شبكة قدس الإخبارية

17 عاماً على تحرير غزة... كيف هزمت المقاومة أحلام شارون الاستيطانية؟

Screenshot (1318)

غزة - قُدس الإخبارية: في 15 أغسطس/ آب بدأ جيش الاحتلال تفكيك الكتل الاستيطانية التي أقامها في قطاع غزة، بعد حرب استنزاف طويلة خاضتها فصائل المقاومة الفلسطينية، تصاعدت بعد اندلاع انتفاضة الأقصى.

كان العقل الاستراتيجي للمخططين الإسرائيليين، ينظر إلى الاستيطان في قطاع غزة بعد الاحتلال عام 1967، على أنه يمثل جداراً يحمي المستوطنات والمدن في الداخل الفلسطيني المحتل عام 1948، ويشكل حاجزاً مع مصر خاصة بعد انسحاب "إسرائيل" من سيناء عقب توقيع اتفاقية "كامب ديفيد"، مع النظام المصري.

بعد هزيمة 1967، طالب يغال ألون الوزير في حكومة الاحتلال حينها بإقامة حزام استيطاني في محيط قطاع غزة، وتقسيم المناطق الفلسطينية إلى ثلاث كتل تفصل بينها حواجز مادية عبارة عن مواقع عسكرية ومستوطنات، وتوزعت الكتل الاستيطانية في غزة إلى ثلاث مناطق هي: مستوطنات الشمال  (إيرز، إيلي سيناي، نيسانيت ونتساريم)، ومستوطنات دير البلح ومركزها مستوطنة "كفار داروم"، ومستوطنات خانيونس (غوش قطيف، جاني طال، نتسار حزاني، نفيه دكاليم، دوغيت، جديد، موراغ، غان أور ورفيح يام).

كان أرئيل شارون أحد أبرز القادة العسكريين والسياسيين في تاريخ دولة الاحتلال، من أشد المتحمسين لعملية الاستيطان في قطاع غزة، بهدف خلق أفق استراتيجي يمنع الفلسطينيين في غزة ومن خلفهم العمق العربي، من تشكيل تهديد على "إسرائيل".

في فترة السبعينات، تصاعدت المقاومة الفلسطينية ضد الاحتلال في غزة، خاض شارون حرباً إجرامية ضد خلايا المقاومة. كان شارون من أبرز الجنرالات في جيش الاحتلال الذين طالبوا باتباع "سياسة حديدية" ضد المقاومة في القطاع، وأطلق يد الوحدات الخاصة "ريمون، وشاكيد" في مهاجمة المنازل والمعاقل المتوقعة للمقاومة، وارتكب خلال فترة قيادته للقطاع جرائم عديدة.

شكل هذا الإجرام في قمع المقاومة الفلسطينية، في غزة، أحد وسائل شارون لتثبيت الوجود الإسرائيلي في القطاع ضمن رؤيته الاستراتيجية الكبرى التي تبلورت خلال العدوان على لبنان عام 1982، التي انطلقت من تفكير سياسي وعسكري لدى شارون يقول إن مهاجمة الفلسطينيين في لبنان سيدفعهم إلى الهجرة إلى دول أخرى بينها الأردن، وإقامة دولة هناك، تكون بديلاً عن الضفة وغزة.

بعد فشل إيهود باراك في القضاء على انتفاضة الأقصى، وصل شارون إلى سدة الحكم في دولة الاحتلال، معززاً بتاريخه الإجرامي في مواجهة الفلسطينيين والعرب ووعود بإنهاء الانتفاضة خلال أسابيع. واصلت المقاومة الفلسطينية بعد تولي شارون رئاسة الحكومة، ضرباتها في عمق دولة الاحتلال، انطلاقاً من الضفة المحتلة، بينما شنت المقاومة في غزة حرب استنزاف على المستوطنات والمواقع العسكرية المقامة في القطاع، تزامناً مع تطوير جسمها العسكري من الخلايا السرية الصغيرة إلى شكل تنظيم أكبر يستوعب الخبرات والكوادر بشكل أوسع، وقادر على تطوير الأدوات العسكرية في المواجهة.

أيقن شارون بعد المواجهة القاسية التي خاضها مع المقاومة الفلسطينية، في غزة، أن الحل هو بالانسحاب وتفكيك الكتل الاستيطانية التي دافع عن وجودها خلال عقود من عمله السياسي والعسكري.

شارون الذي قال يوماً إن "نتساريم كتل أبيب" كان هو صاحب مشروع الانسحاب على طريق "فك الارتباط" مع الفلسطينيين، بعد سنوات من انتفاضة الأقصى، التي كبدت الداخل الإسرائيلي خسائر فادحة، وأفقدته الأمن والاستقرار، وأصبح الوجود الاستيطاني في غزة عبئاً على الأجهزة الأمنية والعسكرية في دولة الاحتلال، خاصة مع معركة التطوير على الأدوات العسكرية، التي بدأتها المقاومة منذ بداية انتفاضة الأقصى، وصولاً إلى هذه المرحلة من التاريخ النضالي الفلسطيني.

منذ 15 عاماً يواجه المجتمع الفلسطيني في غزة، حرباً متعددة المجالات من الاقتصادي إلى العسكري، ورغم المعاناة القاسية التي يعيشها الفلسطينيون هناك، جراء الحصار الذي امتد من أبسط أساسيات الحياة حتى الحق في العلاج، إلا أن المختصين والضباط في جيش الاحتلال وأجهزته السياسية والأمنية يعترفون أن المقاومة في غزة، تحولت إلى "معضلة" استراتيجية أمام "إسرائيل"، وكل الخيارات في التعامل مع هذه الظاهرة أصبحت صعبة، في ظل إحجام المؤسسة العسكرية والسياسية عن خيار إعادة احتلال القطاع، بسبب يقينها أن خسائر فادحة بانتظارها في المخيمات والمدن التي تمنى قادتها يوماً أن "يبتلعها البحر".

 

#غزة #المقاومة #شارون