شبكة قدس الإخبارية

ما هو المطلوب فلسطينيًا لمواجهة إجراءات حكومة نتنياهو؟

324162331_888507208954201_6335216217335176753_n
هيئة التحرير

رام الله - خاص قدس الإخبارية: منذ أن بدأت حكومة بنيامين نتنياهو عملها بشكلٍ رسمي، اهتم الوزراء المحسوبين على الأحزاب القومية الدينية أن يظهروا للناخب الإسرائيلي حرصهم على تنفيذ وعودهم من خلال سلسلة من القرارات والقوانين التي وجهت ضد الفلسطينيين.

ولم تقتصر هذه القرارات على قرار الخصم من أموال المقاصة بقيمة 139 مليون شاقل، بل تعدى الأمر إلى اقتحام بن غبير وزير الأمن القومي في الاحتلال المسجد الأقصى وبعض السجون في محاولة للضغط على الأسرى الفلسطينيين، إلى جانب حظر رفع العلم الفلسطيني في أي فعالية في الداخل المحتل.

وتشكل سلسلة القرارات المتخذة تحدٍ حقيقي بالنسبة للفلسطينيين لا سيما على المستوى القيادي المتمثل في السلطة الفلسطينية والفصائل بشكلٍ خاص، ويفرض أسئلة حول طريقة التعامل الفلسطيني معها وآليات الرد وكيفية تحريك الشارع الفلسطيني.

ومع تتالي الإجراءات التي اتخذتها حكومة بنيامين نتنياهو اليمينية، يبدو المشهد الفلسطيني معقدًا خلال الفترة المقبلة لا سيما إذا ما واصل كل من بن غبير وسموترتيش تنفيذ سلسلة الإجراءات التي أعلنوا عنها قبل انتخابات الكنيست الأخيرة لدى الاحتلال.

في المقابل، من المحتمل أن يؤدي هذا السلوك الإسرائيلي في التعامل مع الفلسطينيين وقمعهم وسن القوانين واتخاذ العقوبات الجماعية إلى سيناريو كفاحي مماثل لهبة القدس التي اندلع على إثرها معركة "سيف القدس" عام 2021 والتي شهدت هبة فلسطينية على مستوى الضفة الغربية والقدس المحتلة والداخل المحتل عام 1948 بالإضافة إلى قطاع غزة.

في السياق، أكد أستاذ العلوم السياسية في جامعة الخليل بلال الشوبكي أن المطلوب في هذه المرحلة استغلال وجود حكومة يمينية متطرفة بهذا الشكل لتجاوز الخيارات السياسية التي كانت طرحت على الطاولة وتم تبنيها من بعض الجهات الفلسطينية.

وقال الشوبكي لـ "شبكة قدس" إن سلوك الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة هو متشابه إلى حدٍ ما، لكن الجديد هو الإعلان عن برنامج هذه الحكومة برفض إقامة دولة فلسطينية على حدود 1967، وبالتالي فإن المطلوب من الفلسطينيين أن يكون هناك تراجع عن خيار حل الدولتين.

ويردف قائلاً: "المقصود بالتراجع هنا أن تكف منظمة التحرير الفلسطينية عن طرح هذا الخيار فالمسألة لم تعد مسألة رغبات، بل هي مؤشرات على أرض الواقع في ظل استمرار الاحتلال في الاستيطان وبناء الجدار الفاصل والسيطرة على الموارد الطبيعية في الضفة الغربية".

ويلفت أستاذ العلوم السياسية إلى أن الأهم في السلوك الإسرائيلي هو التصريح بشكل واضح عن عدم القبول بحل الدولتين وبالتالي فإن طرح هذا الخيار فلسطينيًا أو استمرار التمسك به خلال الفترة المقبلة، أمر غير منطقي.

ويؤكد على أن اقتناع قيادة منظمة التحرير الفلسطينية الحالية بعدم جدوى خيار حل الدولتين يدفع باتجاه تبني أدوات نضالية جديدة، تتمثل في العودة إلى ما تم الاتفاق عليه ما بين الأمناء العامين للفصائل الفلسطينية خصوصًا المقاومة الشعبية كقاسم مشترك بين القوى.

ويستدرك الشوبكي في حديثه على وجود خيارات تفرض نفسها على أرض الواقع بعيدًا عن الرؤى الرسمية سواء من الفصائل أو المنظمة، حيث تشكلت في الضفة حالة نضالية جديدة تختلف عما كان في الانتفاضتين الأولى والثانية.

