شبكة قدس الإخبارية

التبني الرسمي لعملية لأرائيل.. كيف يمكن قراءة هذا التحول؟

lTl7L
يوسف أبو وطفة

رام الله - خاص قدس الإخبارية: شكل إعلان كتائب القسام عن تبنيها لعملية أرائيل تحولا كبيرا في مسار العمل العسكري لحركة حماس في الضفة الغربية في السنوات الأخيرة، إذ أن آخر مرة تبنت فيها الكتائب عمليات في الضفة الغربية والقدس كانت منذ 2018 بعد عمليتي الشهيدين أشرف نعالوة وصالح البرغوثي، فيما كانت تكتفي الحركة بمباركة هذه العمليات والثناء عليها عبر قادتها السياسيين وتدعو لتكثيفها.

وجاء إعلان القسام مساء الأحد 2 مايو 2022، ليحمل مفاجأة للجمهور الفلسطيني بالإعلان المباشر للذراع العسكرية لحركة حماس عن مسؤوليتها عن تنفيذ عملية "أرئيل" قرب سلفيت بالضفة المحتلة والتي أدت لمقتل حارس أحد المستوطنات.

وحمل الإعلان الإشارة الواضحة إلى أن هذه العملية تأتي ضمن سلسلة من الردود على الانتهاكات الإسرائيلية التي حصلت في القدس المحتلة مؤخراً وتحديداً الاعتداءات على المرابطين والمرابطات في المسجد الأقصى خلال شهر رمضان المبارك.

دوافع وأهداف.. أبعاد سياسية وإعلامية

لا يمكن اعتبار الإعلان الرسمي للقسام على أنه خطوة "عفوية" أو "غير محسوبة" في واقع الضفة الأمني والسياسي، خصوصاً في ظل ملاحظة المقاومين ومصادر الأسلحة وعدم وجود بنية تحتية كاملة لقوى المقاومة الفلسطينية على غرار غزة.

ففي الأبعاد السياسية يمكن اعتبار هذا التبني مرتبطاً بحديث قائد حركة حماس في غزة يحيى السنوار الذي أكد في كلمته قبل أيام أن ما بعد شهر رمضان ليس كما قبله وأن المواجهة الحقيقة ستكون بعد عيد الفطر في ظل تتالى الانتهاكات الإسرائيلية.

وإلى جانب هذا الحديث، ينبغي الإشارة إلى حديث الفصائل المتكرر بما فيه حركة حماس عن ترابط الساحات والجبهات وهو الأمر الذي تريد المقاومة بكل أطيافها في غزة تحقيقه وألا تكون جبهة القطاع هي الوحيدة في العمل العسكري رغم صعوبة الأمر من الناحية العملية في الضفة والقدس المحتلتين أو حتى داخل الأراضي المحتلة عام 1948.

ويحمل التبني الرسمي رسالة سياسية للسلطة الفلسطينية أن المقاومة ستعمل في ساحة الضفة رغم استمرار سياسة التنسيق الأمني وعمليات الاعتقال المتكررة التي تتم بحق كوادر وأفراد التنظيمات الفلسطينية خصوصاً الجهاد الإسلامي وحركة حماس.

أما الرسالة الموجهة من المقاومة للاحتلال فيمكن قراءتها على أنها رفض الطلبات المتكررة التي أرسلت للوسطاء بتحييد غزة عن المشهد وعدم تدخلها في المشهد الخاص بالأحداث في الضفة والقدس والإبقاء على حالة الهدوء قائمة.

على صعيد الإعلامي، يمكن اعتبار هذه الخطوة ذات أهداف إعلامية وعسكرية تتمثل في توفير الحماية والغطاء لأي فعل مقاوم وبالتالي استمرار حضور غزة في المشهد لتعزيز المواجهة مع الاحتلال أكثر وعدم الارتكان لسلاح القطاع فقط.

قراءة إسرائيلية.. صدمة وذهول

يمكن قراءة ردود الفعل الإسرائيلية غير الرسمية الصادرة عن المراسلين العسكريين للقنوات والمواقع العبرية أنها تعكس حالة من الصدمة والذهول من هذا التبني غير المعتاد في المواجهة مع المقاومة الفلسطينية في السنوات الأخيرة.

وهو ما عبر أنه أكثر من مراسل عسكري أشاروا في حديثهم إلى أن ما جرى خطوة "استثنائية" غير مسبوقة من حركة حماس، وسط تساؤل لبعضهم عن دوافع الحركة من هذا التبني في ظل معرفتها المسبقة بواقع الضفة المحتلة.

وذهب بعضهم للإشارة إلى أن امتناع التنظيمات عن التبني المباشر كان نتيجة حملات الاعتقال والملاحقة التي تتم لكوادرها بعد العمليات حتى وإن لم يكن لهم دور فيها، وسط خشية من أن تنوي غزة التلويح بسلاحها ضد الاحتلال في أي خطوة متعلقة بأي تحرك إسرائيلي ضد المقاومين في الضفة.

رسمياً التزمت وزارة الحرب وجهاز أمن الاحتلال "الشاباك" الصمت ولم يتم الحديث أو التسريب عن ردود فعل تجاه هذا الإعلان، مع مطالبات صدرت عن مراسلين عسكريين إسرائيليين بالرد على العملية ضد غزة كما يتم في حالة إطلاق الصواريخ.

ميدان مفتوح.. السيناريو "الأسود"

يتمثل السيناريو الأسود الذي تخشى منه منظومة الاحتلال الأمنية والعسكرية خلال الفترة المقبلة من إمكانية تنفيذ عدد من العمليات ذات طابع عسكري تمس بأمن المستوطنين أو تستهدف الجنود والحواجز العسكرية ما يسهم في تمدد تجربة جنين.

وهنا تبدو موجة العمليات التي شهدها شهر نيسان/ أبريل المنصرم ماثلاً أمام الاحتلال، في الوقت الذي تريد فيه المقاومة فرض سيناريو جديد على الطاولة يمكنها من استنزاف الاحتلال عملياتياً وسياسياً بما يمكنها لاحقاً من قلب المشهد لصالحها بشكل متزامن في كل الساحات.

ومع تجربة "غزة - القدس" التي نجحت المقاومة في فرضها كمعادلة لم يستطع الاحتلال معها التعامل أو كسرها بعد معركة سيف القدس، فإن المقاومة تسعى لتثبيت قواعد ومعادلات جديدة تستفيد منها وتجعلها المتحكم في المشهد سياسياً وميدانياً.

#المقاومة #القسام #عملية_ارائيل