شبكة قدس الإخبارية

8 أشهر على بدء "كاسر الأمواج"... هل استنزَفت الضفة جيش الاحتلال؟

OnTG3
نداء بسومي

فلسطين المحتلة - خاص شبكة قُدس: منذ مارس\ آذار الماضي، والاحتلال يدفع بقواته إلى الضفة الغربية المحتلة في عملية أسماها "كاسر الأمواج" لمواجهة حالة المقاومة المتصاعدة، والتي كانت ذروة انطلاقتها من مخيم جنين فامتدت فيما بعد إلى نابلس ثم وسط الضفة وجنوبها.

خلال مداولات لتقييم الوضع في القدس والضفة الغربية منتصف أكتوبر\ تشرين الأول الماضي، قال وزير حرب الاحتلال بيني غانتس إن أكثر من نصف قوات جيش الاحتلال تعمل في الضفة المحتلة، مع استمرار العمليات الفردية والتي كانت آخرها عملية الشهيد محمد صوف من قرية حارس في سلفيت، الذي نفذ عملية مزدوجة قرب مستوطنة أرئيل أسفرت عن مقتل 3 مستوطنين، ليرتفع عدد المستوطنين الذين قتلوا في عمليات المقاومة منذ بداية عام 2022  إلى 29 مستوطنًا، في إحصائية هي الأعلى منذ 10 سنوات.

ورغم أن العملية التي دخلت شهرها الثامن ما زالت مستمرة، وتصريحات مسؤولي الاحتلال بأنهم سيردون بقبضة من حديد على كل عملية في الضفة المحتلة، ومع دفعهم لـ 25 كتيبة من جيش الاحتلال إلى الضفة، إلا أن 8 شهورٍ من "كاسر الأمواج" يبدو أنها لم تستطع أن تجدف أمواج الضفة، فلم تخبُ عمليات المقاومة أو تتراجع، بل استمر التصعيد، وظهرت مجموعات مقاومة إلى جانب كتيبة جنين، كعرين الأسود، وكتيبة بلاطة وغيرهم من الأفراد المقاومين في أرجاء الضفة. ما يدفع بالسؤال حول مدى تحقيق جيش الاحتلال لأهدافه، وكم استنزفته الضفة المحتلة منذ بدء العملية العسكرية فيها وحتى اللحظة.

واقع التصعيد في الضفة

المختص في الشأن الإسرائيلي جمعة التايه يرى أن ما يحصل في الضفة هو حالة ثورية تأتي في سياق النضال الفلسطيني منذ 100 عام، اشتدت بعد معركة سيف القدس قبل عام ونصف العام، وتصاعدت بعد 3 شهور، وتمركزت في كتيبة جنين وعرين والأسود وبعض العمليات الاستثنائية مثل عمليتي عدي التميمي ومحمد صوف، وهذه العمليات أربكت المؤسسة الأمنية الإسرائيلية مثل الشاباك الذي لا يريد للضفة المحتلة أن تمثل خط تماس مباشر مع الجنود والمستوطنين دون القدرة على السيطرة عليها. 

ويقول التايه في حديثه لـ "شبكة قدس"، إن مؤسسة الاحتلال الأمنية لا تستطيع مواجهة العمليات الفردية التي ينفذها الفلسطينيون، بخلاف العمليات التنظيمية المرتبطة بسلم هرمي يمكن تعقبه، مضيفًا، أن كل الوسائل التي استخدمها الاحتلال من اغتيال واعتقال، واللجوء إلى السلطة عبر التنسيق الأمني لم تحقق أهدافها، فما زالت العمليات منشرة وهناك احتضان شعبي والأمن مفقود والضفة المحتلة تشكل أزمة أمنية للحكومة الإسرائيلية والمستوطنين والمؤسسة الأمنية، والمعادلة في الضفة المحتلة، حتى بلغ الأمر أن مجلس يطالب المستوطنين الأعلى غانتس بتوفير الأمن وتنفيذ عملية عسكرية على غرار السور الواقي 2002.

وفي سياق هذا التصعيد المستمر في الضفة، يؤكد التايه على أن الاحتلال مستنزف، وبالرغم من عدم وجود أرقامٍ محددة للخسائر المادية التي تكبدها الاحتلال منذ بدء "كاسر الأمواج"، إلا أن الأكيد أنها كلفته عشرات إلى مئات الملايين بالشيقل، في ظل وجود نحو 25 كتيبة تعمل في الضفة المحتلة. 

وحول الخسائر المادية والتكلفة لعملية الاحتلال في الضفة، يستذكر التايه اقتحام مخيم جنين لهدم منزل والد الشهيد رعد خازم، حينما أرسل الاحتلال نحو 2000 جندي لتنفيذ الأمر، فضلاً عن عمليات الاغتيال التي تكلفهم ماديًا بشكل كبير جدًا.

استنزاف قدرة الاحتلال عسكريًا 

بدوره، يقرأ المحلل والخبير في الشأن الإسرائيلي عصمت منصور أن الحالة الأمنية والتحديات التي يواجهها جيش الاحتلال في الضفة، استنزفته بعدما اضطر لنشر أكثر من 50% من جنوده على طول الضفة والخط الفاصل، إضافة للاقتحامات المتكررة، خاصة أن هناك عدم وضوح في الأهداف كون العمليات فردية، وكون أي مقاوم يمكنه الدخول إلى الأراضي المحتلة، وهو ما جعلهم يبقون على حالة استنفار وجهوزية وتأمين حماية للمستوطنين واقتحاماتهم.

ويرى منصور في حديثه لـ "شبكة قدس"، أن هذا الاستنزاف أثر على برامج الجيش وخططه التي يعدها، وعلى لياقة الجيش واستعداده، وهذا الجيش المفترض أن يتهيأ لحروب ومواجهة، يمارس جنوده "مهام شرطة" من خلال الاعتقالات، وإقامة حواجز وهو ما يؤثر على أداءه، والروح القتالية للجندي، وهو ما ينعكس سلبيًا على الجيش على المدى البعيد.

وبحسب منصور فإن الاحتلال "محظوظ"، حيث لا توجد تحديات حالية في الجبهة الشمالية، فكيف سيكون الوضع، وستكون الأمور خطيرة وما يحصل حاليا هو استنزاف حقيقي، ويؤثر على قدرته في المناورة، والاهتمام في الجبهات الأخرى، ويضطره أحيانا لاتخاذ سياسات "غير تفجيرية" نوعًا ما لتجنب حدوث أزمات تشتت جبهاته.