شبكة قدس الإخبارية

ميلشيات المستوطنين تستبيح الخليل... من المسؤول عن غياب استراتيجية مواجهة؟

photo_2022-11-20_09-31-59

الخليل - خاص قُدس الإخبارية: يوم أمس، استباحت ميلشيات المستوطنين أحياء في مدينة الخليل، ونفذت اعتداءات على كل ما وقع تحت يدها من بشر وحجر ومساجد وممتلكات، مؤكدة على مسار متواصل ومتصاعد لتهويد المدينة وفرض المشروع الاستيطاني واقعاً عليها.

من المسؤول؟

على وقع الاعتداءات في الخليل، وجه الأهالي صرخة إلى المسؤولين والهيئات السياسية يشكون فيها "غياب الحامي" من ميلشيات المستوطنين، ويتساءلون عن جدوى وجود الهيئات السياسية والأجهزة الأمنية إذا لم يكن لديها خطط وخيارات للدفاع عن الشعب الفلسطيني.

الباحث السياسي أشرف بدر يرى أن "المسؤولية جماعية" في وضع مسار مواجهة مع المستوطنين، لكنه أشار إلى أن المستوى الأولى الذي يجب أن تقع عليه المسؤولية هو الطبقة السياسية الحاكمة.

وأشار بدر في لقاء مع "شبكة قدس" إلى "اتفاقية الخليل" التي وصفها بـــ"الكارثية"، وقال: للأسف من وقع على اتفاقية الخليل كان لديه جهل، حسب الاتفاقية يسمح للمستوطنين كما هو متداول في وسائل الإعلام الإسرائيلية بزيارة مقام قاضي يزعمون أنه في المنطقة، وهذه كارثة كان يجب أن يلتفت لها الفريق الذي وافق على بنود الاتفاقية.

وأكد أن جميع الجهات تتحمل المسؤولية عن هذا الوضع لكن من وقع الاتفاقية عليه مسؤولية كبيرة بالدرجة الأولى، وأضاف: تحول الأمر في هذه الاتفاقية وكأنه حق لهم، وفي الحقيقة إن هذا المقام هو عبارة عن "مسمار جحا" لتوسيع الاستيطان والاقتحامات، وفي الواقع وفقاً لكتبهم التاريخية فإن هذا القاضي ليس له أي مكانة دينية أصلاً.

تهجير وسط المدينة

وذكر بدر أن المستوطنين استباحوا وسط مدينة الخليل، يوم أمس، وأجبروا أصحاب المحلات التجارية والأسواق على إغلاقها، في الوقت الذي كان ينتظر فيه التجار القادمين من جبل الخليل وباقي أنحاء المدينة ومن مناطق أخرى في فلسطين.

وشدد على أن المستوطنين في حالة "انتعاش" الآن بعد النجاح الذي حققه تيار "الصهيونية الدينية"، في انتخابات "الكنيست"، لذلك أصبح لديهم شعور عالِ بوجود سند أكبر لهم في دولة الاحتلال.

وقال إن وسائل الإعلام الإسرائيلية ذكرت أن عضو "الكنيست"، إيتمار بن غفير، شارك المستوطنين في مسيرتهم.

واعتبر أن هذه الحالة السياسية شجعت المستوطنين على الدخول، إلى مناطق جديدة في الخليل، ولم يعودوا يلتزموا بمسار قديم ولا بالمناطق التي حددتها اتفاقية أوسلو.

غياب الاستراتيجية

يرى بدر أن أحد أسباب ضعف الموقف الفلسطيني في الخليل وبقية الضفة والقدس المحتلتين، هو في غياب استراتيجية واضحة ومنظمة لمواجهة المد الاستيطاني، والركون إلى "ردات فعل" محلية ومرحلية.

النجاح الأكبر للاحتلال في معركة الاستيطان كانت بــ"تهجير أهالي البلدة القديمة"، يقول الكاتب السياسي، ويشير إلى سياسات التهجير الإسرائيلية التي تمثلت في فرض منع التجول على الفلسطينيين، في البلدة القديمة، لشهور طويلة وإغلاق مئات المحلات التجارية بقرارات من الحاكم العسكري.

ميلشيات المستوطنين كان لها دور كبير في تسهيل تهجير الفلسطينيين من البلدة القديمة، يضيف بدر، ويوضح: العائلات الفلسطينية لم تعد آمنة، في البلدة القديمة بالخليل، نتيجة انتهاكات المستوطنين اليومية بحماية من جيش الاحتلال.

