شبكة قدس الإخبارية

كي لا ننقسم أمام "أحمد مناصرة"

أحمد شحادة

لا نختلف جميعًا على إحساس القهر الذي نعيشه تجاه ما يحدث للأسرى وخصوصًا حالة أحمد مناصرة، وقد نسمع آراء كثيرة في مسألة تحمل الطفل للدور التاريخي بالتحرير أم لا، لطالما كنت معجبًا بأطفال "الأربي جي" في لبنان وأطفال فيتنام في المساعدة على نصب الكمائن وأطفال كوبا في نقل السلاح.

ولكن ما لا نختلف عليه أن ما يحدث هو صهرٌ للوعي الفلسطيني بمعنى جعل فكرة المقاومة مكلفة جدًا كتخريب وهدم واعتقال وأحكام فلكية بالسجن لمن يفكر بالمقاومة، وبالطبع هذه الاستراتيجية ليست جديدة وإنما تعود الى عام 2001 في ذروة الانتفاضة الثانية وهذه الاستراتيجية هي السبب في أن يخرج منا من يقول: "بماذا يفيد الحجر وبماذا يفيد الطعن وماذا كان نتيجة إطلاق االنار على الحاجز الفلاني؟!"، كل هذه التساؤلات الفقيرة وما شابهها هي ناتجة عن الخوف من دفع الثمن، ولا تستطيع أن تلوم الخائف (خلي بالك).

الحكم الذي صدر بحق مناصرة ليس له ولم يكن لحظة له، هو لنا جميعًا، هو لأن تفكر 100 مرة قبل أن تمسك حجرًا وتقذفه نحو دورية احتلال، فكرة دفع الثمن بحد ذاتها يجب أن تكون داخل عقلك منذ البدابة عندما تقرر الانتفاض، لا يمكن لك أن تقرر المقاومة وأن تتوقع سيناريو هوليوديًا في مسيرتك.

نحن لا نبكي على من يقوم بعمل مقاوم في حال استشهد أو اعتقل، نحن نعيش نظرية الصدمة! الصدمة التي تسبب شللًا عقليًا، الصدمة التي تمر في 5 مراحل تبدأ بالرفض المطلق وتنتهي بالتعايش مع الواقع! هذا ما يريده الاحتلال لنا أن نعيشه المرحلة الاخيرة من الصدمة!

ان استبدال مفاهيم الوعي الفلسطيني التحررية ساعد جدًا في ترسيخ فكرة أن المقاومة مكلّفة؛ فاستبدلت الثورة في الخطاب الفلسطيني بالسلطة، والنضال بسيادة القانون، والكفاح المسلح بفرض الأمن وفوضى السلاح، هذه الشعارات وغيرها لا تطرح في سياق خطاب حركة التحرر التي تناضل ضد الإحتلال، وإنما تطرح لتغييبها وتغييب القيم التي من المفترض أن يتم اشتقاقها منها كونها الهدف الأساسي، هذا هو نفسه الوعي الذي يبكي وسيبكي دائمًا ولن يتعدى دوره البكاء لما يحدث.

قد أكون مخطئًا في تقديري للأمور ولكن ما حدث لأحمد قد حدث وتوقفوا فعليًا عن البكاء عليه، الثمن الذي دفعه أحمد كان نتيجة عمل كان الممكن أن ينتهي به إلى الاستشهاد، وأنا متيقن أن معظمكم كان يتمنى له الشهادة على أن يقضي ثلث عمره في السجن، والقسم الآخر كان يتمنى لو أنه لم يخرج شاهرًا سكينه، تصوروا لو أن انطباعاتكم تصل لأحمد الآن! قد ينهار وقد يقدم ما لا تطيقونه في سبيل تغيير واقعه، توقفوا عن البكاء.

يقول هوشي منه: "عندما تبدأ بعد ضحاياك فقد خسرت المعركة"