شبكة قدس الإخبارية

عن خيارات السلطة في مواجهة تأهيل البؤر الاستيطانية.. هل تغيّر موقعها وموقفها؟

167637671392661
هيئة التحرير

رام الله - خاص قدس الإخبارية: شكل قرار شرعنة 9 بؤر استيطانية جديدة من قبل حكومة بنيامين نتنياهو الائتلافية "المتطرفة" تحدٍ جديد للسلطة الفلسطينية في ظل فشل الحراك الأمريكي الأخير الذي لم يقدم لها أي أمل بحراك سياسي.

والبؤر الاستيطانية التي ستعمل الحكومة الإسرائيلية على شرعنتها هي: "أبيغيل" و"بيت حوغلا"، و"غفعات هرئيل" و"غفعات أرنون"، و"متسبي يهودا"، و"ملآخي هشالوم"، و"عساهئيل"، و"سادي بوعز"، و"شحريت"، بالإضافة للبدء في عملية واسعة للتحضير لمواصلة إجراءات" شرعنة سائر البؤر الاستيطانية العشوائية".

ومع ارتفاع وتيرة التصعيد في المدن الفلسطينية بالضفة والقدس المحتلتين تبدو السلطة الفلسطينية أكثر حرجًا مع استمرار الإجراءات أحادية الجانب من قبل حكومة نتنياهو وسط توقعات باتخاذ إجراءات أكثر تطرفاً في ضم مناطق "ج" وتوسعة عمليات الهدم.

ويفتح ما يجري حاليًا باب النقاش الواسع حول الأدوات والوسائل التي تمتلكها السلطة الفلسطينية للتعامل مع حكومة نتنياهو وقراراتها بشرعنة البؤر الاستيطانية بالرغم من الرفض الأمريكي والأوروبي والإقليمي لهذه الخطوات باعتبارها تؤجج التصعيد.

وجاءت هذه الخطوات الأخيرة لتعلن بشكلٍ رسمي فشل الحراك الأمريكي في المنطقة والرامي لتبريد المشهد الفلسطيني ومنع التصعيد، إذ أن واشنطن كانت تأمل أن تستجيب حكومة نتنياهو لمطالبها بوقف شرعنة البؤر الاستيطانية مرحلياً في مقابل إعادة التنسيق الأمني مع السلطة وهو ما لم يحدث.

خيارات جزئية.. السلطة لا تريد المواجهة

في السياق، يقول الكاتب والباحث في الشأن السياسي ساري عرابي إنه لا يوجد أي خيارات ذات طابع جزئي أو إجرائي لدى السلطة الفلسطينية لمواجهة إجراءات من هذا النوع سواء كان التمدد الاستيطاني أو شرعنة مستوطنات أو خطوات ضم متدحرجة أو أكثر من ذلك مثل قتل الفلسطينيين والتضييق عليهم.

ويضيف عرابي لـ "شبكة قدس" أن: "السلطة عادةً تجنح للخطوات الخطابية كالإدانة أو استصدار إدانات من الجميعة العامة للأمم المتحدة وتلوح بقرارات ولا تنفذ منها شيء مثل التنصل من الاعتراف بإسرائيل أو تعليق العمل بالاتفاقيات، وتعلن وقف التنسيق الأمني دون أن يعرف الفلسطينيين ماهيته وكيف يوقف ولا يتعامل الفلسطينيون بمصداقية مع هذه الإعلانات".

ويرى الكاتب والباحث في الشأن السياسي أن جميع القرارات التي تتخذها السلطة ليس بها أي شيء يمكن أن يتصدى للخطوات الإسرائيلية، فالإجراءات الجزئية والدبلوماسية والقانونية لا يأبه بها الاحتلال ولا يتعامل معها بطريقة جدية ورسمية.

ويستكمل عرابي: "لا يوجد سبيل إلا المواجهة الشاملة على كل الجبهات وليس تلك الشعبية الفلكلورية التي تريدها السلطة، ويجب أن تكون هناك مقاومة شاملة يشترك فيها جميع الفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس وأهالي 1948".

ويعتقد أن التعويل على شراء الوقت والخطوات المقتصرة وغير المكتملة بخصوص المحكمة الدولية كل هذه الإجراءات الجزئية ثبت فشلها، أما حاليًا فما يزال المشهد واضح أن القيادة المتنفذة أو "قيادة النخبة" في السلطة لا تريد مواجهة مع الاحتلال الإسرائيلي.

أدوات معرفة.. خطوات سياسية ودبلوماسية

من جانبه، يؤكد الكاتب والمختص في الشأن السياسي أحمد رفيق عوض إن أدوات السلطة الفلسطيني معروفة وهي سياسية ودبلوماسية، إلى جانب الاعتماد على المقاومة الشعبية مع محاولة تشكيل جبهة دولية للضغط على "إسرائيل" والاتجاه للمؤسسات الدولية.

