شبكة قدس الإخبارية

لا تقربوا الهواتف وأنتم مقاتلون.. كيف يمكن الحفاظ على أطول فترة ممكنة في المطاردة؟

314800011_1761402957591592_3644468714052617967_n
يوسف أبو وطفة

رام الله - خاص قدس الإخبارية: زادت التحذيرات في الآونة الأخيرة من استخدام المقاومين الفلسطينيين والمطاردين منهم على وجه الخصوص لمواقع التواصل الاجتماعي وتطبيقاتها المختلفة، في ظل اعتماد الاحتلال عليها في جمع المعلومات وهو الأمر الذي قد يؤدي لتنفيذ عمليات اغتيال واعتقال.

ومع حضور مجموعات المقاومة في الضفة المحتلة مؤخرًا زادت التحذيرات من مخاطر مواقع التواصل الاجتماعي وتقنيات الهواتف الذكية المختلفة لا سيما مع حدوث بعض عمليات الاغتيالات التي جرت في الفترة من مارس/ آذار الماضي وحتى الشهر الجاري.

ولا يقتصر جمع المعلومات بالنسبة للاحتلال الإسرائيلي على حسابات المطاردين فقط بل يمتد إلى أقاربهم أو أصدقائهم المقربين بناءً على صور سابقة لهم، فضلاً عن تحليل البيانات الخاص بحساباتهم ومحيطهم الاجتماعي من قبل الوحدات الاستخباراتية المختلفة.

وتعمل وحدات مثل "8200" أو وحدات التجسس الأخرى التابعة للاحتلال الإسرائيلي على محاولة اختراق الحسابات أو الهواتف الخاصة بالمطاردين بشكل دائم للوصول إلى المعلومات التي تمكنها من الوصول إليهم أو حتى بناء تصور حول شخصياتهم وتأثيرهم في المشهد المقاوم.

ومن بين الأدوات أو الأذرع التي استخدمها الاحتلال سابقًا في التجسس "سرب نخشون"، وهو ذراع تجسسي إلكتروني، يغطي العالم العربي، ويستخدم السرب طائرات "غولفستريم" الأمريكية، التي تحمل في داخلها منظومات تجسس، ومراقبة، وقيادة، وسيطرة، وهي طائرات في قمة التطور والتقدم.

وبمحاذاة ذلك تحضر الأقمار الصناعية الإسرائيلية، إذ اعتمد جيش الاحتلال الإسرائيلي بشكل كبير على الأقمار الصناعية للتجسس على الدول العربية، فقد ارتفعت نسبة الاعتماد تلك من 150% إلى 200 %، بهدف مراقبة ما يجري في المنطقة العربية.

في الوقت ذاته، يمكن الإشارة إلى مركزية عمل الوحدة (8200) في هذا السياق، وهي وحدة تابعة لشعبة الاستخبارات العسكريّة (أمان).

في السياق، يقول الكاتب والباحث وسام رفيدي إن استخدام أدوات التواصل الاجتماعي والتقنيات الذكية في العمل النضالي هو عملية خاسرة تمامًا على اعتبار أنه لا يمكن مقارعة الاحتلال في هذا المجال نظرًا للتطور التكنولوجي الهائل في هذا المجال.

ويستدل رفيدي في حديثه لـ "شبكة قدس" أن أجهزة التتبع والأقمار الصناعية التابعة للاتحاد السوفيتي وحتى الولايات المتحدة كانت قادرة على قراءة الصحف المكتوبة من الفضاء في ثمانينات القرن الماضي، وهو ما يعكس حالة التطور التقني الذي وصل له العالم في مجال التجسس والتقنيات التكنولوجية المختلفة.

ويشدد الكاتب والباحث الفلسطيني على أن الاحتلال لا يكتفي بجمع المعلومات بشكلٍ مباشر عن المقاومين، بل يقوم بجمع أدق التفاصيل التي تنشر عنهم عبر شبكات التواصل الاجتماعي أو من خلال المحادثات والمراسلات ويعمل على تحليلها بأسلوب الهندسة الاجتماعية.

ويردف رفيدي قائلاً: "الاحتلال لا يوفر وسيلة إلا ويقوم بها من أجل ملاحقة المطاردين بما في ذلك تحليل بصمة العين حتى مع ارتداء المقاومين اللثام من أجل التخفي، وهو ما يضع على المقاومين مسؤولية أمنية إضافية للتقليل من أية أخطاء في هذا السياق".

