شبكة قدس الإخبارية

انتخابات نقابة الصحفيين.. تجاوزات ومخالفات وعضويات لضباط وعناصر أمنية

التقاط.JPG
هيئة التحرير

رام الله- خاص قدس الإخبارية: يطفو على السطح هذه الأيام ملف نقابة الصحفيين الفلسطينيين وتحديدًا ما يخص الكشف النهائي الخاص بأعضاء الجسم النقابي للصحفيين مع تحديد موعد 24 و25 مايو/ أيار المقبل لإجراء الانتخابات للمرة الأولى منذ عام 2012.

ويعتبر ملف العضويات أحد الملفات "الساخنة" فيما يخص الجسم النقابي للصحفيين نتيجة للارتفاع الكبير وغير المسبوق في عدد الأعضاء مقارنة مع العدد السابق الذي شارك في المؤتمر العام سنة 2012، فمن أصل 1000 عضو تقريبا شارك منهم نحو 800 في انتخاب مجلس النقابة، وصل عدد أفراد الجسم حاليا إلى 2622 عضوا.

وبحسب معلومات وبيانات رصدتها "شبكة قدس" فإن عددًا لا بأس به من الأسماء الواردة في كشف أسماء الجمعية العمومية ضمن الإعلان الصادر عن النقابة ليسوا صحفيين مزاولين للمهنة إضافة إلى كون عدد منهم محسوب على المؤسسة الأمنية الفلسطينية في الضفة المحتلة بالإضافة لموظفين مفرغين على مؤسسات مدنية وأفراد أجهزة أمنية أو عاملين في جامعة الاستقلال برام الله.

اللافت أيضا أن النظام الداخلي الذي تم إقراره في المؤتمر الاستثنائي في 29 يناير/ كانون الماضي والذي شهد مقاطعة من بعض الكتل الصحفية والحراك الصحفي، يسعى لإعادة إنتاج الشكل الحالي للنقابة وإن كان ببعض الوجوه المختلفة، علاوة على أن الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان "ديوان المظالم" لم تقم بإصدار تقريرها النهائي عن هذا المؤتمر الاستثنائي حتى لحظة صدور هذا التقرير.

في الوقت ذاته، فقد شهدت لجنة العضويات حضورا دائمًا لممثل عن الهيئة كعضو مراقب ضمن اللجنة إلى جانب أعضاء من مؤسسات حقوقية وممثلين عن نقابة المحامين، إلا أن ذلك لم يمنع تسرب أسماء لموظفين في السلطة والتوجيه السياسي وجهاز الأمن الوقائي وجامعة الاستقلال إلى السجل النهائي للعضويات.

في حين أن الكشف النهائي شهد قيام لجنة العضويات ونقابة الصحفيين الحالية بنشر الأسماء فقط دون نشر تفاصيل متعلقة بالمدينة أو الوسيلة الإعلامية التي يتبع لها الصحفي، وهو ما رأت فيه بعض الأطر الصحفية محاولة لتمرير مئات الأسماء من غير الصحفيين.

وإلى جانب ذلك، فقد تم إدراج جميع أسماء العاملين في أقسام الإعلام والعلاقات العامة في مؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية في عضوية نقابة الصحفيين الفلسطينيين على الرغم من أن بعضهم لا يمارسون مهنة الصحافة ويعملون داخل هذه المؤسسات في مواقع وظيفية مختلفة.

في الوقت ذاته، فإن بعض الأسماء الواردة في الكشف النهائي لم تقم بتجديد العضوية أو تطلب ذلك، علاوة على قيام النقابة بإسقاط عضوية عدد من أعضاء الجسم النقابي للصحفيين بذريعة عدم تجديد اشتراكاتهم بالرغم من أن هذا الأمر لا يسقط العضوية عملا بالنظام الداخلي الحالي أو الذي تم تعديله.

ووفق معلومات وصلت إلى "شبكة قدس" فإن الأمين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين أحمد سعدات وشخصيات داخل الجبهة طالبوا بدراسة المشاركة في انتخابات نقابة الصحفيين المقبلة وإمكانية المقاطعة في ظل الانزعاج من سلوك النقابة فيما يخص ملف العضويات والانزعاج مما حصل فيه.

