رام الله- خاص قُدس الإخبارية: منذ سنوات، تتواصل أعمال استخراج الاحتلال للنفط والغاز يوميًا من حقل "مجد5" المقام على أراضي بلدة رنتيس غرب رام الله، وسط الضفة الغربية المحتلة، في الوقت الذي يتابع أهلها ذلك دون معرفة ماذا يخبئ المستقبل لقريتهم.
في العام 2011، بدأ العمل بالحقل النفطي، وبقى أهالي البلدة يعتمدون في معلوماتهم حول الموضوع على ما رّشّح من وسائل الاعلام الإسرائيلية، في ظلّ غياب أي تواصل رسمي من قبل الحكومة أو من يمثلها مع أهالي القرية حول الموضوع.
من جهته، قال رئيس مجلس قروي رنتيس مؤيد عودة لـ قُدس الإخبارية، إن الحكومة الفلسطينية لم تطلع البلدة عما يجري فيها من أعمال لاستخراج النفط منذ بدء العمل قبل سنوات، مشيرًا إلى أن محاولات عديدة من المجلس القروي جرت للاستيضاح من وزارات الحكم المحلي والاقتصاد والأشغال لكن دون جدوى.
على الجانب الآخر، لا يأخذ سكان القرية التصريحات المتعاقبة لمسؤولي الحكومة الفلسطينية حول خطوات التنقيب عن النفط واستخراجه على محمل الجد، لقناعتهم أن الاحتلال الإسرائيلي لن يسمح بذلك لأن غالبية الأراضي تقع في المنطقة المصنفة (ج)"، بحسب عودة.
بشكلٍ عام، فان أهالي رنتيس يعتقدون أن التعديل الذي حصل في مسار الحدود مع الأراضي المحتلة، في العام 2004 مرتبطٌ بما اكتشف لاحقًا من أن المنطقة غنيّة بالنفط، ويمتد الجدار بطول 4كم في أراضي رنتيس المحاذية لحدود عام 1967.
الأهالي بين المخاوف والأمل
ويتشارك العديد من أهالي القرية حتى أصحاب الأرض التي يقام عليها البئر الحالي بشعورهم بعدم وضوح الأمور إزاء ما يحدث، إذ يرى محمد أبو سليم "أن فُرص قيام السلطة بتنفيذ ما أعلنت عنه من مشاريع للتنقيب عن النفط والغاز ضعيفة، مفسرًا ذلك بأن الاحتلال لن يمنح التراخيص اللازمة لذلك.
وأضاف في حديثه لـ قُدس الإخبارية، أن 70% من أرضهم في المنطقة مصادرة قبل عام 1948 بما فيها موقع "بئر مجد 5" الحالي، حيث يتخوّف السكان على أراضيهم القريبة من الحقل النفطي لما قد يترتب عليها من عمليات الحفر واستخراج النفط والغاز من قبل سلطات الاحتلال.
وتصل مخاوف سليم صبيح أحد أصحاب الأراضي القريبة من بئر "مجد5" حد مصادرة أرضه المزروعة بأشجار الزيتون، ويقول صبيح الذي يتملك مع أقاربه حوالي 20 دونم في المنطقة، "إن الاحتلال لن يتردد بالاستلاء على هذه الأراضي في أية لحظة لاسيّما مع وجود النفط في المنطقة "ج" بالرغم من أنها أراض مسجلة".
وبالرغم من المخاوف الموجودة، إلا أن آمال السكان تتلخص باقامة مشاريع تنموية للقرية وتحسين البنية التحية كإنارة شوارعها وتعبيد طرق فضلا عن منح القرية نسبة من فرص العمل في حال تم البدء بشكل حقيقي باستخراج النفط والغاز، ويرى الأهالي بالاكتشاف النفطي حق وطني على مستوى الوطن وحق لابد من أن ينعكس بالخير على القرية.
