شبكة قدس الإخبارية

حصاد الاقتصاد الفلسطيني 2022.. استمرار أزمة السلطة المالية و"لحلحلة" في واقع غزة

iCpwA
هيئة التحرير

رام الله - خاص قدس الإخبارية: جاء المشهد الاقتصادي الفلسطيني خلال عام 2022 مماثلاً للمشاهد التي تلت السنوات التي أعقبت جائحة كورونا، إذ ما يزال المشهد الاقتصادي رهينة للتبعات المترتبة على تأثيرات الجائحة كارتفاع نسبة البطالة والفقر في فلسطين.

وبحسب تقرير الجهاز المركزي للإحصاء فإن الاقتصاد الفلسطيني خلال العام 2022 نجح في تحقيق نمو بنحو 3.6%، مقارنة مع نمو نسبته 7.0% خلال العام 2021، بالرغم من العديد من الأزمات المركبة التي عانى منها، وفي مقدمتها، التوقف شبه التام للدعم الخارجي المقدم للسلطة فلسطين والمخصص لدعم الموازنة، واستمرار الاقتطاعات الإسرائيلية من العائدات الضريبية (المقاصة) على مدار العام، إضافة إلى تداعيات الأزمة الأوكرانية-الروسية.

وشهدت معظم الأنشطة الإقتصادية ارتفاعاً في قيمتها المضافة خلال العام 2022، إذ سجل نشاط الصناعة أعلى نسبة نمو بنحو 6.3%، تلاه نشاط الخدمات بنسبة 2.9%، ثم نشاط الانشاءات بنسبة 2.3%، فيما شهد نشاط الزراعة تراجعاً بنسبة 2.6%.

وأشار التقرير إلى ارتفاع إجمالي عدد العاملين بنسبة 7.6% مقارنة مع عام 2021، وبالرغم من زيادة عدد العاملين، إلا أن التحسن النسبي في مستوى النشاط الاقتصادي قد أسهم في خفض معدل البطالة خلال العام 2022 إلى 25.7%، مقارنة مع 27.6% في العام 2021، غير أن هذا الارتفاع مرده تصاريح العمل الممنوحة للفلسطينيين للعمل داخل الأراضي المحتلة.

وانعكست الضغوط التضخمية وارتفاعات الأسعار عالمياً تدريجياً على مستوى الأسعار المحلية، خاصة وأن فلسطين تستورد معظم استهلاكها من السلع والخدمات من الخارج، مما تسبب في ارتفاع المستوى العام للأسعار على مدار العام 2022، وليبلغ معدل التضخم في فلسطين حوالي 3.8% مقارنة مع العام السابق، ويعتبر هذا المعدل الأعلى منذ نحو عشر سنوات.

وتوقعت سلطة النقد في تقرير بالشراكة مع الجهاز المركزي للإحصاء أن يحقق الاقتصاد الفلسطيني معدل نمو يصل إلى حوالي 2.5% خلال العام 2023، مقارنة مع نمو قُدر بحوالي 3.6% خلال عام 2022، مدفوعاً بنمو الإنفاق الاستهلاكي والاستثماري والصادرات، وتحسن القيمة المضافة لغالبية الأنشطة الاقتصادية.

ومن المتوقع أن يرافق هذا الأداء انخفاض طفيف في معدلات البطالة، إلى 25.5%، مقارنة مع 25.7% في العام 2022، مع بقاء مستوى الدخل الفردي دون تغير يذكر.

من جانبه، يقول أستاذ علم الاقتصاد في جامعة النجاح في نابلس نائل موسى إن الاقتصاد الفلسطيني لم يشهد أي تغير حقيقي خلال عام 2022 باستثناء التقلبات التي حصلت على أسعار صرف العملات مقابل الشاقل إلى جانب ارتفاع معدلات البطالة.

ويوضح موسى لـ "شبكة قدس" أن معدلات البطالة في شكلها العام بقيت مرتفعة رغم الانفتاح الإسرائيلي على استقطاب الأيدي العاملة الفلسطينية، إلى جانب أن حالة التعافي من تبعات جائحة كورونا ما تزال دون المستوى المأمول.

