شبكة قدس الإخبارية

الخطاب العسكري طريق النصر

P02
يوسف أبو وطفة

"قيادة المقاومة في الغرفة المشتركة تمنح الاحتلال مهلةً حتى الساعة السادسة من مساء اليوم لسحب جنوده من المسجد الأقصى المبارك وحي الشيخ جراح، والإفراج عن كافة المعتقلين خلال هبة القدس الأخيرة، وإلا فقد أعذر من أنذر".. كانت هذه هي الرسالة الأخيرة التي أطلقها أبو عبيدة الناطق العسكري باسم كتائب القسام في 10 مايو/ أيار 2021 قبيل معركة سيف القدس.

وسبق هذه الرسالة حضور لافت ونادر لقائد القسام العام محمد الضيف عبر رسالة نصية وجه فيها التحية لأهالي حي الشيخ جراح وحذر الاحتلال من المضي قدماً في الإجراءات المتخذة في المسجد الأقصى والقدس المحتلة.

وعكست هاتان الرسالتان استخدام المقاومة للخطاب الإعلامي للضغط على الاحتلال ووضعه تحت حيز التأثير النفسي أمام جبهته الداخلية منذ اليوم الأول لاتخاذ قرار المواجهة، بطريقة تختلف كلياً عن المواجهات السابقة أعوام 2009 و2012 و2014.

واستفادت المقاومة في هذه المواجهة من "خصائص السلاح" بصورة واضحة خصوصاً خلال الرشقات الصاروخية المكثفة التي كانت تطلقها أو الظهور الإعلامي للناطقين باسمها في رسائل صوتية أو مرئية تركز على الجمهور الإسرائيلي.

ولعل أبرز معالم الدعاية العسكرية كان في الرسالتين التي وجههما الناطق العسكري خلال هذه المواجهة في أعقاب استهداف الأبراج المدنية حينما قال: "بعد قصف البرج المدني في غزة، على سكان تل أبيب والمركز أن يقفوا على رجل واحدة وينتظروا ردنا المزلزل"، وعاد الناطق العسكري بعدها ليقول: "رفع حظر التجول عن تل أبيب ومحيطها لمدة ساعتين بأمر من قائد هيئة الأركان أبو خالد محمد الضيف".

ويمثل هذا الأسلوب ضغطاً نفسياً وعسكرياً وسياسياً على الخصم من خلال تعمد الإهانة للعدو والتقليل من قدراته وإمكانياته العسكرية، لتحقيق أكبر قدر ممكن من ملامح صورة النصر وهو ما تمكنت المقاومة منه خلال أيام المعركة العشرة.

ولم تغفل المقاومة في هذه المواجهة، الصورة، للرد على رواية الاحتلال، فكانت المقاطع الجوية التي نشرتها سرايا القدس لحدود القطاع الشرقية وهي فارغة دليل على كذب الرواية الإسرائيلية بشأن احتمالية التوغل البري داخل غزة.

وبمحاذاة الصورة والتصريحات، كانت المقاومة حريصة على إطلاع جمهورها بشكل دائم على تطورات الأوضاع حسب السيناريوهات العسكرية المتاحة وفي إطار المسموح والمقبول به لتعزيز صمود الجبهة الداخلية أمام الجرائم الإسرائيلية.

وكان حاضراً خلال المواجهة استخدام المقاومة للخطاب العسكري المباشر مع السلاح، عبر الإعلان عن إطلاق صاروخ "عياش" بالتزامن مع كلمة مقتضبة للناطق العسكري وبعد فترة وجيزة من عمليات اغتيال جرت لقادة في المقاومة الفلسطينية.

وبالتالي فإن تجربة المقاومة خلال هذه المقاومة تركزت على ما يلي:

أولاً: ضربت المنظومة الأمنية الإسرائيلية وتكذيبها بالصوت والصورة

ثانياً: تعزيز التفوق النفسي والعسكري والإعلامي على الرغم من فارق الإمكانيات

ثالثاً: التركيز على الحاضنة الشعبية داخلياً ومخاطبتها وإبقائها على اطلاع بما يجري أولاً بأول

رابعاً: التلويح بالسلاح لضبط السلوك الإسرائيلي خصوصاً في أوقات استهداف المنشآت المدنية والأبراج

وهنا يمكن القول إن المقاومة نجحت ميدانياً ومرحلياً في رسم صورة دعائية مكنتها من إدارة المعركة منذ بدايتها حتى لحظة خطاب وقف إطلاق النار الذي لم يغفل أيضاً الإشارة إلى ضربة صاروخية كبيرة كانت تستهدف 14 مدينة محتلة عام 1948 من أقصى فلسطين شمالاً حتى أقصاها جنوباً.

وبالتالي فإن المقاومة عسكرياً ودعائياً وإعلامياً تطورت بشكل سريع خلال 15 عاماً، في الوقت الذي يبقى فيه الخطاب السياسي هو التحدي الأبرز للأذرع العسكرية على اختلافها والذي يحتاج إلى ضبط يوازي أفعال المقاومة وقدراتها وخططها.

#المقاومة #سيف_القدس #الخطاب_العسكري