شبكة قدس الإخبارية

مشاركة أفراد الأجهزة الأمنية في الفعل المقاوم.. كيف يمكن قراءته في هذه المرحلة؟

307403630_467865701954791_5693153272955743824_n
يوسف أبو وطفة

رام الله - خاص قدس الإخبارية: أعادت عملية حاجز الجلمة الأخيرة قرب جنين تسليط الضوء على مشاركة عناصر من الأجهزة الأمنية الفلسطينية في تنفيذ عمليات للمقاومة الفلسطينية خلافًا لحالة التنسيق الأمني التي تتبناها السلطة كسياسة معلنة وغير خفية.

وتاريخيًا لم تغب حركة فتح أو عناصر الأجهزة الأمنية عن تنفيذ عمليات فدائية ذات طابع نوعي في الضفة الغربية المحتلة أو قطاع غزة والقدس وتحديدًا خلال فترة انتفاضة الأقصى من العام 2000 إلى 2005، بالرغم من سياسة السلطة.

وفي الفترة من عام 2015 شهدت تنفيذ عمليات كان بعض منفذيها من عناصر الأجهزة الأمنية، لعل من أبرزهم الشهيد مازن عريبة من جهاز المخابرات العامة، والذي نفذ عملية إطلاق نار على سيارة لجيش الاحتلال قرب حاجز حزما العسكري أدت لإصابة جندي إسرائيلي بجراح بتاريخ 3-12-2015.

ومن ثم عملية الشهيد المقاتل: أمجد السكري من جهاز الشرطة الفلسطينية الذي نفذ عملية اقتحام حاجز "بيت إيل" العسكري بتاريخ 31-1-2016 ما تسبب في إصابة 3 جنود من جيش الاحتلال الإسرائيلي، ثم عاد الشهيد محمد تركمان ليواصل مسيرة السكري بتنفيذ عملية مماثلة على ذات الحاجر في 31-10-2016 باشتباك مع 3 جنود أيضًا.

وفي 10-6-2021 اشتبك الشهيدان تيسير عيسة وأدهم عليوي من جهاز الاستخبارات العسكرية خلال عملية اغتيال الشهيد جميل العموري على يد وحدة خاصة لجيش الاحتلال، ثم أخيرًا العملية النوعية التي شارك بها العسكري أحمد عابد من جهاز الاستخبارات العسكرية على حاجز الجلمة والتي أدت لمقتل ضابط كبير وإصابة آخرين في 14 سبتمبر 2022.

وتعكس سلسلة العمليات المذكورة، حضورًا لعناصر الأجهزة الأمنية في المشاركة في الهبات وأوقات تصاعد العمليات، خلافًا لما تتبناه السلطة، في الوقت الذي تتنامى فيه مؤخرًا حضور مجموعة محسوبة على كتائب شهداء الأقصى ضمن الاشتباكات في مناطق شمال الضفة.

ودفع انخراط بعض عناصر الأجهزة الأمنية وكتائب شهداء الأقصى، بوزير حرب الاحتلال بني غانتس للحديث بصورةٍ علنية عن ضرورة قيام السلطة بفحص عناصرها والتأكد من سلامتهم أمنيًا، محذرًا من مخاطر تصاعد العمليات على استقرار الضفة والسلطة.

في هذا السياق، يقول الكاتب والصحفي أحمد العاروري إن للنشطاء المحسوبين على حركة فتح أو المنخرطين في أجهزتها التنظيمية تاريخيًا حضورًا مختلف الأشكال والأدوار في الهبات والأعمال النضالية ضد الاحتلال، سواء بغطاء من قيادة الحركة أو بعيدًا عن خطابها الرسمي.

ويضيف العاروري لـ "شبكة قدس" أن في هذه المرحلة من تاريخ المقاومة في الضفة المحتلة، وتحديدًا في مناطق الشمال، فإن حضور كوادر فتح يعبر عن قراءات متعددة اجتماعيًا وسياسيًا، منها أن هذا الحضور يعكس الفجوة بين قيادة الحركة وجيل من شبابها الذين دخلوا معترك النضال على وقع تاريخ الحركة ورموزها وتأثرًا بالمواجهات التي خاضتها المقاومة في مختلف مناطق فلسطين المحتلة، خلال السنوات الماضية.

