يخلف الوعد، من أجل أمك وابن عمك الذي استشهد قد أقسمت بأنْ تجعل عقلك ومالك وقوتك لِما أقسمت، لم تحلف بالمستحيل فقد طبقت ما حلفت.
عندما عُدت من كوريا مُودعاً زوجتك التي لم يُقدّر لها أن تُنجب لك الأطفال الذين تحلم بهم منذ الصغر، لتبحث لك والدتك عن زوجة أخرى فلسطينية الأصل، عائداً وحاملاً معك عشقك لصنع المتفجرات، عائداً للوفاء بما أقسمتْ، لم أتخيل حينها بأنّ عقلاً مثل عقلك يجاوره قلب حنون مثل قلبك، يبحث عن الحنان والدفء والعائلة، عن طفلة تبكي بجوارك طوال الليل حاضنها ماسحاً بكفيك على رأسها، مداعباً لها، محضراً لها الكثير الكثير من الفساتين والملابس، كنت أظنك رجلاً شرساً خالياً من الاحساس بسب قُوّتك المفرطة، لكنك علمت متى تستخدمها وأين ولمن تستخدمها، فعندما ذهبتٓ لمقابلة أحد المدراء الذين تعمل عندهم في الأردن، وكان يٓشْتمُ المدير أحد العاملين عنده، وتجرؤه على الذات الالٰهية انهلتٓ عليه بالضرب حتى كسرتٓ له إحدى فقرات صدره، وأيضاً عندما مرِضت ملاكك الحارس، ذاهباً بها إلى المشفى، لتجد الطريق مغلقاً بسبب شخصين يتلذذان بسبّ الذات الالٰهية ،وأوسعتهما ضرباً، علمت أين تستخدم قوتك وكيف تستخدمها، فوفقك الله.
حملت الأمانة وليست أي أمانة فمن الصعب على أي شخص أن يحملها، فقد حملت أمانة العياش، لتكمل الطريق الذي ابتدأ، لقد كنت رقماً صعباً يواجه الاحتلال، فطنة وذكاء وخبرة عالية، دقة في التصنيع، نمط جديد ومختلف عن ذي قبل، باستخدام اللوحات الإلكترونية، عمليات مزدوجة، تفجيرات متفرقة، كان ردك موجعاً ومزلزلاً على بني صهيون.
لكن الأجمل من هذا هو اختيارك للشهداء، فقد كانت لك خبرة عالية في لغة الجسد، مثلًا المرأة التي طلبت الشهادة، وبعد أن سألتها كثيرا، لماذا تريد الاستشهاد، فأجابت بعد إلحاحك بأنها لم تطق العيش لأنها لم تنجب الأطفال لزوجها، فتريد أن ترحل، كنت تعلمُ جيداً بأن الأمر ليس بالسهل، وأن ما بعد الشهادة إذ لم تكن لوجه الله وفي سبيله فإنها سوف تلقي بصاحبها إلى النار، وعندما انتزعت الحزام عن ذلك الاستشهادي وأوسعته ضرباً، لأنه يريد الشهادة ليتخلص من تلك السمعة التي تطارده أينما ذهب، فقد كان أبوه متخابراً مع الاحتلال، فأراد أن يُطهر سمعته التي قد تشوهت.
إنك لست عادياً أيها البرغوثي إنك بطل خارق، امتلكت الكثير وتحملت الكثير، انني أتحدث عن أطول صاحب حكم في العالم عن البطل الأسير المهندس على الطريق أمير الظل عبد الله البرغوثي، حُكِمٓ عليه بالمؤبد 67مرة، بالإضافة إلى 5200سنة، لمسؤوليته عن مقتل 67 إسرائيلي في سلسلة عمليات نفذها ضد الاحتلال، ومكث في العزل الانفرادي عشر سنوات متتالية.