ووفق رفيدي فإن أحد أسباب فشل الاحتلال في الوصول إلى المقاوم عدي التميمي على مدار 12 يومًا من المطاردة في القدس المحتلة كان يعود لابتعاده عن التقنيات والهواتف الذكية وعدم استخدامها بأي شكل من الأشكال ما أسهم في تخفيه طوال هذه المدة ونجاحه في تنفيذ عملية أخرى.

ويشدد على أن الحديث عن الخصوصية في مواقع التواصل الاجتماعي مجرد حديث لا أساس له من الصحة كون التقنيات الاجتماعية تساعد في الوصول إلى البيانات وتحليلها باستخدام التقنيات التكنولوجية المتطورة التي يستخدم الاحتلال.

ويرى رفيدي أن الحاضنة الشعبية للمقاومين مطالبة هي الأخرى بعدم نشر أية معلومات عن المطاردين سواء تاريخهم أو أصدقائهم أو أماكن نشأتهم، على اعتبار أن الاحتلال يستغل هذه المعلومات في تحليلها باستخدام وحدات التجسس وبالتالي يمكن الوصول لهم وتنفيذ عمليات اغتيال.

إلى ذلك، يقول الصحفي والمختص في الشأن الإسرائيلي محمد بدر إن الاحتلال الإسرائيلي لديه وحدات متخصصة في مجال التجسس من أبرزها الوحدة 8200 التابعة لاستخبارات جيش الاحتلال، والتي كانت في وقت من الأوقات يدور الحديث عن تحويلها لـ "وكالة المعلومات الوطنية الإسرائيلية" وهذا يدلل على حجم المعلومات التي تجمعها وتعالجها.

ويضيف بدر لـ "شبكة قدس" أن هذا الحديث كان بسبب قدرة الوحدة على جمع المعلومات، إلى جانب الوحدات التي يمتلكها جهاز أمن الاحتلال العام "الشاباك" ومن أبرزها وحدة السايبر وبالتالي فإن الاحتلال دولة متقدمة في مجال التكنولوجية الاستخباراتية.

ويستكمل قائلاً: "الفضاء الإلكتروني يشكل خطرًا حقيقيًا على المقاومين والمطاردين الفلسطينيين إضافة إلى أن المراقبة من خلاله أقل تكلفة بالنسبة للاحتلال لا سيما مواقع التواصل الاجتماعي التي أصبحت عنصرا مركزيا أكثر من الجواسيس البشرية في عملية تتبع المقاومين".

ويشير بدر إلى أن هذه المواقع يمكن أن يكتب فيها المطارد مشاعره وتوجهاته ومواقفه وتوجساته وأحيانا تحركاته، وأحيانا تأتي المعلومة بطريقة غير مباشرة أي من خلال محادثات آخرين أو منشوراتهم، وبالتالي فإن أمن المطارد أصبح مسؤولية خاصة ومجتمعية.

ويوضح الصحفي والمختص في الشأن الإسرائيلي أن الحاضنة الشعبية للمطاردين مستهدفة هي الأخرى من قبل الاحتلال لا سيما وحدة 8200 التي تقوم بمهمتين رئيسيتين تتمثلان في جمع المعلومات التي تأتيها من المصادر المفتوحة، ثم تحليلها، والوصول إما لمعلومات استخباراتية أو تصورات استخباراتية.

وينوه بدر إلى أن مواقع التواصل الاجتماعي ليس شرطًا أن تمنح الاحتلال معلومات مباشرة بل هي قادرة على إعطائه توقع استخباراتي مستقبلي بناءً على ما يقوم بجمعه من معلومات وبيانات من قبل هذه المصادر المفتوحة وغير المفتوحة.

ويعتقد أن تأثيرات استخدام تقنيات التواصل الاجتماعي والهواتف الذكية لا يضر فقط بمقاوم أو مطارد بل يضر بالحالة المقاومة ككل وهو ما يتطلب وعي أوسع من قبل المقاومين المطاردين وحتى الحاضنة الشعبية للمقاومين الفلسطينيين.

 

ويقول بدر: يتضح من خلال الجوائز التي منحت للوحدة 8200 في الأشهر الأخيرة، أن لها دور هام في عملية اغتيال واعتقال المقاومين في الضفة الغربية، وهذا شيء لم يعد يخفيه الاحتلال، لأنه يتفرض أن البقاء في الفضاء الإلكتروني أصبحت ظاهرة اجتماعية شبه ثابتة لا تتغير بمعطيات أخرى.

#المقاومة #القسام #التواصل_الاجتماعي #المطاردين #كتيبة_جنين #عرين_الأسود