شبكة قدس الإخبارية

غزة تصنع أثداء صناعية لمصابات السرطان

هاجر حرب

غزة - خاص قدس الإخبارية: في عينيها أزهرت الورود وغنت ألف أغنية للفرح، هكذا بدت هناء شحادة (56 عاماً)، التي  أصيبت قبل تسع سنوات بسرطان الثدي، حينما ارتدت لأول مرة ثديين صناعيين، فوجدت أنهما استطاعا تعويضها عن آلامٍ نفسية وجسدية صاحبتها طوال سنوات عديدة، بعد إجرائها عملية استئصال للثدي.

الثدي الجديد الذي شكل علامة فارقه بالنسبة لهناء وغيرها من السيدات المصابات بمرض السرطان، كان نتاجاً لفكرة طرقت لأول مرة عقل مديرة مؤسسة العون والأمل لرعاية مرضى السرطان إيمان شنن التي أصيبت بالمرض ذاته واضطرت لإجراء عملية استئصال للثدي.

وتقول مسئولة ملف المرضى في مؤسسة العون والأمل إيناس خضر لـ"قدس الإخبارية"، إن فكرة المشروع الأساسية تقوم على استخدام مواد أوليةٍ كالقطن والقماش، وجزء صغير  من مادة السيلكون المباعة لدى محال فساتين العرائس.

"لجئنا إلى فكرة صناعة الأثداء من مواد خام متوفرة في الأسواق ليست لها أضرار صحية كتلك المباعة في محلات بيع المستلزمات الصحية، علاوة على  التكلفة العالية لتلك الأثداء والتي يصل ثمنها إلى نحو مائتي دولار"، تضيف خضر.

هناء التي لم تكتف بالاستفادة من هذا النوع الجديد من الأثداء الصناعية فحسب، بل عكفت على تعلم حياكته وانخرطت بالعمل برفقة زميلات أخريات لتوزيعه على المصابات بسرطان الثدي، وعن أول مرة ارتدته فيه تقول، "كنا في زيارة للجمعية وتلقينا ورش تدريبية لكيفية حياكته، وعندما تمكنا في نهاية التدريب من صناعة عدد لا بأس به، قمنا جميعاً بارتدائه وكحالة جنونية تشابكت أيدينا وقمنا نرقص وكأننا عدنا للحياة من جديد".

ولفتت هناء لـ"قدس الإخبارية"، أن "هذا النوع الجديد من الأثداء المصنعة بأيادي السيدات المصابات، لا يمثل عبئاً عليهن، لخفة وزنه، وسلاسة استخدامه".

غادة السلوت (38 عامًا) وهي أم لثلاثة أبناء، واحدة من اللواتي أفادهن مشروع حياكة الأثداء الصناعية، ليس فقط على المستوى الاقتصادي من خلال المشاركة في حياكته، بل بارتدائه، تقول لـ"قدس الإخبارية" إن تغيرات جذرية طرأت في حياتها بعدما استلمته، مشيرة إلى أنه ساعدها في كسر حاجز الخوف والخجل من مواجهة نفسها والآخرين، لا سيما في المناسبات التي تتطلب ارتداء ملابس معينة.

وأضافت السلوت، "منذ إجرائي لعملية الاستئصال لم أتمكن من مواجهة النساء الأخريات اللواتي ينظرن إلى بعضهن نظرة شفقة، تحديداً أولئك اللواتي لم يعانين من المرض، لدرجة أنني كنت أحرص كثيراً على ارتداء غطاء رأس طويل يمكنه إخفاء جزء أكبر من الصدر، كي لا أضع نفسي في موقف محرج، ومع ذلك كان الشعور الدائم بالحرج يتملكني".

وتوضح السلوت لـ"قدس الإخبارية" أن استلامها لهذا النوع الجديد من الأثداء والذي يلائم طبيعة وحجم جسد كل امرأة من المصابات، لم ينعكس إيجاباً عليها فحسب، بل على زوجها الذي كان يتألم كثيراً نفسياً كلما شاهدها على هذه الحالة، حسب تعبيرها.

إيناس خضر تؤكد أن هذا المشروع يعد الأول في الشرق الأوسط الذي يقدم للنساء أثداءً ليس لها أضراراً صحية، حتى أن هناك توجهات بنقل التجربة إلى نساء أخريات في دولٍ عربية، لكن الأمر بحاجة لمزيد من التشجيع والتمويل، ودعم للفكرة.

ولفتت إلى أن التجربة الأولى للمشروع في غزة، بدأت بنقل الأمل من سيدة إلى أخرى، حتى السيدات اللواتي لا يجدن مهارة الحياكة، بتن قادرات على المساهمة في إنتاج عددٍ منها عبر حشو الأقمشة، وتنظيمها وترتيبها، فيما تقوم أخريات بتسليمها للمستفيدات وتوزيعها بشكل مجاني.

سلوى نسمان(49 عامًا) والتي اضطرت بعد رحلة علاج طويل لاستئصال أحد ثدييها، تقول إن المشروع مثل بارقة أمل لكثيرات، هي واحدة منهن، فطوال خمس سنوات مضت هي عمر إصابتها بمرض السرطان، لا زالت تواجه الألم النفسي ذاته كلما وقفت أمام المرآة، حسبما أفادت لـ"قدس الإخبارية".

ولم تنكر كذلك أن استفادتها من المشروع، مكنها من تجاوز كثير من المواقف المحرجة والأزمات النفسية، التي تؤرقها بصورة شبه يومية.

يشار إلى آخر إحصائية لوزارة الصحة تفيد بأن نحو 15000 مريض بالسرطان في غزة، 50%منهم من السيدات، يقف سرطان الثدي على رأس قائمة أنواع السرطان التي انتشرت بشكل لافت خلال الأعوام القليلة الماضية.