شبكة قدس الإخبارية

الأسرى يصعدون بعد تنصل الاحتلال من التزاماته: كيف نقرأ الإضراب الحالي؟

FzxfU
نداء بسومي

فلسطين المحتلة - خاص شبكة قُدس: في مارس/ آذار الماضي، نجح الأسرى الفلسطينيون في وقف حملة التصعيد الإسرائيلية بحقهم بعد أن كانوا على أعتاب معركة الإضراب الأوسع عن الطعام منذ عام 2004، نتيجة لممارسات مصلحة السجون ومحاولتها فرض وقائع جديدة بعد عملية "نفق الحرية".

ورغم تعهد الاحتلال حينها بوقف كل إجراءاته، وتنفيذ جميع المطالب التي وضعتها قيادة لجنة الطوارئ الممثلة للأسرى داخل السجون، إلا أنه وعلى مدار 4 أشهر لم يلتزم بتنفيذ أي منها محاولًا اللعب على وتر الوقت والمماطلة.

نتيجة لذلك، بدأت الحركة الأسيرة في سجون الاحتلال، اليوم الإثنين 22 أغسطس/ آب، أولى خطواتها النضالية والتي تمثلت في امتناع أكثر من 4500 أسير عن الخروج إلى ما يسمى "الفحص الأمني"، احتجاجاً على الإجراءات القمعية الجديدة، مهددةً بالشروع في الإضراب المفتوح عن الطعام اعتباراً من أيلول/ سبتمبر المقبل ما لم يتم التراجع عن هذه الإجراءات بشكل فوري وعاجل وتنفيذ جميع ما تم التوصل إليه خلال شهر مارس/ آذار الماضي.

انتزاع حقوق وليس افتعال أزمة 

حول ذلك، يقول رئيس نادي الأسير الفلسطيني قدورة فارس إن خطوات الأسرى الأخيرة جاءت في سياق الرد على الأزمة التي افتعلتها مصلحة سجون الاحتلال الإسرائيلي، وليس من أجل افتعال أزمة فهم يريدون أن يدافعوا عن أنفسهم وحقوقهم.

ووفق حديث فارس لـ "شبكة قدس"، فإنه إذا لم تستجب إدارة السجون لمطالب الأسرى وخطواتهم التصعيدية بشكلٍ فوري وتدخل معهم في حوار فإن النتيجة الحتمية هي اتجاه الأسرى الفلسطينيين إلى الإضراب المفتوح عن الطعام اعتبارًا من الشهر المقبل.

ويؤكد فارس على أن الأسرى حينما أخذوا هذه الخطوات التمهيدية أرادوا أن يظهروا لإدارة السجون جديتهم وجاهزيتهم للمواجهة إذا اقتضى الأمر، إلى جانب وضعهم أمام السيناريوهات المتمثلة بالإضراب عن الطعام والحوار.

وبحسب فارس فإن الأسرى حاليًا يعملون ضمن لجنة واحدة وضمن خطة عمل مشتركة واحدة تتبع للجنة الطوارئ، وهو أمر لم يحدث منذ 2004، فمنذ 18 سنة لم يتمكن الأسرى من القيام بمعركة موحدة داخل سجون الاحتلال الإسرائيلي.

أما عن الضمانات بشأن انتزاع الأسرى حقوقهم خلال هذه المواجهة، فيرى رئيس نادي الأسير أنه لا ضمانات إلا جاهزية الأسرى الفلسطينيين للدفاع عن حقوقهم و مكتسباتهم داخل السجون، نافيًا في ذات الوقت وجود أية معلومات عن إشارات متعلقة بإجراء حوارات بين الأسرى ومصلحة السجون حتى اللحظة.

إضراب الأسرى في عيون إدارة السجون 

في السياق، يقول الكاتب والمختص في الشأن الإسرائيلي جمعة التايه، إن الاحتلال اعتاد على الإخلال باتفاقياته مع الأسرى الفلسطينيين داخل السجون، سواء كانت على صعيد الإضرابات الفردية أو الجماعية، أو تلك التي خاضها الأسرى بشكل موحد وفصائلي.

ووفق حديث التايه لـ "شبكة قدس"، فإن إدارة السجون بعد عملية نفق الحرية "سجن جلبوع" هاجمت الأسرى وأرادت التنصل من كل التعهدات والالتزامات التي انتزعتها الحركة الأسيرة في محاولة للعودة بها إلى سنوات السبعينات، منها محاولة الاحتلال إلغاء البوسطة والعيادات والفورة إلى جانب التحكم في "الكنتيانا" وزيارات الأهالي، وهي سلسلة من المكتسبات التي انتزعتها الحركة الأسيرة على مدار عقود بالمواجهة والإضرابات.

