شبكة قدس الإخبارية

غزة الميلاد

رشا حرز الله
سجن مجدو كما هو، بجدرانه وأسلاكه الشائكة، الجنود والحراس بأعتى أسلحتهم، كاميرات المراقبة المنتشرة في كل مكان، لكنهم بدوا أكثر شراسة من ذي قبل، قسوة مطلقة صراخ وشتائم طالت الصغير والكبير، رغم ذلك الأهل نسوا كل هذا لمجرد تلاقت عيناهم بأعين أولادهم.

هذه القسوة ظهرت نتائجها على وجوه الأسرى، اليوم ليسوا كما في كل مرة، ضحكاتهم شبه غائبة، وجوههم مصفرة، اشتكوا من تعامل إدارة السجن، كما لاحظت على أجساد بعضهم وجود فطريات لكن شقيقي محمد اختصر كل الكلام قال لي: "بطلت أشوفك على تلفزيون فلسطين في الفعاليات مسحولنا معظم المحطات".
محمد الذي يصادف اليوم 14 آب يوم ميلاده الـ22، وهو الذي لم يكن يكترث به أبدا خارج السجن ولا داخله، لكنني قررت مسبقا بالاتفاق مع بعض أمهات الأسرى، أن نخلق فرحا كبير بوقت قصير داخل غرفة الزيارة، ليس من أجل شقيقي فحسب بل محاولة لإدخال شيئا من البهجة لهم جميعا.
انتهت مدة الزيارة، تجمعت أمهات الأسرى، وبدأن بالتصفيق وغناء أغنيه عيد الميلاد لمحمد، رغم وجود الزجاج العازل للصوت، الأسرى غنوا من وراء الزجاج، ونحن من أمامه "لاهم سمعوا ما قلنا، ولا نحن سمعنا ماقالوا"، ذهلت المجندة وجن جنونها، بدأت بالصراخ لكن اصوات الغناء كانت أعلى، هي تصرخ والأمهات مستمرات بالغناء وتقديم التهاني لمحمد، هكذا نحن نحب الفرح رغم كبر ما نشعر به من ألم.
يبدو أن غزة اوجعتهم أيضا، هذه المجندة سألت شقيقه أسير، هل انت حامل أجابتها لا، فما كان من المجندة إلا أن قال:" انتو فلسطينية بتحبوا تخلفوا ولاد وتبعتوهم على غزة" اجابتها شقيقة الأسير: "ومالو انا رح أجيب توأم وأبتعتهم على غزة"، بالطبع هذا الجواب لم يرق للمجندة لكنه بالطبع أضحكنا جميعا.