الخليل - خاص قدس الإخبارية: في زقاق البلدة القديمة في الخليل معالم تروي ماضيها وعراقتها وتشبثها بالمكان رغم محاولات تهويدها المستمرة من قبل الاحتلال الإسرائيلي، عند زيارتك المكان ستجد الحرف والصناعات التي تحاكي ماضيها بمجدها، معصرة قنيبي إحدى الحرف التقليدية التي لا تزال معالمها شاهدة على وجودها برغم توقف العمل بها منذ فترة بعيدة .
تعود بدايات معصرة قنيبي لعام 1300 مـ في العصر المملوكي مع وجود أكثر من 30 معصرة تغذي البلدة القديمة في تلك الفترة واستمر العمل بها الى سبعينيات القرن الماضي في نقطة تحول من المعاصر التقليدية الى المعاصر التي تعمل على المولدات الكهربائية وكان لظهور الزيوت المهدرجة أثر كبير في توقف العمل بها، فكان زيت السمسم هو العنصر الأساسي في استخدامات الطعام في تلك الفترة .
يقول "هشام مرقة" المشرف على المعصرة: "كانت عملية الإنتاج تمر بمراحل تقليدية كثيرة تحتاج الى وقت وجهد والإنتاج متفاوت بقدر العمل، فالطاحونة هي العنصر الأساسي في الإنتاج، ويتم نقع السمسم بالماء والملح في أحواض كبيرة وبعد هذه العملية يتم غسله بالماء وثم تجفيفه وبعدها ينقل الى التحميص في مكان خاص وتكون الحرارة بدرجة عالية.
ويضيف، "بعد تحميص السمسم ينقل الى طاحونة كبيرة مكونة من حجرين بحيث تستخدم الجمال في عملية الطحن لصعوبة دوران الحجر، وذلك عن طريق حبال متماسكة في الطاحونة ويتناثر السمسم المهروس نحو حواف الطاحونة وبعدها يخرج بشكله النهائي عبر فتحة أسفل الطاحونة، بالقرب منها يوجد حوض آخر كبير لهرس السمسم واستخراج الزيت منه وعمل "الكسبة" "والحلويات"، وفي الجانب الآخر من الأحواض يوجد بئر صغير ذو فتحه صغيره يتم تجميع زيت السمسم فيه والاحتفاظ به لفترات.
واستخدم سكان الخليل زيت السمسم في الطعام والعلاج واستخراج "الكسبة" وهي مادة تستخرج بعد عصر السمسم كبقايا اللب وتؤكل بعد خلطها بالسكر.
ويقول صاحب مصنع شاور والذي يعمل في الحرفة: "إن الصناعة موروثة عن الأجداد وتاريخها شاهد على ذلك بالمكان والاسم العريق والحرف التقليدية بسيطة، وتحتاج إلى جهد بحيث يكون الإنتاج فيها بنسب قليلة بالنسبة لما ننتجه اليوم ففي الماضي كان إنتاج الطاحونة 200 كيلوا تقريبا، ـما اليوم ننتج ثلاثة أطنان من السمسم بوقت قصير وذلك مع ظهور الكهرباء انتقلنا إلى الماكينات الحديثة التي سهلت علينا الكثير من الوقت.
وأوضح مدير لجنة إعمار البلدة القديمة عماد حمدان: "واجهتنا صعوبات أثناء البدء في ترميم المعصرة وذلك نظرا لتوقفها عن العمل منذ فترة بعيدة، ووجود الردم الهائل، والذي منع الوصول الى داخل المعصرة، بالإضافة إلى إجراءات الاحتلال التي كانت عائقا في هذه العملية، حيث بدأت اللجنة عام 2015 العمل على ترميمها وجعلها مسارا للسياح والزائرين.
وأكد على مواصلة اللجنة العمل للحفاظ على معالم البلدة برغم من الصعوبات التي تواجههم أثناء القيام بأعمالهم بسبب مضايقات الاحتلال بشكل يومي حيث سجلت حالات اعتقال موظفين تابعين للجنة أكثر من مرة.
وأضاف أن اللجنة تعمل منذ21 عاما حتى اللحظة على ترميم المباني وإعادة تأهيل البنية التحتية في البلدة القديمة، وقد عملت على ترميم 1300 منشأة، "حيث نعول على القطاع السياحي لإحياء البلدة القديمة والذي قادنا الى ترميم الكثير من المواقع التاريخية لاستخدامها كمواقع سياحية ومن ضمنها المعاصر والتكايا والحمام التركي والزوايا والحديقة العامة والمسجد الإبراهيمي ومواقف للسيارات والحافلات ووحدات صحية والعمل على إيجاد خرائط وبروشرات لهذه المواقع وإقامة فندق سياحي وذلك من أجل خلق مسار سياحي في البلدة وتنشيط الحركة فيها".