شبكة قدس الإخبارية

تركيا والاحتلال ولغة المصالح

أردوغان-هيرتسوغ-scaled
حسام الدجني

لا شك أن شعبنا الفلسطيني كل ألوانه السياسية أصيب بخيبة أمل بعد لقاء الرئيس التركي أردوغان نظيره الصهيوني هرتسوغ، ولكن من يلعب في ملاعب السياسة عليه أن يدرك أن المصالح مقدمة على المبادئ، إن وجدت، وبناءً على ما سبق إن السيد أردوغان والدولة التركية قدروا مصالح تركيا لا مصالح فلسطين والفلسطينيين، والسؤال المطروح: أين تكمن مصالح تركيا في عودة علاقاتها مع (إسرائيل)؟ وما انعكاسات تطور العلاقات الإسرائيلية التركية على القضية الفلسطينية عمومًا وحركة حماس على وجه الخصوص؟

أولًا: المصالح التي قدمتها تركيا لعودة علاقاتها مع (إسرائيل).

1. غاز شرق المتوسط: مع الحرب الروسية الأوكرانية وانعكاس الحرب على سوق الطاقة، ومع الاكتشافات الهائلة في منطقة شرق المتوسط، تحديدًا في سواحل فلسطين المحتلة (إسرائيل)؛ العين التركية أن تمر أنابيب الغاز بالأراضي التركية إلى أوروبا مشرعة بديلًا للغاز والنفط الروسيين، وهذا مشروع إستراتيجي لأنقرة، لكونه يمنح تركيا دورًا ومكانة على المستوى الدولي.

2. القارة السمراء: صراع نفوذ بين تركيا و(إسرائيل) وإيران في القارة السمراء (أفريقيا)، ويأتي الاتفاق لتقاسم النفوذ والمصالح في أفريقيا بين (إسرائيل) وتركيا بما يخدم اقتصاد البلدين والأمن القومي لهما.

3. بعد فشل سياسة صفر مشاكل التركية، وتحمل أعباء كبيرة نتاج تدخل تركيا في ملفات سوريا وليبيا والخليج ومصر، وتوتر علاقاتها مع بعض الأطراف الدولية؛ كل ذلك انعكس على اقتصاد تركيا ومكانتها، وعليه إن ما يجري يشكل العودة المتدرجة تجاه صفر مشاكل من جديد، ولعل زيارة أردوغان إلى بعض العواصم العربية أخيرًا (وأهمها أبو ظبي)، واستقبال الرئيس الإسرائيلي هي خطوات لإنقاذ الاقتصاد التركي ومكانة الدولة التركية، مع تشكل خريطة سياسية جديدة تنتظر الشرق الأوسط والنظام الدولي.

4. الملف الفلسطيني: تدرك تركيا أنها كي تكون فاعلًا دوليًّا ولاعبًا مهمًّا بالملف الفلسطيني ينبغي أن تكون علاقاتها جيدة مع كل الأطراف، وهذا ما يحصل حاليًّا، فعودة علاقات تركيا مع (إسرائيل)، مع علاقاتها مع السلطة الفلسطينية والفصائل (وعلى رأسها حماس)؛ تؤهلها للعب دور سياسي واقتصادي كبير في المرحلة المقبلة.

ثانيًا: انعكاسات التقارب التركي الإسرائيلي على القضية الفلسطينية وحماس.

يدور جدل كبير حول انعكاسات التقارب التركي الإسرائيلي على القضية الفلسطينية وحركة حماس، هناك من يرى أن تركيا قد تضحي بالقضية الفلسطينية وحركة حماس، وتغلق مكاتبها، وتبقي على علاقاتها مع السلطة الفلسطينية، ووزن هذا الاحتمال من وجهة نظري لا يتجاوز 20%، في حين يرى آخرون أن تركيا ستلعب على تحقيق أكبر نتائج تخدم أهدافها وتطلعاتها، لا سيما في توظيف عودة علاقاتها مع دولة الاحتلال في خدمة مصالحها وتعزيز مكانتها الإقليمية والدولية بلعب دور في حيوي في القضية الفلسطينية، ستبقي من وجهة نظري على مكاتب حركة حماس مع ضبط الحالة بما لا يحرج تركيا، وهذا معمول به في مرحلة القطيعة مع (إسرائيل)، وهذا السيناريو الأكثر ترجيحًا.

الخلاصة: في تقديري أن المجتمع التركي عمومًا والحزب الحاكم في تركيا على وجه الخصوص سيبقون معادين لدولة الاحتلال التي قتلت مواطنين أتراكًا في سفينة مرمرة، ودنست المقدسات الإسلامية، وهددت الأمن القومي التركي بتوطيد علاقاتها مع قبرص، إضافة إلى ما تمثله فلسطين في الوعي الجمعي التركي، كل ما سبق يمثل صمام أمان لأن تبقى تركيا وفية لفلسطين وشعبها، وأن هؤلاء وحدهم قادرون على إعادة البوصلة لاتجاهها الصحيح.

#تركيا