شبكة قدس الإخبارية

روح العلم المنكّسة

Screenshot (1129)
محمد القيق

يعاد للواجهة من جديد العلم واستراتيجيته المعنوية والنفسية التي يسعى الاحتلال لتكريسها، ليس جديدا ما يحدث وليس ثورة مستحدثة إذا ما عدنا للوراء إلى حرم الجامعات الفلسطينية وشوارع فلسطين وميادين الدول العربية والإسلامية، كيف كان العلم الإسرائيلي بين الحرق على يد ملثم بالكوفية والمتظاهرين وبين رسمه على الأرض كي يداس من المارة، بينما علم فلسطين شامخا.

وأيضا وطالما نحن في الماضي في الذاكرة ننظر إلى صورة الفلسطيني الملثم الذي يتسلق الأعمدة ليرفع العلم بينما يسعى الجنود لإنزاله وعقاب من يرفعه، والأهم في هذا الجانب أن الشبان كانوا دوما يرفعون العلم على أعمدة الكهرباء في الشوارع الخارجية وينزلون العلم الإسرائيلي.

وجاءت فكرة الترويض "اوسلو" وأوجدوا الدورية المشتركة التي تحمل علم الاحتلال وفلسطين في محاولة ترويض البصر للشباب، ولكنهم صفعوا بأن فشلت هذه المعادلة وكذا العسكري الفلسطيني الذي نزل من الدورية المشتركة وقتل جنودا في الدورية التي مفترض أن تكون معهم للترويض.

توالت نكسة روح العلم فجاءت بعدها معادلة غزة والمقاومة الأكثر تنظيما وتجهيزا، ولعل كمين العلم إشارة إلى أن المعنوية التي يكتسبها الفلسطيني تكمن في أن تقطع الجنود أشلاء حينما حاولوا إزالته عن سياج غزة.

وجاءت مؤخرا معادلة القدس ومسيرة الأعلام التي باتت المعنوية منكسة فيها لدى المستوطنين؛ فمنهم من هرول لإزالته عن سيارته ومنهم من تجنب وضعه على مركبته في شوارع الضفة ومنهم من هرب من مسيرة الأعلام التي كانت تعد تقليدا في سنوات طويلة، فارتبط علمهم بحرب وصواريخ ورعب وجاء لهم بكسر جديد في المعنوية.

تزامن ذلك مع محاولة فاشلة لرفع العلم في البلدان العربية من خلال برامج التطبيع واتفاقيات العلاقات على حساب الفلسطينيين، فانحسر فقط في قصور الغلمان وبقي الشارع العربي ينكس أعلامهم.

مؤخرا بات الاحتلال يجهز لحرب كاملة إذا أراد رفع علم أو تنفيذ مسيرة، وهنا الفارق الذي نود الحديث عنه في تسلسل التاريخ بين محتل مسيطر وبين فاقد لسيطرة أو مبحر في مجهول رد الفعل الفلسطيني سواء شعبا أو مقاومة، فليست بعيدة عن المشهد صورة مستوطن منع من رفع علمه في باحات الأقصى ومقدسي استولى على علمه في باب العامود، وفوق كل من على الأرض حلق في السماء علم فلسطين فسجل التاريخ أن سماء القدس في يوم مسيرة أعلام إسرائيلية يعلوها علم فلسطين، وقبلها صواريخ فلسطين التي كتبت عليها أسماء الشهداء.

هنا المعنوية التي هي كنز التحرير ورصيد الشعوب الثائرة ومحطة التوقف أمام التاريخ، فلم يفرح مستوطن لعلمه في دول الخليج يرفع، ولا لكنيس يشيد لأنه يدرك أن هذا تطبيع مزيف وغلمان أسيادهم ينفذون ما يؤمرون، لا مقارنة مع شعب يحفر نفقا ويطلق صاروخا ويرفع علما ويرابط مصليا ويواجه منفردا ويأسر جنديا، وما هذا كله إلا دلالة أثر الثقة في النفس التي بنتها المقاومة في عقلية كل فلسطيني وعززتها على مدار عقود وزينتها مؤخرا بإبداعها بالتزامن مع فشل التسوية وانتشار التطبيع الوهمي.

لذا هذه المشاهد ستكتب سطرا جديدا وممكن أن يكون هو الأول في خاتمة الرواية التي أركانها باتوا على يقين أن منهم منتصر وآخر عابر مهزوم، وكل هذا فقط في الحديث عن أثر التراكم لما بات في النفوس.

###مسيرة_الاعلام_والاشتباك_المستمر