شبكة قدس الإخبارية

دحلان يغازل حماس وعينه على الرئاسة

نجلاء فتحي السكافي

غزة - خاص قدس الإخبارية: تشهد الساحة الفلسطينية مؤخرًا أحداثًا متسارعة، تجلّت بعودة ظهور القيادي المفصول من حركة "فتح"، محمد دحلان إعلاميًا وسياسيًا، في صورة يفسرها البعض بنيته الترشح لانتخابات رئاسة السلطة الفلسطينية - إن جرت -.

وتبادل دحلان المغازلات الإعلامية مع حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، في ظل احتدام الصراع السياسية بينه وبين الرئيس محمود عباس، فيما اجتمع الرئيس عباس مع قياديّ حركة "حماس" على طاولة "غداء عمل" دون أن يثمر ذلك شيئًا، حسب تصريحات "حماس".

تجاذب سياسي

دحلان غازل "حماس" عبر منابر إعلامية عدة منها تصريحاته الأولى من نوعها لوكالة معًا الإخبارية في الثلاثين من تشرين أول الماضي، قائلًا إنه "كان على فتح تقبل نتائج الانتخابات التشريعية عام 2006، وتسليم الحكم لحماس التي جاءت بها الإرادة الشعبية"، موضحًا أنه كان يدعو علانيةً وعلى رؤوس الأشهاد إلى فوز حماس، وحديثه أثناء لقائه على فضائية "دريم المصرية" في الثالث والعشرين من تشرين أول المنصرم مُلمِحًا أن التقارب مع "حماس" هو الحل لكل مشاكل قطاع غزة.

وفضلًا عن مساعيه التي تظهر واقعيًا في التقرب من "حماس" التي تحكم قطاع غزة، من خلال تقديم مساعدات إنسانية لأهالي القطاع، والتدخل أحيانًا لفتح معبر رفح البري من خلال علاقاته مع مصر التي يقيم فيها هذه الفترة، إضافة إلى حضور زوجته "جليلة دحلان" بقوة في المشهد الإغاثي لقطاع غزة مؤخرًا وتقديمها المساعدات على مرأى الجميع.

ورغم ذلك فقد نفى دحلان أيّة تقارب بينه وبين "حماس" خلال مقابلة معه على قناة "BBC عربي"، في الثالث والعشرين من تشرين أول الماضي، قائلًا: "بيننا وبين حماس الكثير من المشاكل والخلافات"، ووصف الغزل السياسي الذي يتقارب به إلى حماس بأنه "مجرد وهم".

في المقابل، فإن المستشار السابق لرئيس وزراء الحكومة العاشرة "حكومة إسماعيل هنية" أحمد يوسف، كتب مقالًا يصف به حال محمد دحلان، وجاء فيه: "دحلان لن يغيب عن المشهد السياسي، ومن يصطفون حوله من الشباب يتزايدون بشكل ملفتٍ للنظر"، وقال أيضًا: "إن الأشهر القادمة ستشهد حضورًا أوسع لأنشطة دحلان وجليلة، ولن يُشكل هذا صدمة للكثيرين؛ لأن كل خياراتنا هي في اتجاه التفريج عن معاناة شعبنا، فأهلاً لكل من بيده تقديم الدعم والمساعدة لأهلنا في القطاع"، مبررًا حديثه بجملة "السياسة مصالح".

من جهته نفى الناطق باسم حركة "حماس" عبد اللطيف القانوع في اتصال هاتفي مع "قدس الاخبارية" أن يكون هناك أي تقارب بين حركته ومحمد دحلان، بقوله: "لا يوجد أي علاقة أو اتصالات بين حماس ودحلان، حماس لا تمارس الغزل السياسي مع أحد وهي ليس لها علاقة لا من قريب ولامن بعيد بما يتم اشاعته من هذه المفرقعات الاعلامية".

وعن لقاء رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس برئيس المكتب السياسي لحركة "حماس" خالد مشعل، ونائبه إسماعيل هنية في التاسع والعشرين من تشرين أول الماضي في العاصمة القطرية الدوحة، قال القانوع إنه مجرد لقاء لتناول طعام الغداء، مبينًا أنه لا يوجد تقارب بين الطرفين بقوله: "عباس لم يقدم شيء ولا يوجد في جعبته ما هو جديد وهو أصرّ في ذلك اللقاء على مواقفه السابقة".