ويشير أستاذ علم الاقتصاد في جامعة النجاح إلى أن موجة التضخم التي تضرب العالم أثرت على المشهد الاقتصادي الفلسطيني وهو أمر طبيعي في الحالة الفلسطينية لا سيما مع وجود الاحتلال الإسرائيلي متحكمًا بالمشهد الاقتصادي.

ويؤكد موسى على أن المشهد الاقتصادي الفلسطيني قاتم لكنه طبيعي أمام استمرار السياسات الإسرائيلية كحصار غزة وحصار بعض المدن الفلسطينية كنابلس التي تم حصارها لمدة شهر، إلا أن العام 2022 لا يبدو الأسوأ عند مقارنته مع السنوات السابقة.

ويشدد أستاذ علم الاقتصاد على أن مستوى البطالة ما يزال مرتفعًا رغمًا الحديث عن انخفاضها إذ أن السبب يعود لانفتاح الاحتلال على العمال الفلسطينيين وبالتالي فإن فرص ارتفاع معدلاتها من جديد يبقى قائماً مع تحكم الاحتلال في التصاريح الممنوحة.

ويضيف: "لا يمكن اعتبار الانخفاض الحالي في أرقام نسب المتعطلين عن العمل بأنه تحسن اقتصادي كون التشغيل يتم لدى الاحتلال الإسرائيلي الذي يبقى متحكمًا بالمشهد ومن الممكن أن يخفض عدد العاملين في أي لحظة وفقاً لاعتبارات سياسية خاصة به".

ويلفت موسى إلى الأزمة المالية التي تعاني منها السلطة الفلسطينية منذ ما يزيد عن العام وهو ما حول كل جهدها خلال الفترة الماضية إلى محاولة الخروج من الأزمة دون محاولة العمل على خلق حلول بديلة تمكنها من تحسين واقعها الاقتصادي.

تلاشي جائحة كورونا وحلحلة في واقع غزة

في السياق، يرى الباحث والصحفي الاقتصادي أحمد أبو قمر أن عام 2022 شهد تلاشي تأثيرات جائحة كورونا إلى جانب الحلحلة في الواقع الاقتصادي الخاص بقطاع غزة من خلال السماح بدخول العمال إلى الأراضي المحتلة للمرة الأولى منذ انتفاضة الأقصى عام 2000.

ويقول أبو قمر لـ "شبكة قدس" إن دخول الأيدي العاملة إلى الأراضي المحتلة من القطاع أسهم في توفير سيولة مالية للقطاع بدت ملموسة نوعًا ما بعد غياب لمدة 22 عامًا وهو ما يساهم في تحسن نسبي على مستوى الأوضاع المعيشية للسكان.

ويستدرك: "على صعيد المؤشرات العامة كالفقر والبطالة والتحسن الاقتصادي فإن المؤشرات لم تكن في المستوى المأمول أو المطلوب، إذ أنه بالنسبة للسلطة كان هناك تدهور على الميزانية بشكل كبير بسبب استمرار التراجع على مستوى المساعدات التي كانت تحصل عليها".

ويشير الصحفي والباحث في الشأن الاقتصادي خلال حديثه لـ "شبكة قدس" إلى أن المأمول كان أن يتحسن مستوى المساعدات المالية الخارجية مع تولي الرئيس الأمريكي الحالي جو بايدن للمسؤولية وهو ما لم يحصل في الفترة السابقة.

ويوضح أبو قمر أن إعادة استئناف الاتحاد الأوروبي لتمويله للسلطة الفلسطينية كان واضحًا خلال العام المنقضي وهو ما أسهم في استئناف صرف "شيكات الشؤون الاجتماعية" والتي تحظى بالأثر الكبير في قطاع غزة مقارنة مع الضفة.

وينوه إلى أن هناك مشكلات في إجراءات التقشف على مستوى المؤسسات الرسمية للسلطة الفلسطينية إلى جانب زيادة المديونية العامة، عدا عن عدم تطبيق أي من خطط الانفكاك عن الاقتصاد الإسرائيلي التي تحدث عنها رئيس الحكومة.

#اقتصاد_فلسطين_2022 #حصاد_قدس