وعقّب الصحفي الفلسطيني جهاد الرنتيسي المقيم في الأردن، على الأمر بالقول "إن ظهور الثروات الطبيعية في رنتيس يفترض أنه أمر مبشر بالخير، ومن الطبيعي أن ينعكس مثل هذا التطور على حياة أهالي القرية، مضيفًا أن جملة من الإشاعات ترد لأهالي القرية من المغتربين حول عروض لبيع الأراضي في ظروف تثير علامات استفهام"
وأضاف الرنتيسي لـقُدس الإخبارية، أنه من المتوقع أن ترتفع ارتفاع أسعار الأراضي في الفترة المقبلة إذا ما كان هناك خطوات عملية لاستخراج النفط من أي جهة كانت، مطالبًا السكان بالحذر والتريث في البيع حتى تتضح الصورة"
ويملك سكان قرية رنتيس التي يقدر عدد سكانها بـ"3000 نسمة الأراضي التي أقيم عليها بئر "مجد 5"، ويحملون أرواقا رسمية بملكية الأراضي، وكان الاحتلال قد صادر في العام 1948 مايزيد عن 20 الف دونم من مساحة رنتيس، وبعد احتلال عام 1967 استولى على مايزيد من 2000 دونم منها.
70 مليار$ قيمة نفط الضفة
معلومات مهمّة يكشفها خبير النظم الجغرافية ومستشار وزير الأشغال السابق عبد الله عبد الله، حيث أوضح أن خطوات جديّة صاحبت طرح الحكومة عطاءات للمباشرة بالتنقيب واستخراج النفط والغاز قبل عامين.
وفي التفاصيل الفنية، أوضح عبد الله أن وثائق العطاءات الأساسية في حينها خصصت بندًا لاسئجار الأراضي التي ستقام عليها عمليات الحفر مع دفع تعويضات مالية لأصحاب الأراضي التي قد يلحق بها أي ضرار جراء الحفر والتنقيب، موضحًا أن "85% من الحقل النفطي المكتشف هو في حدود الضفة الغربية بمساحة تقدر بـ650كم2، والتوقعات في الحد الأدنى كانت تؤشر على وجود 1.5 مليار برميل نفط و182 قدم مكعب من الغاز بقميه تصل حاليا مع تراجع أسعار النفط لـ70 مليار دولار"
الاحتلال يسعى لسرقتها
نوايا مبيّتة بالسرقة، تظهرها طريقة الحفر التي يستخدمها الاحتلال، إذ كشف عبد الله عن معلوماتٍ كان قد حصل عليها إلى أن حفر البئر "مجد 5" تم بعملية ـفقية للوصول لكميات من النفط والغاز تتواجد أسفل أراضي رنتيس الواقعة في حدود عام 1967"
وفي معرض الحديث ذاته، قالت شركة "جفعات عولام" الإسرائيلية التي تعمل في بئر "مجد5" إن معدل الاستخراج اليوم من البئر يصل لـ(800) برميل وتعلن عبر موقعها الإلكتروني أنها بصدد البدء بتشغيل بئر "مجد6" في ذات المنطقة وتخطط لإقامة بئر "مجد8" أيضًا.
ويتطلب الوصول لاستخراج النفط والغاز، الحفر على عمق 4800 مترًا أسفل الأرض في بئر مجد "5" ، كما اكتشف في المكان أيضًا بئر ماء جوفي، وتحظى شركة "جفعات عولام" الاسرائيلية، بحقوق امتياز حصرية لاستمرار عمليات التنقيب واستخراج النفط والغاز، حتى عام 2032 قابلة للتجديد.
وكانت الحكومة الفلسطينية أعلنت عام 2014 طرح عطاء للتنقيب عن النفط والغاز، ووقعت وزارة الاقتصاد اتفاقًا مع صندوق الاستثمار لتطوير حقل النفط في "رنتيس"، توقّع حينها الصندوق أن تبلغ إيرادات الحكومة أكثر من 70% من عوائد المشروع مع الإشارة لمستوى المخاطر المتعلقة بمشروع تطوير البترول في الضفة، خاصةً أنها في المنطقة المصنفة "ج".
ما بين إعلانات الاحتلال والحكومة الفلسطينية وتصريحاتهم حول حقل نفط "رنتيس" يبقى أهالي البلدة حائرين بين الأمل والمخاوف من أن تستولي سلطات الاحتلال على أراضيهم المجاورة والسيطرة على المشروع في ظلّ عدم توضيح الحكومة الفلسطينية لتفاصيل خطواتها بهذا الشأن واستمرار الشركات الاسرائيلية في التصريح بالعمل عليه.