إسقاط عضويات.. أسباب وذرائع 

الصحفي جعفر صدقة قامت نقابة الصحفيين الفلسطينيين بإسقاط عضويته تحت ذريعة عدم تجديده للاشتراك على الرغم من  أنه مسدد للاشتراك حتى تاريخ 31 ديسمبر 2022، وسبق وأن تكرر الأمر عدة مرات فيما يخص التأخر في سداد الاشتراك دون أن يؤدي ذلك إلى إسقاط عضويته سابقا.

ويقول صدقة لـ "شبكة قدس" إن ما يجري حاليا فيما يخص نقابة الصحفيين يعبر عن الحالة القائمة في البلاد ككل وليس فقط الجسم النقابي للصحفيين، لا سيما مع وجود حالة من التحشيد فيما يخص هذا الإطار لإنجاز عملية انتخابية بطابع معين تعزز من الحالة القائمة.

ويضيف: "ما حصل معي كان مفاجئا خصوصا أن عملية التجديد للعضوية شهدت جمع البيانات مني أنا وجميع زملائي العاملين في وكالة الأنباء الفلسطينية وفا إلا أن جميعهم حصلوا على العضوية والبطاقة وأنا لم تصلني بطاقتي تحت ذريعة عدم تسديد الرسوم بالرغم من أن بقية زملائي لم يسددوا الاشتراك".

مخالفات وغطاء من الهيئة المستقلة..

 من جانبها، تقول الصحفية وعضو حراك الصحفيين الفلسطينيين نائلة خليل إن الهيئة المستقلة تتحمل مسؤولية كبيرة بشأن ما يجري حاليًا بداية من محاولتها تمرير المشهد الانتخابي بشكله الحالي، إضافة إلى مقترح المؤتمر الاستثنائي الذي تقدمت به كورقة نجاة للنقابة بواقعها الحالي، علاوة عن ملف العضويات، إضافة إلى مساندتها للمؤتمر الاستثنائي حسب ما قال أكثر من عضو في الأمانة العامة لنقابة الصحفيين، وتجاوز النقابة عن نقاط نظام كانت الهيئة قد أكدت عليها في بيانها بتاريخ 26 يناير الماضي، مرورا بعدم إصدار تقرير حول مجريات المؤتمر الاستثنائي المليء بالعيوب القانونية الجسيمة، إلى ملف العضويات التي شارك أحد موظفي الهيئة في الرقابة عليه وانتهى الأمر بوجود مئات الأسماء التي لا تعتاش من الصحافة وهو شرط العضوية الأول والأساسي.

وتضيف خليل لـ "شبكة قدس" أن عدة مخالفات موجود وقائمة في ملف العضويات من أبرزها الحضور الأمني للعاملين في المؤسسات الرسمية، إلى جانب القفزة المهولة في أعداد السجل النهائي لكشف العضويات، بالإضافة إلى غياب أسماء المؤسسات التي يعمل بها المدرجين في الكشف والمدينة التي يقومون بها حتى لا يتم البحث عنهم والتأكد من هويتهم غير الصحفية.

لكن اللافت بحسب خليل هو قيام أحد أعضاء الأمانة العامة لنقابة الصحفيين باستخدام أسماء مزورة من أجل تنفيذ الطعن على بعض الأسماء، وعدم رد النقيب المكلف ناصر أبو بكر والأمانة العامة ولجنة الانتخابات على الشكوى المقدمة من الزميلين اللذين تم استخدام أسماؤهما بالتزوير حتى اللحظة، بل إن النقيب المكلف نفى الواقعة بشكل تام رغم شكاوى الزميلين. 

وترى أن عملية الطعن غير منطقية باعتبار أنها تتم بإشراف من النقابة وجسمها الحالي إذ أن ما يحصل هو عبارة عن شكوى النقابة لنفسها، عدا عن انسحاب بعض الشخصيات من عضوية لجنة الانتخابات المركزية للنقابة إضافة لوجود بعضها خارج البلاد.

وبحسب الصحفية خليل فإن "النقابة قامت بكتابة وصولات استلام رسوم الاشتراك السنوي للصحفيين والدفع عنهم بعد انتهاء المدة، حيث لا توجد رقابة على هذا الأمر، فالنقابة تملك دفتر الوصولات وتدفع لمن ترغب بالوقت الذي تريده كما أكد لنا العديد من الزملاء والشخصيات التي لا تعمل في الصحافة على حد سواء".

 أسماء لا علاقة لها بالمهنة.. 

