شبكة قدس الإخبارية

اتفاق مصري إسرائيلي أوروبي لسرقة غاز الفلسطينيين.. أين دور السلطة؟

FVR3IADWAAAHZGf

فلسطين المحتلة - قُدس الإخبارية: في خطوة جديدة لنهب الموارد الفلسطينية، وقعت حكومة الاحتلال الإسرائيلي اتفاقية مع مصر والاتحاد الأوروبي، يوم أمس، لنقل الغاز الفلسطيني المسروق من البحر، إلى أوروبا، في ظل تعامل "باهت" فلسطينياً مع هذا المشروع الذي يمس بشكل خطير مع الحقوق الفلسطينية.

الاتفاق الذي يستمر لمدة 3 سنوات وقابل للتجديد لمدة عامين إضافيين، وفقاً لوزيرة الطاقة في حكومة الاحتلال، جرى توقيعه على هامش اجتماع لمنتدى غاز شرق المتوسط، الذي يضم في عضويته بالإضافة للسلطة كلاً من: الأردن، ودولة الاحتلال الإسرائيلي، ومصر، واليونان، وقبرص، وإيطاليا، وفرنسا.

التعليق الرسمي الفلسطيني الوحيد بعد الاتفاق جاء في كلمة لممثل السلطة أمام منتدى غاز شرق المتوسط، ب"المطالبة بالسماح باستثمار حقل غزة مارين وإزالة العوائق الإسرائيلية التي تمنع ذلك".

تسعى أوروبا إلى الحصول على إمدادات من الغاز تستغني من خلالها عن الحاجة للغاز الروسي، بعد الحرب في أوكرانيا، ولسلب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين "ورقة ضغط" على القوى المعادية لروسيا ومورداً يوفر إمدادات هامة للخزينة الروسية، بينما يطمح نظام الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إلى لعب دور الوسيط في المنطقة من خلال صفقات نقل الغاز، عبر إدكو ودمياط، والتحول إلى "محور إقليمي" في عمليات تصدير الطاقة، عبر الحصول على إمدادات الغاز الفلسطيني المسروق من دولة الاحتلال ثم إسالته ونقله إلى أوروبا.

تمثل الصفقة لدولة الاحتلال الإسرائيلي فرصة استراتيجية لفتح أسواق للغاز الذي تستولي عليه، من الشواطئ الفلسطينية، وباباً لدمجها في البنية التحتية بالمنطقة، في سياق سعيها الدائم للاندماج في المنطقة، تزامناً مع مشاريع التطبيع التي تشرفها عليها الولايات المتحدة الأمريكية، مع عدة أنظمة في المنطقة.

في عام 2010 قدَرت هيئة المسح الجيولوجي الأمريكية، أن حوض البحر الأبيض المتوسط يحتوي على 122 تريليون م3 من مصادر الغاز، بالإضافة إلى ما يقارب 107 مليارات برميل من النفط قابلة للاستخراج، وتوفر خصائص الغاز من ناحية سهولة النقل ونظافته البيئية مقارنة بالنفط، ميزات مهمة أمام الدول التي تحصل على كميات منه أمام سواحلها.

كان إعلان دولة الاحتلال عن اكتشاف حقلي "تامار" و"ليفياثان" بالتسمية الإسرائيلية، على السواحل الفلسطينية، عام 2010 فرصة أمامها لفتح استثمار اقتصادي جديد يوفر لها "الرفاهية"، ورغم أنها لم تحقق النتائج المرجوة منه، إلا أنها تنظر إلى الصراع على الغاز في البحر المتوسط، في سياق سعيها للسيطرة على المنطقة واقتصادها، وتشير التقديرات إلى أن حقل "ليفياثان" الذي يقع على بعد 200 كم غرب حيفا المحتلة، يحتوي على حوالي 605 مليار متر مكعب من احتياطيات الغاز الطبيعي، بينما يقع حقل "تمار" على بعد 50 ميل غرب حيفا ويحتوي 275 مليار متر مكعب من الغاز، وخلال الأيام الماضية عادت إلى الواجهة قضية حقل "كاريش" على الحدود الشمالية لفلسطين المحتلة، في ظل تهديدات المقاومة باستهداف أي سفينة تحاول التنقيب عن الغاز في "المنطقة المتنازع عليها".

