شبكة قدس الإخبارية

وانتصرت شيرين"القضية"

109-112744-palestine-sherine-abu-aqleh-last-news-2-1652274409-jpeg-1652274409.wm (1)
الأسير أسامة الأشقر

لا تموت الشمس ولا تقتل أشعتها ولا يتوقف البحر عن الهدير ولن يستطيع القاتل إسكات عشرات آلاف الحناجر الهاتفة بحياة القضية، فشيرين القضية والقضية لا تموت شيرين صوتنا في كل المحافل وكانت صورتنا الأجمل أمام العالم.

 شيرين هدير موجنا الموجع للاحتلال لربع قرن من الزمن نقلت بكاءنا وجرحنا وفرحنا وحلقت مع أقمار فلسطين تنقل الحقيقة والحلم والألم، وعندما حاصرتنا المدافع والطائرات في أزقة المخيمات أحضرت العالم لساحات مدارس مخيمات اللاجئين ليشهد حجم الجريمة والرصاص والقذائف الموجهة لصدور الأطفال والنساء والرجال، شيرين رفيقة أحلامنا وحريتنا وعندما اكتظت السجون بآلاف المناضلين وجدناها تدخل معها الشمس إلى زنازين الاحتلال، التقيناها في العام 2006 باسمة لجموع الأسرى داخل أقسام سجن عسقلان تستمع لأحاديثنا وتفاصيل حياتنا تحمل صوتنا وتغلف رسالتنا بقداستها المعهودة، شيرين التي دخلت قلوبنا قبل بيوتنا كانت تتسلل بخفة إلى نواحي حياتنا تنقلها باحترافية وأناقة استثنائية فهي التي أبكتنا بحب وأفرحتنا بحزن، هي التي وقفت على تفاصيل حياتنا ولم تترك لزيتون فلسطين ليعاتبها مرة واحدة فكانت على الموعد دوما وكانت حاضرة في الزمان والمكان حين اختارت هي طريقة استشهادها ببطولة أذهلتنا، وكانت رسالتها نقية كما كان ارتقاؤها أكثر  نقاء هي التي أرادت فضح المجرم في حياتها تصر على إكمال المسيرة وتعريته أكثر في خاصرته الضعيفة في موتها، فهي التي ترفض الرحيل بصمت الهاربين من المعركة تثير عاصفة الصوت والكلمة والحقيقة والحرية في أرجاء المعمورة وتنادي الموت المستعبدين للسياسة والمصالح ليحضروا تشيع الحقيقة في أكثر المواضع إيلاما هم لم يلتفتوا لكلامها ولآلاف الصرخات وهي تقف على قدميها تجبرهم اليوم على الاعتراف بحقيقة عجزهم وهي مرفوعة فوق الرؤوس والأعناق .

شيرين تجبر العالم على الاعتراف بالحقيقة المقتولة والمستباحة منذ أربعة وسبعين عاما تجبره على الاعتراف بتخاذله بحق عشرات الآلاف من الجماجم المعلقة بعنقه فهو الذي حاول مرارا غسل يديه من دمائنا يجد نفسه بفضل دمائها محاصرا داخل مسرح جريمته المتواصلة على الأرض الفلسطينية.

 شيرين لم تسقط فهي اليوم أكثر بهاء وحضورا وتجذرا في قلوبنا وهي التي واصلت إيصال الرسالة حتى  النفس الأخير وقطرة الدم الأخيرة، وحتى وإن لم يستحِ العالم من دمائها فهي ستبقى تحاصره وستجبره على الرضوخ لأصوات الملايين التي أحيتهم شيرين بارتقائها .

سلام عليكِ أيتها القديسة في نومكِ الأخير.