وبحسب المختص في الشأن الإسرائيلي، فإن مصلحة سجون الاحتلال سعت لاستغلال حادثة نفق جلبوع للعودة بالأسرى قرابة 30 إلى 40 عامًا، وهو ما جعل الأسرى يذهبون لتدشين لجنة طوارئ دفعت الاحتلال في شهر مارس للاستجابة النظرية دون تنفيذ أي من مطالب الحركة الأسيرة.

ويستشهد التايه بـ "الفورة" التي يريد الاحتلال التحكم فيها وتقليصها إلى ساعة ونصف أو إلغائها كليًا كما الأسرى في العزل الانفرادي، بعد أن كان الأسير الفلسطيني يستطيع الخروج ما بين 7 إلى 8 ساعات للفورة يوميًا وفي بعض الأحيان أكثر، وهو ما يعكس رغبة الاحتلال في نسف مكتسبات الأسرى.

وعن جاهزية الاحتلال لمواجهة إضراب الأسرى، يرى أن مصلحة السجون والمستوى الأمني للاحتلال ينتهج "الضربة الاستباقية"، أي أنهم يلجأون لخطوات تصعيدية ضد الحركة الأسيرة قبل أن تبادرها الأخيرة بأية مطالب جديدة.

ويوضح التايه قائلاً: "الاحتلال ومصلحة السجون يلجأون لسحب الإنجازات، فتصبح مطالب الحركة الأسيرة تتمثل في استرداد ما تم سحبه، وليس المزيد من المطالب والمكتسبات، لذلك يميل إلى سلوك الضربة الاستباقية بين فترة وأخرى".

الساحة الفلسطينية: مدى القدرة على المساندة؟ 

أما عن ظروف الساحة الفلسطينية فيقول الكاتب والمختص في الشأن السياسي ساري عرابي إن هناك مجموعة من العوامل تؤثر بشكل عضوي وجوهري على الإضراب، أول هذه العوامل هي قدرة الشارع الفلسطيني على دعم إضراب الأسرى وإسنادهم في إضرابهم وهذا العامل الأهم.

وبحسب عرابي الذي تحدث لـ "شبكة قدس"، فإن الإشكالية في هذا العامل ليست في أن الشارع الفلسطيني لا يشعر بالأسرى أو لا يتفاعل معهم، بل في طبيعة النضال وأدوات النضال التي تغيرت بشكل جوهري، سيما وأنه بعد تأسيس السلطة لا يوجد هناك احتكاك يومي مع الاحتلال كما كان الوضع عليه قبل تأسيسها.

ويعتقد الكاتب والمختص في الشأن السياسي أن الأدوات النضالية غير قابلة بالديمومة والاستمرار، مشيرًا إلى أن ساحة الضفة التي تعتبر الأكثر قدرة على المواجهة مع الاحتلال، لا تستطيع إدارة فعاليات جوهرية ومؤثرة وقادرة على استنزاف الاحتلال وإرهاق الاحتلال؛ بسبب سياسات السلطة، فضلًا عن الانقسام الذي لا يساعد الفصائل الفلسطينية على إدارة فعاليات مؤثرة ومجدية ومرهقة للاحتلال.

أما عن غزة، فيعلق عرابي قائلاً: "طبيعة غزة لن تتجاوز الفعاليات والاحتجاجات، وهذا الأمر لن يكون مؤثر على الاحتلال لكون نمط المقاومة في قطاع غزة نمط عسكري قد يستدعي مواجهات وحروب والقطاع غير مستعد لها".

لكن عرابي يرى أنه ورغم الظروف السياسية الفلسطينية الموضوعية حاليًا، فإن بعض العوامل قد تنعكس إيجابيًا على خطوة الأسرى وتجعله يحقق النتائج المرجوة، أولها الخشية من المواجهة مع غزة والدخول في حرب هو لا يريدها حاليًا، إلى جانب الخشية من توتير ساحة الضفة.

وأردف قائلاً: "بالرغم من الظروف الذاتية الصعبة كشعب فلسطيني وقوى وتنظيمات خلال الفترة الحالية، فإن الاحتلال سيبقى يخشى من انفجار المشهد فيما لو ذهب الأسرى للإضراب المفتوح عن الطعام بخطوة موحدة ومشتركة".