شبكة قدس الإخبارية

"زيت الطعام" بديلا للمحروقات في غزة.. والنتائج كارثية

إسماعيل عبد الهادي

غزة - خاص قدس الإخبارية: يشتكى أهالي قطاع غزة من انتشار رائحة عوادم السيارات الكريهة في شوارع ومفترقات القطاع, وذلك لاستخدام أصحابها زيت الطعام "السيرج" كبديل عن السولار بعد أزمة نقص المحروقات الواردة إلى القطاع عبر معبر كرم أبو سالم شرق غزة، حيث اضطر إغلاق العديد من محطات البترول لعدة أيام سائقي السيارات, لاستخدام زيت الطعام لاستمرار عملهم كمخرج وحيد أمامهم، خاصة وأن هذه التجربة تم استخدامها في أزمات سابقة, إلا أن استخدام زيت الطعام يخلف روائح كريهة من عوادم السيارات وهو ما أدى إلى تذمر السكان, حيث يوجد في قطاع غزة نحو 65 ألف سيارة حسب وزارة النقل والمواصلات، يعمل نحو 1500 منها بزيت الطعام "السيرج".

وعبّر عدد من السائقين في إحدى مواقف سيارات الأجرة وسط مدينة غزة في أحاديث منفصلة لـ"قدس الإخبارية" عن اضطرارهم لاستخدام زيت الطعام، موضحين أن تلك الأزمة في نقص السولار وصعوبة التوقف عن العمل, دفعتنا لاستخدام زيت  الطعام كبديل عن السولار رغم علمنا الكامل بما يترتب على استخدامنا له من مخاطر إنسانية وأيضا على محركات السيارات، "فهي على المدى البعيد تتلف أجزاء كثيرة من السيارة إلى أن يصل الأمر لإتلافها بشكل كامل".

طرق بديلة

السائق جميل عبد الرحمن لم يجد وسيلة أمامه إلا أن يزود محرك سيارته بزيت القلي بدلاً من السولار، بعد أن نفد السولار من سيارته، وبعد فشله على مدار أسبوع في الحصول على سولار بعد إغلاق عدة محطات أبوابها بسبب توقف دخول السولار، حسب ما يقول أصحاب تلك المحطات, وأن الأعياد اليهودية الأخيرة التي استمرت لعدة أيام خلقت أزمة داخل القطاع مما أجبر على استخدام زيت القلي لجمع قوت يومه.

وتابع جميل حديثه لـ"قدس الإخبارية": "لدي عائلة مكونة من 8 أفراد ويحتاجون إلى مصاريف يومية توفرها السيارة التي أعمل بها لهم", لافتاً إلى أن سيارته هي المصدر الوحيد لدخل العائلة وإن توقف عن العمل لن يجدوا الطعام.

 ويكمل، "الأوضاع في قطاع غزة كارثية، فالعمل كسائق على الخط بالنسبة لي وللمئات هو الباب الوحيد للرزق بسبب قلة فرص العمل وانتشار البطالة والفقر لنسب عالية جدا".

أما السائق سعيد جابر فيرى أن نقص السولار دفعه إلى استخدام زيت القلي بدلاً من السولار, مدركاً الخطورة التي قد تنتج عن استخدام زيت القلي سواء من تعطل الماتور أو انفجارها في أية لحظة.

معرباً عن أسفه لاحتكار بعض محطات الوقود للوضع, وزيادة الأسعار على السائقين.

وأضاف، أنه حاول جاهدا لتفادى العمل بزيت الطعام لكن صعوبة الحصول والوضع المعيشي يجبره إلى اتخاذ كافة الخطوات من أجل الحصول على لقمة العيش فإن كل يوم يمر دون العمل وجلب الرزق من السيارة يؤثر سلبا على عائلته حيث أن مصروف عائلته الوحيد ما تجلبه السيارة من رزق يومي فقط فبذلك يجبر على تحريك السيارة بكافة الطرق

وطالب جابر المسؤولين في غزة بالوقوف عند مسؤولياتهم من خلال ملاحقة المحتكرين ممن يخلقون الأزمات بهدف جلب الأموال وإيقاع أقصى العقوبات بهم ليكونوا عبرة لغيرهم إضافة إلى الحضور إلى محطات البترول بشكل مستمر لإفساح المجال للسائقين لنيل حصص من المحروقات بعيدا عن الاحتكار والابتزاز الذي يقوم به أصحاب تلك المحطات اتجاه الأهالي.

