شبكة قدس الإخبارية

فتح وحماس ... كسرتونا ولم تكسروا عظم بعض

نائلة خليل

نابلس اليوم لخصت كل شيء، قالت ما لا يجرؤ سياسيو فتح وحماس قوله لكنهم يمارسونه يوميا إنها لعبة كسر العظم التي لم تكسر سوانا نحن الفلسطينيين.

في نابلس اليوم رفرفت مئات بل آلاف من الأعلام الصفراء والخضراء ولم أر علما فلسطينيا واحدا يوحد برب هذا الوطن المنكوب، آلاف الشبان والصبايا رددوا الهتافات الحزبية لفتح وحماس كأسوء ما يكون الإخلاص للحزب السياسي على حساب الوطن، لكن للأمانة سمعت هتافا واحدا فقط كان يقول "عيساوي عيساوي" ربما لأن بطولة سامر أخجلتهم جميعا فصائل واحزاب وقادة.

لأول مرة منذ الإنقسام أرى هذا الكم الهائل من الأعلام الخضراء في نابلس، الكتلة الإسلامية بشبابها وفتياتها خرجوا من جامعة النجاح يحتفلون وسط نابلس رغم أنهم لم يفوزوا، لكن هتافاتهم وتكبيرهم كان يوحي انهم حسموا مقاعد مجلس طلبة جامعة النجاح الوطنية لصالحهم مع أن الواقع يقول أن عشرة مقاعد تفصلهم عن حركة فتح الفائز اللدود.

أحد شباب الكتلة قال لي:" منذ ست سنوات لم ندخل أية إنتخابات لمجلس الطلبة، وهم يعملون بجد - أي فتح - كل عام، ما انجزناه يعتبر نصرا مؤزرا". وابتسمت عند سماعي بالنصر المؤزر فنحن نعرفه فقط في معارك حماس فتح ضد بعضهما البعض وليس ضد أحد أخر لا سمح الله، فليس لدينا أعداء.

الكتلة الإسلامية كعادتها كانت منظمة ومرتبة فهي الطالب النجيب في مدرسة الإخوان المسلمين الاكثر تنظيما في العالم العربي، مئات الشباب يتقدمون يحملون الرايات الخضراء ثم بفارق مسافة قصيرة كانت فتيات الكتلة الإسلامية بجلابيهن وغطاء الرأس الأبيض، بعد التكبير والتهليل والهتافات الإسلامية، كان لا بد من بعض الهتافات السياسية المتحدية على غير العادة منذ سنوات، لكن نشوة الفرح تبيح التحدي، على مسمع ومرأى من عشرات رجال الامن صرخ شباب الكتلة وفتياتها بصوت واحد" يا مندوب صوّر صوّر .. ابن الكتلة وجه منوّر" و" مش خايفين .. مش خايفين".

بعد نحو نصف ساعة بدأت الرايات الصفراء بالظهور في موكب كبير يفوق الكتلة عدة وعديدا، يسبقهم زخات من الرصاص .. رصاص يكفي لكسب معركة .. لكن بما انه سلاح حركة فتح أي أنه السلاح الشرعي ولا يوجد مشكلة عند الامن الذي كان يراقب او عند المحافظ، إذن كل ما علينا فعله هو الإبتعاد عن شبابيك العمارات واسطحها حتى لا ترمينا رصاصة صديقة من فتحاوي يحتفل بكسر عظم حمساوي في إنتخابات مجلس طلبة النجاح.

بمجرد ظهور موكب الرايات الصفراء، تحرك شباب الكتلة ووضعوا دروعا بشرية وحواجز خشبية تمنع إختلاط موكب الفتيات الكتلة بطوفان الرايات الصفراء القادم من أعلى شارع غرناطة، للحظة تظن ان ما تراه مشهدا من فيلم "غزوة الخندق" ... الرايات الصفر تقترب ... الرايات الخضر تصرخ وتهتف أكثر واكثر .. أحدهم يصعد على المسجد الذي بُني على دوار المدينة ويصرخ بكلام غير مفهوم دون سماعة أو ميكروفون .. ثم يصرخ أحدهم بالفتيات" يا أخواتنا خلص" لتتفرق الفتيات بلمح البصر .. دقائق أخرى معدودة كان شباب الكتلة يطوون الأعلام والرايات بهدوء ويختفون تاركين دوار نابلس وشوارعها للرايات الصفراء التي استبدلت الهتافات بأزيز الرصاص المدوي.

أقسم .. ولست اسخر هنا ... أنني كنت حزينة على سرب من الطيور كان يعبر سماء المدينة ما ذنبهم أن يطحن الرصاص عظامهم في عرس كسر العظم بين فتح وحماس.

اصدقائي من الطرفين شكوا لي ببراءة عن اموال يوزعها الطرف الآخر لشراء الأصوات، أموال أرصدة هواتف وطعام، أجبتهم مازحة:" يجب أن نطلب من الرئيس ان يسن قرار بقانون يمنع غسل الاموال وشراء الذمم وقت إنتخابات الجامعات، وإلا فالويل لنا من خبرتكم في أية إنتخابات محلية او تشريعية او رئاسية قادمة".

في اكبر جامعات الضفة الغربية بنابلس اليوم كلاهما فتح وحماس كانا يستعرضان تقارب قوتهما في الشارع الفلسطيني، منذ الإنقسام وكل واحد منهما يوجه للآخر ركلات تحت الحزام أو فوقه لا يهم، لأن مشهد اليوم في نابلس يستدعي مشهد إنطلاقة فتح في غزة مطلع العام، ويلخص الامر: لم يكسر أحد منهما عظم الآخر لكنهم كسروا فلسطين وكسرونا أيضا.