شبكة قدس الإخبارية

مخيم الدهيشة.. بؤرة مقاومةٍ لا تهدأ في جنوب الضفة 

323942499_899572214568837_7778371315683882129_n
نداء بسومي

الضفة المحتلة - خاص شبكة قُدس: في أقل من شهر، ودع مخيم الدهيشة شهيدين من أبنائه، خباز المخيم عمر مناع والطفل الذي سابق سنه آدم عياد، وارتقى الشهيدان خلال مواجهات مع قوات الاحتلال، في المخيم الواقع جنوب بيت لحم المحتلة.

وبشكلٍ متكرر، يشهد مخيم الدهيشة اقتحامات ومواجهات مع قوات الاحتلال، وودع المخيم خلال عام 2022، ثلاثة شهداءِ ارتقوا خلال المواجهات، وهم أيمن محيسن وفادي غطاس وعمر مناع، واستفتح المخيم عامه الجديد بوداع الطفل آدم، صديق مناع وطفل المخيم الفتى. 

المواجهات المندلعة في مخيم الدهيشة، تسلط الضوء على حالة نضالٍ يعيشها المخيم، في جنوب الضفة الغربية، لا تنعزل بطبيعة الحالة عن التصعيد المستمر في الضفة، ولا تستثني في أصله فكرة المخيم المليء بحق العودة واللجوء الشاهد المستمر على نكبة 1948. 

لماذا مخيم الدهيشة؟ 

الكاتب صالح أبو لبن من مخيم الدهيشة يرى أن مقاومة المخيم مدفوعة بثلاثة مسببات أساسية؛ أهمها التمسك بحق العودة، إذ يدفع التمسك بحق العودة إلى استمرار حالة المقاومة ومطالبة الناس بالعودة إلى أراضيهم المحتلة. 

ويتابع أبو لبن في حديثه مع "شبكة قدس"، أن الحالة الاقتصادية والاجتماعية هي ثاني الأسباب التي يمكن أخذها بعين الاعتبار، إذ تزداد كثافة المخيم ويزداد ازدحامه، وحالة الفقر واضطرار الناس للعيش في المخيم تخلق حالة من الضيق وتشعر نفسك وكأنك مستهدف في هذا الحق، وأنك غير قادر على العيش بسبب التضييق.

أما السبب الثالث وفقًا لأبو لبن، فهو ما يميز مخيم الدهيشة عن غيره من المناطق، وهو الاهتمام المتزايد نحو الثقافة والوعي الوطني، وأن ردة الفعل في المخيم للأحداث الأخرى في فلسطين تكون قوية وكبيرة مشبعة بالتعاطف والإحساس بالانتماء كبير، ويتجاوز خلالها الناس عوامل التقسيم ومحاولات التجزئة، ويتواصلون بوعيٍ قومي ووطني. 

وفي وصيته، كتب الشهيد آدم عياد والذي ارتقى في 3 يناير \ كانون الثاني 2023: "أنا كان نفسي اشياء كثير أعملها بس إحنا ببلد مستحيل تحقق حلمك فيها"، في إشارة إلى وجود الاحتلال على أرض فلسطين، وجرائمه المستمرة. 

"قوة العادة النضالية" 

بدوره، يقول الكاتب والروائي إسماعيل رمضان من مخيم الدهيشة إن المخيم اكتسب عاداتٍ خاصة، يمكن تسميتها بقوة العادة النضالية، فالاشتباك اليومي هو نمط، وباقي تفاصيل الحياة في المخيم غير منفصلة ومرتبطة ارتباطًا عميقًا بحالة اللجوء، وما يحيط بالقضية الفلسطينية، فحيثما وجد الاحتلال وجدت مقاومته.

وكما ودعت بيت لحم قبل سنوات ابنها المثقف المشتبك الشهيد باسل الأعرج، يرى رمضان أن المخزون المعرفي والثقافي في المخيم أعلى من غيره، وأن أبناء المخيم أسهموا في الثراء المعنوي والفكري وكان لبعضهم دور بارز في تشكيل الفصائل على مستوى فلسطين والمخيم، وأن توارث الحالة الفكرية النضالية والمقاومة وما زالت موجودة حتى الآن.

ويشدد الكاتب والروائي في حديثه لـ "شبكة قدس" أن الضرورة والصدفة معا جعلتا من مخيم الدهيشة بؤرة للمقاومة، موضحًا، " الضرورة في كونه مخيمًا مهجرًا من الاحتلال يستدعي الرد والمقاومة، أما الصدفة ففي كل مخيم ومدينة وقرية يكون فيها أفراد بذاتهم أو عوائل أو أحداث فارقة، صبغت المخيم وجعلته يحمل صورة فارقة عن غيره كما جنين أو نابلس الآن". 

ومع ذلك، يستدرك رمضان حديثه بأن حالة المخيم اليوم تتراجع عما كانت تمثله من مقاومة عميقة، بسبب "حالة الانقسام السياسي بين مقاومين ومنسقين أمنيًا، بين فصيل أساسي يمثل السلطة، وفصيل آخر مقاوم ممثلًا في الجبهة الشعبية" على حد تعبيره. 

ويضيف رمضان "أن الاعتقال الإداري المتواصل والمكثف من قبل الاحتلال لأبناء الجبهة الشعبية داخل المخيم، والعمل على تفكيكه وتصفية المقاومين في الحاضنة الشعبية من خلال القتل العمد وسلسلة الشهداء التي قدمها المخيم، والجبهة الشعبية". 

حالة الاشتباك العامة 

من جانبه، يؤكد الأسير المحرر ابن مخيم الدهيشة محمد أبو عكر على أن المقاومة في المخيم ليست بمعزلٍ عن ارتباط الهوية المحلية بالدهيشة بالهوية الوطنية الجمعية للشعب الفلسطيني، وفي هذا السياق يشكل إرث المواجهات المستمرة، خاصة إبان انتفاضة الحجارة رافعة للشباب فيما يتعلق بتسييج ثقافة المقاومة وتحفظ حضورها القوي حتى لا تتحول إلى مجرد ثقافة فلكلورية لزمن الانتفاضة.

ويشير أبو عكر في حديثه لـ "شبكة قدس"، إلى أن الحس الوطني المدفوع بانعكاسات الاقتحامات المستمرة للمخيم واستمرار الاعتقالات والإصابات بين صفوف أبناء المخيم، إضافة لحالة الوعي التي يشكلها استمرار ارتقاء الشهداء في بعض الاقتحامات ينتج فعلًا مقاومًا يسعى للتصدي لتغول الاحتلال ووحشيته.

وينوه الأسير المحرر من الدهيشة أن حالة التصعيد في الضفة الغربية، وظهور مجموعات مقاومة مثل عرين الأسود في نابلس شكلت نموذجًا ملهمًا للجيل الجديد الباحث عن القدوة والبطل الثوري، والذي تأثر كثيرًا بكم الشهداء الذين ارتقوا في الأشهر الأخيرة. 

ويتابع أبو عكر: "لذا فإن قوة المثال الذي شكله شهداء جنين ونابلس أصبحت فعليًا دافعا للشباب من أجل محاكاة هذا الفعل الكفاحي وتصعيد العمل الوطني تجاه المحتل سواء كان عملًا بسيطًا أو معقدًا، وهذا لا يمكن عزله عن إرث المخيم المعروف بقدرته على ممارسة النضال الشعبي بأشكاله كافة سواء في الانتفاضة الأولى أو الثانية.

 

#المقاومة #بيت_لحم #مخيم_الدهيشة