ويقول عوض لـ "شبكة قدس" إنه في مقابل هذه الخطوات يمكن للسلطة أن تلجأ لاتخاذ خطوات دراماتيكية تتمثل في قطع العلاقات تماما مع "إسرائيل" وتغيير مهامها الوظيفية والانتقال إلى موقع قانوني آخر، في ظل أن الشعب الفلسطيني يقوم بشيء أكبر وأقوى في الفترة الحالية وهو أمر واضح للجميع.

ويعتقد الكاتب والمختص في الشأن السياسي أن السلطة الفلسطينية مدعوة لاتخاذ خطوات أكثر عمقاً واشتباكاً مع الاحتلال وألا تبقى في سياسة الانتظار والتريث إذ أنه من الممكن للأحداث والمستجدات الجديدة أن تسبقها وتتجاوزها تمامًا.

ويلفت عوض إلى أن قرارات شرعنة البؤر الاستيطانية العشوائية وغيرها من القرارات التي تعلن عنها حكومة نتنياهو تتجاوز مرحلة وضع السلطة في الزاوية وإحراجها خصوصاً وأن الإجراءات الحالية للإسرائيليين في هذه الحكومة تضعف السلطة وجودياً وتفقرها وربما تسقطها إما بأيدي أبنائها أو بأيدي إسرائيلية.

وينوه عوض إلى أن حكومة نتنياهو لا يمكن أن تسمح بأي انتخابات سياسية للفلسطينيين وأقصى شيء يمكن أن تقبل به بالنسبة للانتخابات هو إجراء انتخابات بلدية للفلسطينيين، وكل الإجراءات الحالية تعمل على خلخلة السلطة الفلسطينية.

وبحسب الكاتب والمختص في الشأن السياسي فإن مطالبة نتنياهو الأخيرة للسلطة باستمرار التنسيق الأمني يأتي في سياق الضغط عليها وجعلها تبدو وكأنها لا تمثل الفلسطينيين سياسياً وإنما تخدم الإسرائيليين أمنياً وهو ما يعبر عنه نتنياهو، وهو ما يجعل السلطة مطالبة بتغيير مواقعها وتوجهها.

ضربة للإدارة الأمريكية.. فشل جهود التبريد

في السياق، يرى أستاذ العلوم السياسية في جامعة الأزهر في غزة مخيمر أبو سعدة أن القرار الإسرائيلي بشرعنة 9 بؤر استيطانية جديدة بمثابة صفعة لجهود الإدارة الأمريكية التي أرسلت ثلاثة مسؤولين كبار إلى المنطقة قبل أسبوعين.

ويقول أبو سعدة لـ "شبكة قدس" إن مستشار الأمن القومي ومدير المخابرات المركزية ووزير الخارجية وصلوا للمنطقة من أجل البحث عن تهدئة بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وكان جوهرها يقوم على تجميد الاستيطان ووقف البناء الجديد في مقابل استئناف التنسيق الأمني.

وعن خيارات السلطة، يعلق قائلاً: "السلطة أمامها خيارين: الاستمرار في المعركة القانونية في المؤسسات الدولية والتي منها إحالة ملف الاحتلال لمحكمة العدل الدولية بالإضافة إلى الانضمام للمؤسسات الدولية الأخرى، والذهاب لعقد جلسة لمجلس الأمن الدولي لإدانة ما تقوم به إسرائيل من إجراءات".

وينوه أستاذ العلوم السياسية إلى أن قيادة السلطة تكتفي بالمقاومة الشعبية على أنها الطريق لمواجهة الاحتلال، في مقابل أن الفترة الأخيرة شهدت سلوكًا مغايراً للرئيس عباس تمثل في عدم إدانة العمليات التي وقعت في الأسابيع الأخيرة وهو ما يعكس رسالة مختلفة للطرف الإسرائيلي.

ويواصل أبو سعدة بالقول: "السلطة خطها السياسي معروف منذ سنوات فهي ملتزمة بكل بنود أوسلو والمسار السياسي الخاص به، وهي لا تدعم أو تساند العمل المقاوم المسلح، لكن ما جرى مؤخراً من عدم إدانة الرئيس للعمليات هو سلوك مغاير لما كان يقوم به سابقاً من خلال إدانة العمليات وبالتالي هذه الخطوة هي أقل شيء يمكن أن يفعلها في المرحلة الحالية".

#البناء_الاستيطاني #ايتمار_بن_غبير #حكومة_نتنياهو #الحراك_الأمريكي