شبكة قدس الإخبارية

من سجل نقطة؟

photo_2022-05-29_14-15-57
ياسر مناع

تتسم المرحلة الراهنة من المواجهة المتمدة منذ عشرات السنين بالسعي في تثبيت قواعد اشتباك وفرض معادلات جديدة على الأرض ثم تكريسها والتعامل معها كأمرٍ واقع، ثم يجري الإنطلاق منها إلى جولات جديدة لفرض معادلات جديدة تتناسب مع الوضع القائم، من هنا نستطيع أن نفهم الأحداث الجارية في مدينة القدس المحتلة، والدافع وراء صمت المقاومة في غزة على السلوك البربري للمستوطنين سواءً في اقتحام باحات المسجد الأقصى أو خلال مسيرة الأعلام.

مما لا شك فيه أن معركة "سيف القدس" في العام الماضي وانعكاساتها على جميع الساحات، إضافة إلى العمليات التي وقعت خلال الأشهر الماضية، كل ذلك شكل حالةً من القلق لدى المؤسسة الإسرائيلية، ما دفعها للخروج بكامل طاقتها في هذا الحدث كمحاولة لترميم صورتها التي تهشمت، واستعادة السيادة المفقودة على القدس خصوصًا، حتى لو كلفها ذلك حربًا جديدة ينفرط عقد الحكومة الهشة أصلًا على إثرها، أي أن نفتالي بينت يفضل فرط عقد حكومته على وقع حرب لا على خلافٍ سياسي يفقده بعضًا من أصوات ناخبيه.

دفع عدم دخول المقاومة في غزة على خط المواجهة بشكلٍ مباشر إلى طرح العديد من الاسئلة قد تكون غير مناسبة في هذا التوقيت أو غير منطقية بنظر البعض، لكن ثقة الشارع بمقاومته وحجم الأمل وإنتظار موقفها، يحثنا على التساؤل هل كان هنالك قرارًا من قبل المقاومة بالخروج من ذات الدائرة؟ وأقصد هنا بالدائرة أي خوض غمار جولة مواجهة جديدة قد تكون أعنف وأشد ضراوة من سابقاتها، يتبعها جهود مضنية لتنفيذ مشارع إعادة اعمار – التي لم ينفذ جزء كبير منها حتى الأن- وهلم جرة، ما يعني أن متانة الجبهة الداخلية، وتوفير مقومات الصمود للمواطن أمرٌ لا بد منه، لكنني أعتقد أن المقاومة تجاوزت مسألة الفعل ورد الفعل، وانتقلت إلى الفعل الإستراتيجي بعيد المدى. إلا أن ذلك لا يعفي من استحقاق الرد على هذه الاعتداءات.

سؤالٌ أخر يطرح نفسه أيضًا، ما المراد من الجولة لو حدثت بالفعل؟ وأقصد هنا ماذا تريد الــمـقاومــة تحقيقه من جولة تأتي بالتزامن مع مناورة عسكرية يجريها الجيش بكافة مستوياته، أي أن الاحتلال متجهز لهذه الجولة جيدًا، هذا يعيدنا إلى ما ذكرته بالبداية أن الإنطلاق في أي جولة قادمة يجب أن يكون من حيث أنتهت الأخيرة، أي كيف يمكن للمقاومة أن تخوض جولة مواجهة جديدة حدد الإحتلال بدايتها وحيثياتها، بعد أن أمتلكت زمام المبادرة في افتتاحية سيف القدس والتحكم بسير مجرياتها.

في الواقع لابد لي أن أعرج على نقطة هامة لاحظتها خلال متابعة مسيرة الأعلام، تتمثل في أن رئيس وزراء حكومة الاحتلال لم يتلقَ دعوة لحضور الحفل الذي يقيمه مركز الراف في القدس في ذكرى ما يسمى إعادة توحيد القدس، علمًا أن مركز الراف من أهم المدارس الدينية للصهيونية القومية، التي نشأ نفتالي بينت وترعرع في أكنافها، حيث يشير ذلك أولًا إلى النفوذ الكبير التي تتمتع به هذه الفئة في أجهزة الدولة، الذي يعكس على علاقة الوثيقة بالمؤسسة السياسية، كما يدلل أيضًا على حجم الشرخ داخل هذا التيار المتطرف الذي بات يرى بنفتالي بينت شخصًا منبوذًا لكونه متحالفًا مع اليسار والقائمة العربية الموحدة.

صحيح أن المسألة معقدة، وأن سقف خطاب المقاومة مرتفع، وحمل تهديدات للاحتلال لكنها لم تنفذ حتى كتابة هذه السطور، إلا أن  تهديدها أخرجت المؤسسة الإسرائيلية بأكملها لمواجهة هذه التهديدات، وانتهت بحشد قوات كبيرة وإعلان حالة التأهب القصوى وكأنها ما قبل الحرب. فهذا ليس بالقليل، كما أن طرح قضية ما يسمى بوحدة العاصمة التي يحتاج أبناؤها للاحتفال بيومها إلى حشد آلاف من عناصر الأمن، ووضع الالآف من الجنود والقوات الجوية في حالة تأهب قد تستمر أيامًا أخرى لاحقًا، مضافًا إلى ذلك القيام بعمليات لوجستية معقدة لغاية الوصول إلى المكان، يجعل من سؤال أين وحدة العاصمة هامًا ومصيريًا.

#القدس #المقاومة #سيف القدس #مسيرة الأعلام #نفتالي بينيت