ويواصل قائلاً: "سواء طرحت القيادة الفلسطينية خيارات للمواجهة أو لم تطرح فإن الشارع الفلسطيني يتعامل مع الخيارات القائمة حالياً المتمثلة في مجموعات المقاومة، وهو ما يعني استمرار الحالة النضالية واتخاذها عدة أشكال وعدم اقتصارها على شكل واحد".

ويعتقد أستاذ العلوم السياسية أن الأشكال النضالية متعددة في الحالة الفلسطينية وتختلف بناءً على البنية الأمنية في كل منطقة جغرافية، فقطاع غزة مختلف عن الضفة الغربية، والقدس المحتلة تختلف عن الضفة، والداخل المحتل له خصوصية خاصة في التعامل مع إجراءات الاحتلال.

ويرى الشوبكي أن بنيامين نتنياهو سيعمل خلال الفترة المقبلة على ضبط ايقاع الحكومة ووقف الخطوات التي يقوم بها بن غبير وسموترتيش بالرغم من الاتفاقيات التي وقعت بينهم، من أجل المحافظة على الائتلاف الحكومي ومن الوصول إلى مواجهة على غرار ما حصل عام 2021.

ويتبع قائلاً: "نتنياهو يدرك جيدًا أن الدخول في مواجهة مع المقاومة الفلسطينية سيؤدي إلى انهيار الائتلاف الحكومي لا سيما إذا ما تكرر ما حصل على كافة الجبهات عام 2021، وبالتالي فإنه سيستغل توصيات المؤسسة الأمنية والقضائية لمواجهة بن غبير وسموترتيش في خطواتهما".

ويشدد على أن الحكومة الإسرائيلية الحالية ضعيفة على المستوى الداخلي خصوصاً مع التظاهرات الداخلية وارتباطها بالأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، وهو ما يعني أن المرحلة المقبلة في المشهد السياسي الإسرائيلي ستكون مواجهة غير معلنة بين نتنياهو وبعض أقطاب حكومته وهو ما يجعلها هشة.

إلى ذلك، قال الكاتب والمحلل السياسي أحمد الطناني إن حكومة الاحتلال الحالية تمثل نموذجاً متقدماً في التطرف والتحالف ما بين أقطاب اليمين على اختلافه، ديني وقومي وعلماني، وتحمل كل بذور الخطر الذي يستهدف بشكل مباشر القضية الفلسطينية.

وأضاف الطناني لـ "شبكة قدس" أن الحكومة متوافقة في التعامل مع القضية الفلسطينية، عبر تعزيز الاستيطان وإقرار الضم عملياً وقانونياً، وتوسع وتسارع تهويد القدس والإجراءات الإجرامية بحق الأسرى، وتوسيع مخططات التهويد والأسرلة التي تستهدف تجمعات الفلسطينيين في الأراضي المحتلة عام 1948م، والتي كلها تأتي انسجاما مع مخططات الترانسفير الجديد التي يدعو ويسوق لها "سوميترتش" الذي أصبح يمتلك صلاحيات مباشرة على الضفة الغربية، ويسعى لتسخيرها في إطار مشروعه لـ"حسم الصراع" مع الفلسطينيين.

وبحسب الكاتب والمحلل السياسي فإن نتنياهو اختار أن يكون الملف الفلسطيني هو الثمرة التي يقدمها لحلفائه من سبيل إنجاح تحالفه الحكومي، والخطوات المتسارعة التي شملها اتفاق الإئتلاف الحكومي كلها مسقوفة بتواريخ محددة وقريبة تخلق وقائع جديدة على الأرض وقد بدأ تنفيذ جزء منها.

ويردف قائلاً: "هذه البرامج ليس للاستهلاك الانتخابي أو المزايدة السياسية، بل هي خطوات حقيقية تستهدف اقتلاع الوجود الفلسطيني وتصفيته تدريجياً، وإطلاق العنان لمتطرفي اليمين في نقل برامجهم من حيز الأطروحات الخيالية، إلى حيز الإجراءات العملية".

ويشير إلى أن هذه الحكومة وبرامجها، والخطوات الفعلية التي باتت تتخذها، تشكل خطر تصفوي يستهدف القضية الفلسطينية ويتطلب من الفلسطينيين مغادرة مربع الخطابية والشعاراتية وإدراك حجم الخطر الداهم الذي يستهدف القضية الفلسطينية ويهدف إلى اقتلاع الوجود الفلسطيني وتصفيته.