في خضم هذه الصراعات والحوارات حول استثمار الغاز في المنطقة، يغيب صاحب الحق الأصلي في السواحل الفلسطينية، في ظل إصرار الأنظمة الإقليمية وهي تبحث مع دولة الاحتلال مشاريع نقل الغاز، حقوق الشعب الفلسطيني في استثمار حقول الغاز الخاصة به.

يدفع المستهلك الفلسطيني في الضفة وغزة مبلغ 70 شاقل إسرائيلي ثمن أنبوبة الغاز، التي يبلغ وزنها 12 كلغم، مما يزيد من أعباء العائلات الفلسطينية التي تواجه ظروفاً اقتصادية صعبة، في ظل ارتفاع أسعار السلع الأساسية الذي ازداد مؤخراً، هذا الواقع الاقتصادي الصعب يدفع للتساؤل عن التعامل الفلسطيني "الباهت" في قضية الحقوق الغازية، خاصة أن كميات من الغاز تقع على مقربة من قطاع غزة، الذي يعاني الفلسطينيون فيه من تردي الأوضاع الاقتصادية.

كانت السلطة الفلسطينية من أول الأطراف الإقليمية التي أعلنت عن اكتشاف الغاز في البحر الأبيض المتوسط، تحديداً في عام 1999 وقرب شواطئ غزة. يقع حقل "غزة مارين" على بعد 23 ميلاً بحرياً من القطاع، وتشير التقديرات إلى أن كميات الغاز فيه تكفي لسد احتياجات الضفة والقطاع لما يقارب 25 عاماً، إذ يقع على مساحة تفوق 1000 كيلومتر، وتبلغ كمية الغاز فيه حوالي 33 مليار متر مكعب.

منحت السلطة حق التنقيب عن الغاز في الحقل لصندوق الاستثمار الفلسطيني وشركات بينها (BG- British Gas Group) بالإضافة لاتحاد المقاولين (CCC)، وترفض دولة الاحتلال العمل في الحقل وتحاول فرض تسييل الغاز في محطة بمدينة عسقلان المحتلة.

في نيسان/ إبريل 2019، أكد تحقيق أجراه برنامج "ما خفي أعظم" عبر قناة الجزيرة، نقلاً عن وثائق وخبراء على "نقاوة الغاز" في الحقل القريب من شواطئ غزة وأن العائدات التي ستعود للفلسطينيين تقدر بنحو 4.5 مليارات دولار، وشدد على أن دولة الاحتلال تسرق كميات من الغاز الفلسطيني في مقابل حرمان الفلسطينيين من استغلاله، وذكر التحقيق أن السلطة الفلسطينية كلفت المهندس إسماعيل المسحال، عام 1996، بالتواصل مع شركات مختلفة منها "جي أف إي" الألمانية و "روبرتسون" البريطانية للتفاوض حول التنقيب، قبل أن تتواصل مع شركة "بريتش غاز".

وكشف أن عمليات التفاوض مع الشركة جرى عبر مسارين الأول من خلال المهندس المسحال، والآخر من خلال "خالد سلام" مستشار الرئيس الراحل ياسر عرفات، المتهم حالياً من جانب السلطة في عدة "قضايا فساد ونهب للمال العام".

وقال التحقيق إن عزام الشوا الذي شغل منصب وزير الطاقة الفلسطيني، في بداية الانتفاضة الثانية، "تفاوض مع دولة الاحتلال على تزويد المناطق الفلسطينية المحتلة بالكهرباء وتخفيف مديونية غزة لشركة الكهرباء الإسرائيلية وبناء محطة كهرباء إضافية للقطاع مقابل حصول إسرائيل على الغاز"، قبل أن يوقف أرئيل شارون الاتفاق.

بينما يختنق المجتمع الفلسطيني بالبطالة وانقطاع التيار الكهربائي، وحقول الغاز قريبة من شواطئ بلاده، تسرق دولة الاحتلال موارده وتجد في الإقليم من يسهل لها ذلك، في صفقات يحضر فيها الجميع إلا صاحب الحق.

 

 

 

 


 

#روسيا #مصر #إسرائيل #الاتحاد الأوروبي #عبد الفتاح السيسي #الغاز #أوكرانيا #السلطة الفلسطينية #غزة مارين #حقل كاريش #البحر الأبيض المتوسط #محمد رشيد #خالد سلام #حقل تامار #حقل ليفياثان