ويردف: "ربما يمكن قراءة هذه المشاركة في سياق الرفض بين هذه الفئات، خاصة صغيرة السن، للتوجهات الرسمية لقيادة الحركة، وتأثرها بالخطاب المقاوم الذي يحمله طيف واسع من الشباب الفلسطيني، حتى دون أي التزام تنظيمي واضح، سوى تأثر بالرموز والقيادات المقاومة في مختلف الفصائل".

أما على المستوى الاجتماعي، فيرى العاروري أن ما يجري حاليًا يعكس ديناميكية مهمة في المجتمع الفلسطيني تجعل العمل العسكري أو السياسي المقاوم ممكنًا في إطار واحد تتعدد فيه الآراء والتوجهات الفكرية، على حد قوله.

ويستكمل قائلاً: "تاريخيًا كان لأبناء الأجهزة الأمنية دور في الانتفاضات المختلفة، خاصة في هبة النفق وانتفاضة الأقصى، ولكن الجديد بعد مرحلة 2007 هو التغييرات التي جرت على بنية الأجهزة الأمنية الفلسطينية".

ويشير إلى أن أبناء الأجهزة الأمنية هم من المجتمع الفلسطيني، الذي يشاهد المشروع الإسرائيلي الاستيطاني وهو يبتلع الأرض ويمضي قدماً في ضم الضفة، ويرون قوات الاحتلال وهي تقتحم المدن والبلدات على مدار الساعة وترتكب الجرائم، لذلك فإن تأثرهم بهذه الأجواء النضالية ليس بعيدًا.

ويرى العاروري أن ما يخشى منه الاحتلال هو توسع ظاهرة انخراط كوادر الأجهزة في العمل المسلح، لذلك يحاول تصوير المسألة على أنها "فلتان أمني" أو احتجاج على الأزمة المالية وغيرها، ويعمل على تغييب صورة الفلسطيني الذي يتمرد من أجل تحرير وطنه.

ويضيف: "الرأي الرسمي لقيادة الحركة خاصة الرئيس واضح ومعلن في رفض العمليات العسكرية ولا أعتقد أن انخراط شباب فتح في المواجهات جزء من توجه هذه القيادة، إذ أن ما يحصل مرتبط باتساع الحالة النضالية في الضفة الأمر الذي سيشجع فئات جديدة على الانخراط، وهو ما شهدناه في مراحل ثورية سابقة".

ويؤكد الكاتب والصحفي العاروري أن حركة فتح لها حاضنة شعبية واسعة ودخول هذه الطبقات في الانتفاضة أو الهبة الثورية سيكون له عامل دفع لها في اتجاه التوسع.

من جانبه، يرى عضو المجلس الثوري في حركة فتح جمال حويل أن مشاركة عناصر من الأجهزة الأمنية وكوادر من الحركة في تنفيذ العمليات هو أمر طبيعي في ظل اتساع حالة الاستيطان والجرائم الإسرائيلية في الضفة فضلاً عن استمرار حصار غزة وما يجري في القدس.

ويقول حويل لـ "شبكة قدس" إن المشاركة وإن لم تكن بغطاء رسمي من الحركة فإنها تكرار للتجربة التي سارت عليها الحركة في أواخر عهد ياسر عرفات الذي أمر عناصر الأجهزة الأمنية وكتائب شهداء الأقصى بحمل السلاح في الوقت الذي لم تكن فيه الحركة أو المؤسسة الرسمية تتبنى الخيار المسلح بشكل رسمي.

ويوضح عضو المجلس الثوري لفتح أن انخراط كوادر من حركة فتح والأجهزة الأمنية خلال الفترة المقبلة سيظل مطروحًا وقائمًا في ضوء حالة تنامي الفعل المقاوم المضاد لجرائم الاحتلال الإسرائيلي حتى وإن لم يكن هناك غطاء رسمي.

ويعتقد حويل أن تواجد حركة فتح وعناصرها ضمن منفذي العمليات والمجموعات المختلفة من شأنه أن يعزز واقع المقاومة الفلسطينية ويؤدي إلى مزيد من انخراط الكوادر والشباب في تنفيذ هذه العمليات نظرًا للحضور الشعبي في المدن الفلسطينية المختلفة بالضفة.

#فتح #المقاومة #الأجهزة_الأمنية