دائما يأتي من خلف كل ثائر يرتقي، ثائر بنفس الصفات وربما أصرم، يحرجنا يشوقنا يجعلنا ننتفض يقوينا يعذبنا برحيله.
هو باسل لم يلتق به الأغلب ولكنهم حاوروه بعقولهم وفكرهم المنتفض، التقوا به في أحضان الكتب التي تركها موشحه بدمائه، حيث تركها تعانق رصاصاته التي اشتبك بها مع العدو وكأنه يريد أن يقول لنا "يجب على بنادقكم أن تكون مثقفة لا مرخصة" فإن كانت مثقفة لن تخذل القضية.
نعم يا باسل فهي كما أنت لم تخذل القضية، وهل لها أن تفعل ذلك وأنت حاملها؟... بالطبع "لا" ، فتلك السمراء المثقفة بقيت واقفة في زاوية الاشتباك يجاورها ذلك الحذاء الذي هو أفضل وأجمل وأشرف من كل رؤوس عرابي الطغيان وملوك ورؤوس الظلم في هذا العالم المتآمر عليك، الصامت على رحيلك.
أنت لم تحتاج لهم فهم عاجزون، لم تنظر إليهم فهم غافلون، لم تحاسبهم فهم جبناء، فقط كنت تسير نحو الهدف نحو القضية نحو الاشتباك نحو الكتاب الثوري نحو التضحيه دون أي مقابل دون أي شخص فقط "لوحدك"، ولكنك لم تكن لوحدك، لقد كنت تعيش مع الفكر المشبع بالثورية والتضحية والانسانية، لم تكن لوحدك فكانت السمراء ترتحل معك إلى كل مكان ذهبت.
اليوم ومن بعد رحيل روحك الطاهرة يصارع كل منا نفسه ونسأل دونما إجابه، نكتب دونما فائدة، نبحث دونما نتيجة.
فأين كنت يا باسل؟ وأين كان الآخرون؟!
لقد سبقت الجميع وهزمت عقولهم بكلماتك العظيمة التي تركتها لنا، فجعلتنا لا نمر عن صورة لك أو حتى اسمك الباسل الثائر دون أن نقف ونؤدي لك التحية، تحية عسكرية لا يؤديها إلا من عرف معاني كلماتك، معاني لا نجدها بالمعاجم بل رأيناها مترجمة في صور الاشتباك .
نم قرير العين يا باسل فكنت كما أردت لك كل المجد، ولنا وصيتك وكلماتك نهتدي بها على درب التحرير، تحرير الأرض والإنسان، وسيبقى نهجك الثوري حاضراً، فلا بد للثائر القادم أن يجده دربا له، فكنت الثائر قبل الأخير، والأول حكمةً وثقافة وثورية.
عش كالنيص وقاتل كالبرغوث ___المقاومة جدوى مستمرة