"أنا وأخوي بناكل من نفس الأكل و بنام بنفس الغرفة بس أنا فتح وهو حماس" هذا ما قاله لي أحد طلاب جامعة بيرزيت ليقنعني بأن أصوت لحزبه، في تلك اللحظة وقفت عاجزة أمام تلك الكلمات، لكن فيما بعد تراود في ذهني بعض الأسئلة التي من الصعب الإجابة عليها...
قلت لنفسي لو أنني سألته إذما حدثت حرب أهلية بين حركتي فتح و حماس و اضطررت لأن تحمل السلاح بوجه أخيك هل تقبل أو حتى هل تقوم باعتقاله؟ لو أنني سألته حينها أي القنوات تتابعون، أليس هذا بحد ذاته من أعظم المظاهر التي يتجلى فيها الانقسام "انقسام الأخوة".
في تلك الليلة وضعت رأسي على المخدة لعلني أجد حلا لهذا الصراع. طبعا ليس الصراع الفلسطيني، بل صراع عقلي الذي انقسم إلى نصفين ما بين مؤيد و معارض، أحدهما يريد التصويت لحركة فتح و الآخر يريد التصويت لحماس، ولكن جانب حماس يطغى أكثر، وذلك لأنها تستثير عواطفنا بالحديث عن المقاومة وعن شدة معارضتها للتنسيق الأمني، فأنا عندما أقف أمام هذه الكلمات لا أستطيع إلا أن أفكر بأني سأخسر وطنيتي وإنتمائي إذا ما قمت بانتخاب من يؤيد هذا التنسيق.
لم أجد حلا.. كأنها دوامة وتأخذ معها كل شيء، أفكاري و مبادئي، قررت بأن أرتب أفكاري وأرجع للسبب الرئيسي وراء هذا الانقسام، الذي زادت حدته بعد عام 2007 عندما تم تشكيل سلطتين في كل من الضفة الغربية وقطاع غزة، وخاصة بعد فوز حركة حماس بانتخابات عام 2006 واشتداد الأزمة بين كلا الطرفين، ثم رجعت قليلا للوراء.
هل يعقل أن أضع اللوم على أوسلو لكن كل الأطراف التي وقعت على هذه الاتفاقية يتحملون المسؤولية، أم هل أحمل حركة فتح المسؤولية التي لم توفر أي فرصة لاعتقال أحد من كوادر حماس ومؤيديها حتى يومنا هذا، أم هل أحمل حماس التي ترفض جميع الخيوط التي تمد إليها خوفا من أن تتهم بالخيانة كما رفضت على توقيع الورقة المصرية وغيرها من الاتفاقيات؟
أم هل أحمل بقية الفصائل التي لا تحرك ساكنا تجاه هذا الانقسام، ولا تبذل أي مجهود يذكر للإصلاح بين الحركتين، و اكتفائهم بالنظر من بعيد وتعليق جميع الأخطاء على هذين الفصيلين.
بالنهاية توصلت لفكرة أن على كلا الطرفين التنازل قليلا من أجل حل هذا الصراع الذي يسميه البعض بـ"صراع الأخوة"،وعليهما الكف عن الاعتقالات السياسية، والخطابات التحريضية ضد بعضهما البعض، وعلى حركة فتح أن تعالج الانقسام الحاصل داخلها، ثم تعالج المشكلة مع الحركة الأخرى، وعلى حركة حماس الكف عن ممارساتها بقطاع غزة اعطاء حركة فتح الحرية الكاملة خاصة بالانتخابات القادمة، مع أنني لا أتوقع أن يقوموا بهذه التنازلات.