من جانبه، يؤكد عضو حراك الصحفيين محمد الأطرش أن كشف العضويات بالتدقيق الأولي الذي نشرته نقابة الصحفيين فإن هناك مئات الأسماء التي لا تعمل في مهنة الإعلام، بالإضافة إلى استبعاد بعض الأسماء بالرغم من تقديمها طعونات على الكشف النهائي.

ويوضح الأطرش لـ "شبكة قدس" أن طريقة النشر لكشف العضويات شهدت مخالفة واضحة تمثلت في إخفاء اسم المؤسسة التي ينتمي لها أعضاء النقابة إلى جانب تاريخ الانتساب لنقابة الصحفيين وهو ما يعكس الإشكالية الواضحة فيما يتعلق بملف العضويات.

ووفق عضو حراك الصحفيين؛ فإن عملية التدقيق التي جرت لكشف الأسماء تظهر أن بعض الأعضاء كان يعملون في مهنة الصحافة قبل عشرين عامًا وتركوا المهنة وباتوا يعملون في مهن مختلفة، سواء في الداخل المحتل كعمال أو يمتلكون شركات خاصة.

ويشير إلى أن هناك بعض الأسماء التي وضعت في الكشف وتم تجديد عضويتهم دون علمهم، وعندما تمت مراجعتهم أبلغوا بعدم قيامهم بأي إجراء لتجديد العضويات، وبالتالي فإن ما يحصل هو عملية هندسة للأسماء بطريقة تضمن تصويت الأسماء لصالح قائمة بعينها.

ويلفت الأطرش إلى أن بعض الأسماء الواردة في الكشف هي لأفراد ينتمون للمؤسسة الأمنية من ضمنهم ضابط في جهاز الأمن الوقائي وشخص مفرغ على جهاز الأمن الوطني ويعمل في مؤسسة مدنية من خلال تفريغه من المؤسسة الأمنية على هذه المؤسسة وهو أصلاً غير صحفي.

ويشدد على أن الانتخابات المقبلة ورغم الطموح الكبير بأن تجري إلا أن ما حصل من خلال عقد المؤتمر الاستثنائي مرورًا ببعض الإجراءات يجعلها تعيد إنتاج جسم النقابة الحالي بطريقة مخالفة للأنظمة والقوانين دون أي تغيير حقيقي في طريقة إدارتها.

ويلفت إلى أن انتخابات عام 2012 ستكون أكثر ديمقراطية من حيث البيئة الانتخابية ومن ناحية ظروف الانتخاب عما ستبدو عليه انتخابات عام 2023، فرغم الإشكاليات الكبيرة التي حصلت في الانتخابات السابقة إلا أنها ستكون أقل خطورة من الانتخابات المقبلة.

أما عن البدائل، فيعلق الأطرش بالقول: "لا بديل عن نقابة الصحفيين إلا إصلاح نقابة الصحفيين، مع ضرورة أن يكون هناك موقف موحد، من الفصائل الوطنية والمؤسسات المختلفة من الصحفيين أنفسهم باتجاه إصلاحات جوهرية داخل نقابة الصحفيين". 

ملاحظات ومآخذ على العمل.. 

في هذا السياق، يقول أمين سر نقابة الصحفيين الفلسطينيين المستقيل حسام عز الدين إن النقابة قطعت خلال الفترة من 2010 إلى 2015 شوطًا طويلاً من حيث ترتيب ملف العضوية والبحث فيه بشكل مهني وسليم إلى درجة كبيرة خاصة وأن آخر انتخابات جرت كانت عام 2012.

ويضيف عز الدين الذي استقال من منصبه عام 2018 لـ "شبكة قدس" أن ما يجري اليوم من ناحية ارتفاع أعداد الهيئة العامة لنقابة الصحفيين هو أمر سيء حيث إن هناك ارتفاعا في عدد أعضاء الهيئة بشكل فظيع فالانتخابات التي جرت عام 2012 كان هناك حوالي 1000 صحفي في قطاع غزة والضفة الغربية يحق لهم الانتخاب، فيما 812 صحفيا فقط شاركوا في عملية الاقتراع.

ويواصل بالقول: "الصادم هو أن عدد أعضاء الهيئة العامة وصل إلى 2622 عضوا وهو عدد كبير جدًا في ظل مقاطعة الكثير من الجهات والكتل الصحفية للانتخابات بالأساس، وهو يوحي بأن التوجه للانتخابات هو توجه سياسي أكثر من كونه مهنيا إضافة إلى أنه لا يوجد 2622 صحفيا يعملون في فلسطين في الضفة الغربية وقطاع غزة".

