شبكة قدس الإخبارية

ظباء بن غوريون، وضباع "العرب"

62419c054c59b75c6c3e03ef
عبد الرحيم الشيخ

من غير الشائع في الثقافة اليهودية وضع الورود على القبور خلال الزيارة، وقد استعيض عنها بالحصى، ربما لأنها بلا ثمن وأكثر استدامة، رغم إحالة الورود على الحياة وإحالة الحجارة على انعدامها. لكن من "يزور" قبر بن غوريون (في كلية بن غوريون-جوار كيبوتس "سديه بوكر") في النقب المحتل، يلاحظ استثماراً لافتاً لتوحيد الفكرتين في مشهدية الموت الحية من قبل "سلطة الطبيعة والحدائق" الصهيونية.

يبدأ مسار الحديقة المستوية بلافتة بالعبرية منحوتة على الصخر "الحديقة القومية-باولا وديفيد بن غوريون-حوزة القبر،" ومن ثم يأخذك ممر صناعي متعرِّج، في بعض مقاطعه ماء جارٍ، محاط بالصخور والسناسل، التي ملئت بالأتربة الحمراء، وزرعت المساطب فوقها بأشجار فلسطينية وأخرى غريبة (كالزيتون، والصنوبر البري، والسرو، والبطم، والكينا، وغيرها)، فيما يغطي الأرض بساط أخضر تتجول فيه، ببَلادة، ظباء تبدو مخدَّرة، لا مدجَّنة وحسب، إذ بالوسع الإمساك بها ومداعبتها. يقود الممر إلى "حوزة القبر،" حيث الساحة الجرداء إلا من شجيرات شوكية قليلة، وفي منتصفها قبرا الزوج بن غوريون، وساريتان واحدة يعلوها علم "إسرائيل" والأخرى علم "سلطة الطبيعة والحدائق." لا تحمل بلاطة الشاهدتين إلا اسم المستوطنَيْن من بولندا وروسيا البيضاء، وتاريخ الولادة والوفاة، وتاريخ "القدوم" إلى فلسطين (ديفيد بن غوريون 1886-1973، قدم إلى البلاد في 1906) (باولا مونفايس-بن-غوريون 1892-1968، قدمت إلى البلاد في 1919). وخلف القبرين تقع مؤسسة ميراث بن غوريون متواضعة البناء، غنية المحتوى، وأمامهما المدى المفتوح على جرف وادي عبدة...

كان من المقرر أن يقوم وزراء خارجية دول التطبيع المشاركة في قمة العار في النقب المحتل، المغرب ومصر والإمارات والبحرين، بزيارة لقبر بن غوريون، لكن الزيارة، كما يبدو، تم إرجاؤها، ربما ليعود المهانون في السنة القادمة إلى "منتدى النقب" وقد حسموا قرار حكوماتهم في كيفية الترحُّم على بن غوريون بوردة أم بحجر... ولربما تتبرع حكوماتهم بهم لـ"حوزة القبر" ليبدو بن غوريون أكثر طبيعية، ومشهدية قبره أكثر تطبيعاً، حيث تلتقي الظباء المخدَّرة بالضباع التائهة، ويعمّ السلام

#النقب #قمة_النقب