وفي السياق، قال القيادي في حركة الجهاد الإسلامي خضر حبيب، أن حركته مع ترتيب البيت الفلسطيني باعتبار أمر ترتيبه في هذه الفترة الحرجة أصبح "ضرورة"، مبينًا "أن هذا الأمر لن يأتي إلا من خلال الحوار الوطني الشامل والتوافق الوطني".

وبسؤاله عن إمكانية دعم حركته لدحلان أجاب: "إذا كان دحلان أو غيره يقترب من برنامجنا الوطني بكل تأكيد سيكون بيننا وبينه تعاون وتنسيق"، مبينًا أن برنامجهم يؤكد بشكل أساسي على تأييد مقاومة شعبنا الفلسطيني للاحتلال والتوافق على أن الشعب لا زال في مرحلة تحرر وطني.

وأوضح حبيب لمراسلة "قدس الإخبارية" أن حركة الجهاد تحترم خيار الشعب الفلسطيني كيفما كان "سنحترم خيار الشعب بالشخص الذي يريده ويختاره ويعبر عن إرادته"، مشيرًا إلى حرص حركته على أن تكون قريبة من كل مكونات الشعب الفلسطيني قائلًا: "نحن لسنا خصوم أو أعداء مع أحد، إننا حركة تحرر وطني ومن صالحنا تجسيد وحدة شعبنا الفلسطيني وجمع الأنصار لا تكوين الأعداء".

من تحت الطاولة

من جانبه، أفاد المحلل السياسي الفلسطيني د. عبد الستار قاسم لـ "قدس الإخبارية" أن المصالح بين الأطراف السياسية الفلسطينية تتجلى تحت شعار "مرقلي لمرقلك"، واصفًا اياها بقوله: "وافق على شغلي وأنا سأوافق على شغلك، والكعكة مقسومة وكل واحد يأخذ نصيبه".

وأوضح أن حركة الجهاد الاسلامي ليس لها علاقة في هذه "الطبخة" السياسية، مشيرًا إلى أنها ليست معنية لا بالانقسامات ولا الخلافات، وقال: "الأطراف السياسية غير مكترثة بالوحدة الوطنية الفلسطينية" معللًا ذلك بقوله: "الوحدة قد تتغذى على مصالح الكثير من الناس وهم لا يريدون ذلك".

وعن تقارب محمد دحلان من الحركات الإسلامية، قال قاسم "إن هناك تقارب وغزل من تحت الطاولة، لكن لم نلمس تحالف حتى الآن يُمكن أن يُوحِد سياسات"، مشيرًا إلى ضرورة أن يتوقع الجميع دائمًا تحولات في مواقف الفصائل الفلسطينية لأنه لا يوجد على الساحة الفلسطينية أصحاب مبادئ يتمسكون بقيمهم وبالثوابت الفلسطينية، بحسب رأيه.

وعللّ نفي "حماس" وجود تقارب بينها وبين "دحلان" بأن الأمر يعود إلى أن إعلانها عن ذلك سيخسرها جزء كبير من شعبيتها، مبينًا أن الكثير من أبناء الشعب الفلسطيني لا ينظرون بارتياح إلى دحلان والكثير من الناس سيستاؤون من هذا الأمر إذا كان حقيقة.

وعن الفرضية التي تتحدث حول إمكانية أن يعمل "دحلان" على تحويل معبر رفح البري إلى معبر تجاري يخدم بذلك مصالح "حماس" الاقتصادية في غزة ومصر، تِبعًا لما صرّحت به مصادر خاصلة لـ "قدس الإخبارية" حول ترتيبات جارية لسفر 100 رجل أعمال من قطاع غزة إلى مصر في بدايات شهر تشرين ثاني الجاري، لعقد مؤتمر يناقش أفكار تجارية لتسهيل التبادل التجاري بين القطاع ومصر وحركة تنقل البضائع والتجار على معبر رفح.