ويشير إلى أنه تفاجأ بإسقاط اسمه من عضوية الهيئة العامة لنقابة الصحفيين الفلسطينيين في الدورة الحالية والكشف النهائي الصادر عن النقابة، تحت ذريعة عدم تجديد الاشتراك وهو أمر ليس سببًا لأن يتم إسقاط عضوية أي صحفي في الهيئة العامة خصوصًا أن عام 2023 لم ينته بعد.

ويعتقد أن الزيادة الكبيرة في عدد أعضاء الهيئة العامة للنقابة هدفها التحشيد السياسي وهي عملية قفز للوراء والعودة إلى مربع الانتخابات السياسية والبحث عن انتصارات وهمية، وهذه الانتخابات ستكون أكثر سوءاً من انتخابات عام 2012.

ويؤكد أمين سر نقابة الصحفيين الفلسطينيين المستقيل، أن هناك قفزة في عدد أعضاء الهيئة العامة بنحو يصل إلى 250% وهو ما يعكس الحشد باتجاه لون سياسي بعينه بهدف تحقيق مكسب سياسي معين، وجميع الزيادة الحاصلة هي تحشيد سياسي من لون معين يتمثل في حركة فتح.

كتلة الصحفي بغزة تعقب..

من جانبه، يقول رئيس كتلة الصحفي الفلسطيني في غزة المحسوبة على حركة حماس، عماد زقوت، إن الأمانة العامة لنقابة الصحفيين والقائمين على النقابة ما زالوا يتعاملون مع الجسم الصحفي من خلال مهزلة "الانتخابات" ومحاولة القيام بعمل "مسرحي" بعد المؤتمر الاستثنائي الذي جرى من خلاله استثناء عدد كبير من الصحفيين وعدد كبير من الكتل الصحفية. 

ويوضح زقوت لـ "شبكة قدس" أن الكتلة سبق وأن حذرت من أن الانتخابات المقبلة ستكرر التجارب السابقة وسيبقى الحال على ما هو عليه في ظل وجود فصائل فلسطينية داعمة ومتحالفة مع الإطار الحالي الذي يقود نقابة الصحفيين الفلسطينيين ممثلاً بالجبهتين الشعبية والديمقراطية.

ويحمل رئيس كتلة الصحفي الفلسطيني الجبهتين الشعبية والديمقراطية المسؤولية عما يحصل في نقابة الصحفيين بشكلها الحالي نتيجة توفير ما أسماه "غطاء" لحركة فتح للاستمرار في شكل النقابة الحالي بالرغم من الحديث في أكثر من مرة بضرورة إجراء انتخابات تشارك فيها كل الكتل الصحفية وتعمل على ترتيب العضويات وترتيب ما يتعلق بملف الانتخابات.

الهيئة المستقلة ترد 

من جانبه، يقول مدير عام الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان "ديوان المظالم" عمار الدويك إن أي شخص لديه شكوى فعليه التوجه إلى نقابة الصحفيين والتقدم بطعون أمام اللجان الموجودة.

وينفي الدويك في حديثه لـ "شبكة قدس" علاقة الهيئة بكشوفات العضوية باعتبارها مهمة نقابة الصحفيين، كون المؤسسة ليس لها أي دور تنفيذي في إدارة العملية الانتخابية، إلى جانب أن دور الهيئة المستقلة هو دور رقابي سيتم القيام به بالشراكة مع عدد من المؤسسات الأهلية الفلسطينية.

ويضيف: "نحن باشرنا دورنا الرقابي على انتخابات نقابة الصحفيين الفلسطينيين وسنعلن النتائج في الوقت الذي نراه مناسبًا إما أثناء العملية الانتخابية أو بعدها، أما فيما يخص سجل العضوية فالدعوة موجهة لأي شخص للتظلم لدى النقابة وفي حال عدم النظر في الطعن بإمكانه تقديم شكوى لدينا في الهيئة وسننظر في هذا الملف".

النقابة: لا رد

من جانبه، رفض نائب نقيب الصحفيين الفلسطينيين تحسين الأسطل الرد على ملف العضويات أو ما يخص الانتخابات المقبلة بذريعة أنه مرشح للدورة المقبلة، مكتفيا بالقول: "النقابة أنهت ما لديها من توضيح سواء ملف العضويات أو بقية الملفات والأمور باتت في عهدة لجنة الانتخابات".

#انتخابات نقابة الصحفيين