ويشدد الطناني على أن المطلوب فلسطينياً هو المسارعة لاتخاذ خطوات عملية في إطار لملمة المشهد الفلسطيني والاتفاق على استراتيجية وطنية للمواجهة الشاملة تتصدى لمخططات الإقتلاع والتصفية، تستند بالدرجة الأساسية إلى ضرورة استعادة زمام المبادرة في المقاومة والمواجهة، وسحب الاعتراف بدولة الاحتلال وإلغاء اتفاق أوسلو، وصولاً لمغادرة الحديث عن حل الدولتين الذي انتهى عملياً بفعل الإجراءات الصهيونية والتوسع الاستيطاني.

ويلفت إلى ضرورة تحويل كل عناوين الاستهداف الإسرائيلية إلى عناوين للمواجهة والصمود ورفعة تكلفة المخططات الاحتلال، وبالتالي الاتفاق وطنياً على استعادة زمام المبادرة بالمقاومة والتحرك الشعبي وتعزيز المواجهة أولاً في وجه التوسع الاستيطاني، وتحويل كل البؤر الاستيطانية الحالية والمنوي إقامتها قريباً إلى نقاط اشتباك ومواجهة، إضافة لتعزيز صمود المزارعين والمواطنين في الأماكن المستهدفة على أرضهم وتنظيم حملات دعم شعبي.

أما على صعيد القدس، فالمطلوب استنهاض الحالة الجماهيرية وتعزيز الحضور الشعبي والصمود في وجه مخططات التهويد والاستهداف، وتحويل كل عملية اقتحام إلى مواجهة شعبية كبيرة، تحول دون فرض التقسيم الزماني والمكاني وتحويله إلى أمر واقع بشكل مجاني، وفقاً للطناني

وفيما يتعلق بالداخل المحتل، ينوه إلى أن المطلوب هو الوصول إلى جبهة وطنية واسعة، تتولى مهمة مواجهة مخططات التهويد والأسرلة والاقتلاع، وتعالج مشكلات تفشي الجريمة والسلاح المنفلت، وتعزيز الارتباط الوطني للجماهير الفلسطيني بالقضايا الفلسطينية الكبرى، وتسهم في إسناد المقدسيين في التصدي لإجراءات الاقتلاع.

بدوره، يرى الكاتب والمختص في الشأن الإسرائيلي جمعة التايه أن الحكومة الحالية عملت على تنفيذ سلسلة من الإجراءات والوعود التي أطلقتها قبيل الانتخابات، إلا أنها وبشكل عام تتوافق مع الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة خلال السنوات الماضية.

وقال التايه لـ "شبكة قدس" إن الحكومات الإسرائيلية الأخيرة تتبع نفس السياسة مع الفلسطينيين فيما يخص الاقتحامات والاغتيالات والتوسع في الاستيطان والتعامل في الشعب الفلسطيني في الداخل المحتل أو في الضفة الغربية بسياسة تقوم على التوسع الإحلالي وإبقائه بدون حقوق سياسية.

أما عن المختلف في الحكومة الحالية، فذكر أنه من المتوقع أن يكون هناك تطرفاً وخطوات أكثر عنفاً بحق الفلسطينيين، وخاصة مع تولي بن غبير ملف الأمن القومي ووجود ملفات مثل الأسرى والأقصى ضمن إطار صلاحياته عدا عن الاقتحامات المتكررة والتحدي للفلسطينيين.

وأضاف: "سمو ترتيش مسؤول عن التوسع الاستيطاني في الضفة الغربية وهو ما يعني أن كل هذه الصلاحيات التي منحت لهؤلاء الوزراء ويشكلون ركناً رئيسياً في الحكومة ستكون أكثر فظاعة وإجرامًا من الحكومات الإسرائيلية السابقة".

وبين أن السلطة الفلسطينية لم تسلم هي الأخرى من الإجراءات والعقوبات سواء عبر الخصومات المالية الأخيرة أو سحب تصاريح التنقل والحركة لمجموعة كبيرة من مسؤوليها، وهو ما يعني تنفيذًا عمليًا للوعود التي أطلقها سموترتيش قبيل الانتخابات.

أما عن ردة الفعل الفلسطينية مع الإجراءات وسلسلة العقوبات الأخيرة، فيلفت إلى أن المطلوب تحرك السلطة على المستوى السياسي والدبلوماسي والإعلامي ضد هذه الحكومة وقراراتها إلى جانب تحرك الفصائل الفلسطينية.

وشدد على ضرورة وجود خطة فلسطينية استراتيجية تنعكس في الميدان على المستوى الجماهيري وحتى على مستوى فصائل المقاومة الفلسطينية، مشيراً إلى أن هناك الكثير من الخطوات التي يمكن المضي بها ضد هذه الحكومة على المستوى الرسمي والفصائلي.

#العقوبات #بن_غبير #حكومة_نتنياهو #الائتلاف #الإجراءات