شبكة قدس الإخبارية

ريح المواجهة من بئر السبع

624854-01-08-scaled
ياسر مناع

لم تتعاف المؤسسة السياسية والأمنية الإسرائيلية من الصدمة بعد عملية بئر السبع جنوبًا حتى كانت الصفعة الأخرى في مدينة "الخضيرة" شمالًا، ثم تلاها الثالثة في مستوطنة "بني براك" في "تل أبيب"، أحد عشر قتيلًا إسرائيليًا في إسبوع، 3 عمليات فدائية أعادت إلى الأذهان مشهد الباصات المتطايرة، والشوارع الخالية في قلب الأراضي المحتلة عام 48 إبان الانتفاضة الثانية.

عاشت أراضي 48 على مدى سنوات حالة من التوتر المتصاعد، على الرغم من محاولات الاحتلال فصلها جغرافيًا وسياسيًا عن الامتدادات الفلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة. وقد تجلى ذلك في معركة سيف القدس العام الماضي، مما يعني أن إسرائيل كانت تواجه جبهة جديدة أحدثتها التغيرات الاجتماعية والسياسية للفلسطينيين 48.

هناك درجة من التشابه مع الاختلافات على المستوى الاستراتيجي في السلوك العملياتي لجيش الإحتلال في أعقاب موجة العمليات وسلوكه في أوج إنتفاضة الأقصى على المستوى التفصيلي" المايكرو تكتيكي"، كعودة لسياسة الاغتيالات والتصفية في الضفة، مع انتشار وحدات النخبة مثل سيرت متكال في الداخل المحتل، كل هذا يشير إلى أن الاحتلال وقبل كل شيء يبحث من أجل استعادة الردع وكسر الدوافع العمل المقاوم لدى الشباب الفلسطيني؛ لأن المواجهة اليوم فهي فردية بإمتياز، بعيدة عن البنية التحتية العسكرية المنظمة.

ما يزال الحل الإسرائيلي للوضع القائم منقسم بين المدى الحالي ويمكن أن يشمل حملات اعتقال وقائية ضد الشخصيات النشطة والمؤثرة، وتفعيل الاعتقال الإداري في الداخل الفلسطيني المحتل، وتكثيف تتبع ومراقبة وسائل التواصل الاجتماعي. أما على المدى الطويل، فقد يتطلب الأمر من "إسرائيل" إعادة النظر في سياساتها في الأراضي المحتلة عام 1948، وتعزيز علاقات بشكل أوثق مع السلطة الفلسطينية في الضفة، ومحاولة صياغة تفاهمات طويلة الأمد مع حماس في قطاع غزة.

ثمة تساؤلات تقودنا إلى الاستنتاج بأن هناك تيارًا في "إسرائيل" دفع نحو التصعيد الميداني مؤخرًا، فهم يعتقدون جيدًا أن الفلسطينيين ليسوا مستعدين لأي مواجهة. وإلا فمن الذي أمر المراقب العام للدولة "نتنياهو إنجلمان" بزيارة الفتحات في الجدار الفاصل وهي ممرات العمال الفلسطينيين؟ ومن الذي حث إيتامار بن غفير على إقتحام المسجد الأقصى قبل أيام؟

حتى الآن، لا يبدو أنّ هناك مؤشرات مرتفعة لإماكنية إندلاع مواجهة جديدة على غرار المواجهة التي إندلعت الصيف الماضي إلا إذا استمرت عجلة الاحداث بالتدحرج وكثف جيش الاحتلال من عمليات الإغتيال، في ضوء التسهيلات التي تقدمها إسرائيل للفلسطينيين عشية شهر رمضان، والجهود السياسية بمساعي السلطة الفلسطينية ومصر والأردن، ما يعني أن "إسرائيل" مواصلة في مشروعها الإستعماري، وأن كل الجهود لا تعمل إلا على تأخير المواجهة القادمة فترة من الزمن.

#غزة #الشاباك #الاحتلال #بئر السبع #الضفة #المقاومة #الداخل المحتل #انتفاضة الأقصى #سيف القدس #الخضيرة #بني براك