يرفض استخدامه

من جانبه عبر السائق عبد الله كلاب لـ"قدس الإخبارية" عن رفضه التام للعمل بزيت الطعام "السيرج" لتحريك مولد سيارته, وأضاف كلاب، "أرفض بشكل تام العمل بزيت الطعام لعدة أسباب منها العمل بزيت الطعام يتلف أجزاء كبيرة داخل السيارة وهى أجزاء مهمة ومكلفة حيال تصليحها, فبهذا يدفع السائق ما أنتجه خلال عمله على زيت الطعام, على تصليح سياراته إن نفع ذلك، حيث أن العديد من السيارات تعطلت بشكل كامل نتيجة تلفها, والجزء الأخر والذي يقتضي من السائق أخذه بعين الاعتبار مراعاة حقوق الناس المارة في الطرقات حيث أن احتراق زيت الطعام ينتج غازات سامه ذات رائحة كريهة جدا لا تطاق وتؤثر بشكل كبير على المواطنين وخاصة الأطفال بالدرجة الأولى لذلك أضع مخافة الله في رزقي.

استياء الركاب

وعبر أحد ركاب سيارات الأجرة أبو كامل عن استيائه من الرائحة الكريهة داخل وخارج السيارات التي تعمل على الخط  مستغرباً من هذا الحال الذي وصل إليه أهالي القطاع وخاصة أن القطاع لديه ما يكفيه من تلوث هوائي بفعل كثرة السيارات والازدحام السكاني فالشخص ليس بوسعه تحمل هكذا تلوث خطير على الصحة.

 وأعرب أبو كامل عن أمله في أن تنتهي أزمة الوقود سريعاً لكي تنظف الأجواء من الرائحة التي تؤثر بالتأكيد على المزاج العام, مضيفاً "إننا نقدر حاجة السائقين في سلوكهم لاستخدام زيت الطعام كبديل مؤقت ولكن في حال توفر السولار يجب عدم العمل بزيت الطعام".

مكاره صحية

من جهته يوضح دكتور الأمراض الصدرية أحمد كساب أن "استخدام زيت الطعام في السيارات يتسبب بتكوين غازات ضارة بالإنسان التي إذا استنشقها الإنسان تعرضه إلى عدة مشاكل صحية منها تهيج والتهابات الشعب الهوائية".

وبين إلى أن هناك الكثير من الحالات سجلت في انتشار مرض التهاب الشعب الهوائية الحاد بين عشرات المواطنين الذين يأتون إلى المستشفيات أو على العيادة الخاصة نتيجة تلوث الهواء وزيت الطعام من الملوثات الرئيسية لهذا ومن ناحية أخرى تعتبر هذه الغازات مواد قد تسبب مرض السرطان، حيث أنها تنتج عن احتراق زيت الطعام وهو مادة هيدروكربونية.

وأضاف كساب" في حديثه لـ"قدس الإخبارية" أن "استخدام زيت الطعام كبديل للوقود ينذر بكارثة صحية وبيئية خطيرة على مواطني قطاع غزة، فمن المعروف علمياً أنه يمنع استخدام زيت الطعام في القلي أكثر من مرتين متعاقبتين، لأن كثرة استخدام الزيت وتسخينه مرة أخرى يؤدي إلى تكسر الزيت وينتج عن هذه العملية مواد مسرطنة، إضافة إلى أن عملية تسخين الزيت لدرجة الغليان (350 درجة) ينتج عنها مركبات هيدروكربونية لذلك يمنع تناولها عن طريق الجهاز الهضمي، ولكن الذي يحدث الآن خلال الأزمة الحالية للوقود هو أننا ندخلها لجسم الإنسان بواسطة الجهاز التنفسي أي عن طريق استنشاق الغازات والمواد المنبعثة من المركبات".