شبكة قدس الإخبارية

بنك إسرائيلي جديد لتنظيم العلاقة مع سلطة النقد الفلسطينية.. ما الأسباب؟

thumbs_b_c_c89f3a40c65de1b01c03d6ab656f274a
هيئة التحرير

ترجمات عبرية - قدس الإخبارية: نشرت وزارة القضاة لدى الاحتلال نصّ مشروع قانون لإنشاء شركة مصرفية جديدة تعمل على إعادة تنظيم العلاقات المالية بين البنوك الإسرائيلية والبنوك الفلسطينية في 17 أيار/ مايو الماضي.

ويحمل البنك الجديد اسم "شركة خدمات المراسلة المساهمة المحدودة" (Correspondence Bank Ltd.)، على أن تتم إتاحة المجال أمام الجمهور الإسرائيلي للاطلاع على القانون وتقديم ملاحظات أو اعتراضات، قبل أن يدخل إلى حيز التنفيذ بموجب قرار يتخذه وزير المالية ومحافظ البنك المركزي الإسرائيلي عندما تعلن الشركة أنها باتت جاهزة للشروع بعملها، وهو أمر يحتاج إلى فترة قصيرة على ما يبدو.

وبموجب الشركة الجديدة "البنك" ستتحول إلى البوابة الإسرائيلية الوحيدة للتعامل مع البنوك الفلسطينية، بموجب اتفاق باريس الاقتصادي، بحيث تتركز كل المراسلات والتعاملات بين الطرفين من خلالها، حيث لا تستطيع السلطة الفلسطينية صك عملة فلسطينية.

وتضطر السلطة للتعامل بالشاقل باعتبارها العملة الرئيسة، الأمر الذي يضطرها إلى التعامل المستمر مع البنك المركزي الإسرائيلي، والعلاقة المالية بين البنوك الفلسطينية والإسرائيلية معقدة للغاية، إذ أن العلاقة تنطوي على ثلاثة نشاطات أساسية وهي مقاصة الشيكات، أي إدخال شيكات إسرائيلية في بنوك فلسطينية، وصرف هذه الشيكات من خلال لجان تعرف باسم "غرف المقاصة"، لكن هذه الخدمة غير متاحة لكل البنوك الفلسطينية، وفائض الشاقل بحيث أن سلطة النقد الفلسطينية تكدس فائض شيكل بشكل سنوي بمبالغ كبيرة، وحيث أن البنك المركزي الإسرائيلي (باعتباره صاحب العملة) مجبر على سحب هذه الفائض من السوق الفلسطينية منعا للأضرار المالية المترتبة على تكديس "الكاش" وعدم استخدامه داخل منطقة السلطة الفلسطينية.

وتحويل رواتب العمال الفلسطينيين العاملين في الأراضي المحتلة من خلال البنوك الإسرائيلية إلى البنوك الفلسطينية، التي قد تنهي جزئيا قضية فائض الشاقل المتكدس داخل البنوك الفلسطينية من خلال صرفه كأجور للعمال بعد تحويل هذه الأجور من البنوك الإسرائيلية، لكنها تحتاج إلى منظومة بنكية لترتيب هذه الحوالات، إذ بدأ الاحتلال في العام 2021، بتحويل أجور 7 آلاف عامل فلسطيني إلى بنوك فلسطينية كتجربة (pilot)، على أن يتم توسيع هذه العملية الجديدة لتطال معظم العمال الفلسطينيين.

وفي العام 2016، أعلن بنك هبوعاليم وبنك ديسكونت الإسرائيليان، وهما البنكان الوحيدان في إسرائيل اللذان يتعاملان مع البنوك الفلسطينية (أي لديهما غرف مقاصة)، عن نيتهما التوقف عن التعامل مع البنوك الفلسطينية خوفا من قانون الإرهاب الأميركي.

يقع القانون الجديد الذي تم عرضه مؤخرا في 5 مواد و12 بنداً، تفصل المادة الأولى من القانون كل السلطات والهيئات الإسرائيلية التي تتدخل في عمل الشركة البنكية الجديدة، وهي: البنك المركزي الإسرائيلي، هيئة حظر غسل الأموال وتمويل الإرهاب، وزارة الحرب الإسرائيلية والوحدات التابعة لها، ديوان رئيس الحكومة خصوصا قسم أمن الدولة، وشرطة الاحتلال. والهدف من إشراك كل هذه الهيئات هو، على ما يبدو، ليس فقط متابعة الحركات المالية في البنوك الفلسطينية والتأكد من وجهتها ومصدرها (منعا لوصولها إلى أطراف لا ترغب بها إسرائيل)، وإنما أيضا تكثيف إجراءات الضبط والرقابة على كل الحركات المالية داخل أراضي السلطة الفلسطينية.

أما المادة الثانية، فتنظم علاقة الشركة البنكية الجديدة مع البنك المركزي الإسرائيلي، حيث أن الشركة ستفتح حسابا خاصا داخل بنك الاحتلال المركزي، وبالتالي تتحول الشركة إلى بنك رسمي لا يطرح خدماته للجمهور عامة، وإنما يخدم فقط البنوك الفلسطينية من خلال رقابة كل من وزير الحرب (المسؤول أيضا عن الإدارة المدنية)، ووزير المالية (وكيل وزارة المالية هو المسؤول المباشر عن العلاقات الاقتصادية الفلسطينية- الإسرائيلية).

في المادة الثالثة من القانون، والتي تحمل اسم "مادة السريات"، ينص القانون على أن كل البيانات التي تجمعها الشركة عن البنوك الفلسطينية، وحركاتها المالية، ستظل سرية. وقد تعني هذه المادة أن قانون الشفافية وحق الجمهور الإسرائيلي بالوصول إلى المعلومات قد لا يسري على عمل هذه الشركة التي ستكون على دراية بكل الحركات المالية الفلسطينية، بما فيها تحويلات إلى الخارج، والتي عادة ما يتم تفسيرها على أنها "غسيل أموال" أو حركات مشكوك فيها، أما المواد الأخيرة من القانون فتعنى بإجراءات وتقنيات التعامل بين الشركة والبنوك الفلسطينية.

ويجدر هنا ذكر أن تحويل رواتب العمال الفلسطينيين العاملين في إسرائيل إلى البنوك الفلسطينية قد يعني أيضا إدخال أكثر من 100-120 ألف عامل فلسطيني إلى المنظومة البنكية الفلسطينية، وبالتالي سيستطيعون الحصول على ائتمانات وقروض، والتمتع بكل الخدمات البنكية الفلسطينية التي تمنح فقط لكل من يحصل على راتب عن طريق البنك. لكن في المقابل، وعلى الرغم من الفائدة الربحية التي ستحظى بها البنوك الفلسطينية من ذلك، فإن البنوك الفلسطينية ستكون مكشوفة بشكل أكبر للرقابة الأمنية والمالية الإسرائيلية، وهو أمر قد يعتبر تعديلا حقيقيا أحادي الجانب على بروتوكول باريس التجاري.

#المقاصة #بنك إسرائيلي #اتفاقية_باريس