حول الفرضية السابقة بتدخل دحلان في ذلك المؤتمر وتحويل معبر رفح لمعبر تجاري قال د. عبد الستار قاسم "معبر رفح خاضع لإسرائيل لا دحلان ولا غيره يستطيع حلّ هذه المسألة، وإسرائيل لن تسمح بفتح معبر رفح كما يريد الفلسطينيون لأنها ترى في ذلك خطرًا أمنيًا عليها". منوّهًا إلى أن مصر ليست الجهة التي تتحكم في معبر رفح لأن المعبر يوجد في المنطقة الشمالية من سيناء، وهي منطقة الحكم الذاتي المصري، الذي تُمنع فيه مصر من ممارستها سيادتها عليها، حسب قوله.

وتابع قاسم حديثه لـ "قدس الإخبارية"، "إن الجيش المصري موجود الآن في شمال سيناء لكن وجوده يأتي بإذن من إسرائيل، ومصر لا تستطيع أن تفتح المعبر كما نريد نحن الفلسطينيون إلا اذا وافقت إسرائيل على ذلك وإسرائيل لن توافق"، موضحًا أن الاحتلال لن يسمح بتحويل معبر رفح البري إلى معبر تجاري فهو بحاجة إلى جهة تأتمر بأمره وتقوم بتفتيش الشاحنات والبضائع، وفق تعبيره.

وأشار قاسم إلى أن الوقائع تشير إلى وجود حمة في الساحة الغربية والساحة العربية حول من يخلف الرئيس عباس، مبينًا أنهم إلى هذه اللحظة لم يجدوا شخص يناسبهم ويسير وفق ارادتهم هم وليس وفق إرادة الشعب الفلسطيني ليتسلم رئاسة السلطة الفلسطينية بعد محمود عباس.

وحول ما كشف عنه الصحفي الإسرائيلي "إيلي خومسكي" عن تسجيلٍ لحوار أجراه مع وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة هيلاري كلينتون في الخامس من سبتمبر/ أيلول 2006، الذي أدلت به إبان عضويتها في مجلس الشيوخ الأمريكي حيث اعتبرت فيه الانتخابات الفلسطينية خطأ فادحًا، مشيرةً إلى أنه كان على واشنطن تحديد الجهة التي ستفوز بها، أكد قاسم أن الاحتلال يحاول كما تحاول أمريكا البحث عن بديل لعباس يناسبه هو من خلال محاولاته اللعب بالساحة الفلسطينية عن طريق رفع أسهم فلان وخفض أسهم آخر.

واستبعد قاسم أن يستطيع محمد دحلان الفوز بالانتخابات؛ معللًا ذلك بأن أوراقه محروقة بالنسبة للشارع الفلسطيني، "دحلان كان رئيس للأمن الوقائي الفلسطيني وهذا الجهاز ينسق أمنيًا مع اسرائيل يعني الرجل ليست صفحته بيضاء فضلًا عن أن فتح لا تجمع عليه فإذا انقسمت فتح في التصويت يعني هذا أن أي شخص آخر يمكن أن يفوز".

وأشار إلى أن مساعي دحلان تخدمه والدول العربية والرباعية العربية التي تدعمه، مبينًا أن الأمر على قوته لا يكفي ليفوز بالانتخابات، قائلًا: "يمكن لدحلان أن يستمد قوة احتمالية فوزه من مواقفه السياسية تجاه إسرائيل فهو يقبل بالاتفاقيات معها ويقبل بالتنسيق الأمني مع الاحتلال، ويقبل في مقاومة المقاومة، وتجريد الشعب الفلسطيني من السلاح فهذا ما تريده اسرائيل هو أن تنصب شخص ينفذ مخططاتها تجاه الشعب الفلسطيني".

وقال قاسم لـ "قدس الاخبارية": "لا أظن أن هناك انتخابات، والصراع الداخلي لن يتوقف، لأن المخيمات والقرى والمدن في الضفة الغربية مليئة بالسلاح غير المنضبط، وبالتالي يمكن أن نتوقع اشتباكات في أي لحظة واذا هدأت في بعض الأحيان لا يعني أنها ستهدأ كل الأحيان"، مشيرًا إلى أن الجو ما زال مناسبًا لصراعات داخلية مسلحة.