شبكة قدس الإخبارية

الهداف الشهيد أحمد دراغمة.. قضى أيامه الأخيرة في حضن أمه 

319914569_1794174990949604_4419733937415331715_n

طوباس المحتلة - خاص شبكة قُدس: من طوباس إلى نابلس، كانت رحلة أحمد دراغمة، الهداف الذي تعود الانتقال بين الملاعب، والمقاتل الذي حمل سلاحه في أكثر من ميدان. ففي حين كان المستوطنون يتجهزون لاقتحام نابلس، للوصول إلى قبر يزعمون أنه مقدس بالنسبة لهم، ويدّعون على التاريخ بما ليس فيه، ويسقطون على الجغرافيا كل أوهامهم وأحلامهم، كان دراغمة يقاوم هذا الكابوس القادم في الليل من جور التاريخ.

أسبوع مرّ على استشهاد الهداف، لا زالت رائحته عالقة في ثياب أمه، التي اعتاد في الأيام الأخيرة أن يبات في حضنها، وكأنه كان يعلم بأنه سيفارقها أبد الدهور، وفق ما تروي عائلته لـ "شبكة قدس"، موضحة أنه طلب من والدته في أيامه الأخيرة أن ينام في حضنها كالأطفال.

يجمع أفراد من عائلته تحدثوا لـ "شبكة قدس"، أن أحمد كان يحاول في الفترة الأخيرة أن يبقى بعيدا عن العائلة، يفسرون ذلك بأنه كان يعوّدهم على غيابه، وكأنه قد حوّل الموت من قدر خاطف إلى قرار يختاره بعناية وقناعة واطمئنان، لكنه ليس كأي موت، إنه الموت الذي يرتقي بصاحبه، الشهادة كلحظة فارقة بين حياة وحياة، لكنه كان يعود في كل مرة إلى حضن والدته.

أحمد كان محبوبا ومدللا، فهو أصغر أفراد العائلة سنا، فحاز على القدر الأكبر من الدلال من والديه وشقيقيه، اللذان لم يحتملا خبر فقدانه ولكن ما يعزيهم أنه شهيد، وقد اختار الشهادة كسبيل وخيار، فقد كان في أيامه الأخيرة كثير الحديث عن الشهادة، وطلب من والدته أن تقتدي بوالدة الشهيد إبراهيم النابلسي وتكون قوية فيما لو أعلن ارتقائه شهيدا.

ينتمي الشهيد أحمد إلى عائلة فلسطينية مناضلة، فوالده الأسير السابق عاطف دراغمة اعتقل لمدة 15 عاما في سجون الاحتلال الإسرائيلي، تعرض خلالها لتحقيق وتعذيب قاسٍ. كما اعتقل الاحتلال عمّار دراغمة عم الشهيد مرتين وقضى 8 سنوات في سجونه.  هو الشقيق الأصغر للأسير أدهم دراغمة (26 عاما) الذي يقبع منذ عام في سجون الاحتلال الإسرائيلي.

حلم الشهيد أحمد باحتراف كرة القدم والوصول للعالمية، وكان واحدا من هدافي الدوري الفلسطيني بواقع 6 أهداف ولاعب خط وسط نادي ثقافي طولكرم. جمع المال الذي كان يتقاضاه من الرياضة، لكي يساهم في حفل زفاف شقيقه الأسير، واشترى كذلك سلاحه الذي استشهد وهو بيده، سلاح من نوع كارلو. صحيح أنه سلاح متواضع، لكنه كان كفيلا بأن يذكر المستوطنين بأنهم شيء طارئ ووجودهم على هذه الأرض حرام.

في 22 ديسمبر، غادر أحمد هذه الحياة التي عاش فيها 23 عاما، تاركا خلفه ذكريات وأهل، فنعته المقاومة كمقاتل فارس فيها، وزفته نابلس ضيفا عزيزا عليها، وبكته طوباس ابنا بارا لها، وتزينت بصوره فلسطين شهيدا مضى على طريق تحريرها، أما أمه فودعته بالحسرة والعزة.