وذكر بدر حالة حي تل إرميدة الذي يحاصر الاحتلال منازله وحوَله إلى "ثكنة عسكرية"، وقال: قبل أيام حاول الأهالي ومؤسسات شبابية تنظيم حملة لقطف الزيتون في الحي لكن المستوطنين اعتدوا عليهم وأحرقوا الأشجار.

وأضاف: في ظل هذا العمل المنظم للسيطرة والتهجير، يغيب عن الفلسطينيين وخاصة المستوى الرسمي استراتيجية عمل دائمة وواضحة، وهذا لا يعني تجاهل بعض جهود المؤسسات الرسمية، لكن هذا لا يكفي لمواجهة مخططات المستوطنين.

وأكد أن العمل التخطيطي المنظم لمواجهة الاستيطان، تتطلب من المستوى الرسمي وضع ميزانيات كافية وتجييش المؤسسات وكافة الهيئات لتثبيت الأهالي في البلدة القديمة، وحث الذين تهجروا من المنطقة على الهجرة عكسياً.

وتابع أن للبلدية جهود في البلدة القديمة لتثبيت الأهالي لكن الواقع يحتاج إلى عمل أكبر تتكاتف فيه المؤسسات الرسمية مع المجتمع المحلي.

ويتفق الناشط في تجمع "شباب ضد الاستيطان"، عيسى عمرو،  مع الرأي الذي يحمل المستوى الرسمي مسؤولية التقصير في مواجهة الاستيطان، وقال: التقصير بداية عند منظمة التحرير التي تدعي تمثيل المجتمع الفلسطيني ولكنها لا تنفذ أي خطوات على الأرض.

وتابع في لقاء مع "شبكة قدس": قيادة السلطة والأجهزة الأمنية وتنظيم فتح تمنع أي نشاط إلا من خلالها، لكنها لا تقوم بأي مشروع على الأرض لمواجهة الاستيطان وتثبيت الناس على الأرض، في ظل هذا التغول الاستيطاني.

واعتبر أن التهديدات التي تلقاها النشطاء و"شباب ضد الاستيطان" من قبل الأجهزة الأمنية، حسب وصفه، خلقت "فراغاً" في المنطقة، وأضاف: نحن للأسف نعاني من الاحتلال وتهديداته ومن تهديدات أبناء شعبنا في السلطة.

"لا مبالاة" أمام "الخطر الوجودي"

وأكد عمرو أن المجتمع الفلسطيني يعيش "لا مبالاة" أمام الخطر الاستيطاني الزاحف الذي يتهدد وجوده، وقال: هذه اللامبالاة في إدراك خطر الاستيطان تسري في كل فلسطين المحتلة، المشروع الاستيطاني في ازدهار وتصاعد، من أقصى الشمال إلى الجنوب يقيم الاحتلال المستوطنات والجسور والمواقع العسكرية والكليات، صورة الضفة تتغير يومياً.

غياب الديمقراطية وحالة الانقسام والتنسيق الأمني والفساد، يقول عمرو، أسباب رئيسية لغياب الاستراتيجية في مواجهة الاستيطان.

وأضاف: هذه الأوضاع تدفع القضايا إلى أن تكون فردية فقط، نحن نريد استراتيجية توسع دائرة الاشتباك مع الاحتلال، لا أن تكون ميلشيات المستوطنين هم المبادرين للاعتداء علينا، في كل الضفة يعتدي المستوطنون على الممتلكات والمقدسات وقاطفي الزيتون، في الأجهزة الأمنية والسلطة بعض المسؤولين يريدون إحداث فراغ وفوضى في الشعب الفلسطيني لاستغلالها لمصالحهم.

وتابع: الناس فقدت الثقة بكل الواقع موجود، حتى مبادرة "الفجر العظيم" التي انطلقت من المسجد الإبراهيمي كانت بمبادرة من العائلات في الخليل، يجب أن يكون عندنا قيادة منتخبة يهمها مصالح الشعب الفلسطيني وليس مصالحها، بالتزامن مع إعادة تنظيم منظمة التحرير.

وأكد أن المشروع الاستيطاني أصبح يشكل "خطراً استراتيجياً" على الوجود الفلسطيني، قائلاً: في الخليل والقدس وكل مكان نفقد مواقع استراتيجية والاستيطان يزحف في الخليل كما لم يحصل منذ عام 1997، الذي دخل فيه الاستيطان إلى المدينة، حتى حملات لتشجيع التجارة في البلدة القديمة غير موجودة، لأن القيادة لا يهمها سوى مصالحها في بطاقات "vip".

#السلطة #فلسطين #القدس #الاستيطان #الضفة #المقاومة #الخليل #منظمة - التحرير #المسجد - الإبراهيمي