شبكة قدس الإخبارية

لماذا غاب التهديد بقطع العلاقة مع الاحتلال من خطاب الرئيس؟

273402581_314875577337088_1958596706548374660_n

رام الله - خاص قُدس الإخبارية: على عكس ما روجت له الأوساط القيادية في حركة فتح خلال سعيها لإقناع الفصائل لحضور اجتماع المجلس المركزي لمنظمة التحرير، من أنه سيحمل قرارات "مصيرية" في سياق العلاقة مع دولة الاحتلال الإسرائيلي والولايات المتحدة الأمريكية، يقول مراقبون إن كلمة الرئيس محمود عباس "تجنبت" استخدام اللغة التي استخدمها في الاجتماعات السابقة من التهديد بقطع العلاقات مع "إسرائيل" ووقف الالتزام بالاتفاقيات معها.

واعتبر مراقبون أن الصيغة التي تحدث بها الرئيس عن العلاقة مع الاحتلال كانت "عمومية"، إذ ورد في خطابه أمام اجتماع المجلس الذي انعقد يوم أمس: "أمام تقويض سلطة الاحتلال الإسرائيلي لحل الدولتين، تبقى الخيارات مفتوحة، ويجب إعادة النظر في الوضع القائم بأسره حفاظاً على مصالح شعبنا وقضيتنا"، "لا يمكن استمرار تنفيذ الاتفاقيات من جانب واحد، واتصالاتنا مع الجانب الإسرائيلي ليست بديلاً عن الحل السياسي القائم على الشرعية الدولية".

وكانت صحيفة "هآرتس" العبرية نقلت عن مسؤول كبير في حركة فتح قوله إن "اجتماع المجلس المركزي  لن يكون له أي أهمية عملياتية، ولن يتجه لاتخاذ قرارات مصيرية ومركزية"، وزعمت الصحيفة أن "الرئيس سيهتم بتخفيف اللغة الهجومية على إسرائيل في البيان الختامي بسبب المحادثات الجارية مع الولايات المتحدة وبعض وزراء حكومة الاحتلال".

وادعت الصحيفة أن "المحادثة التي جرت الأسبوع الماضي بين وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن وعباس تضمنت طلبا من الإدارة الأمريكية بعدم اتخاذ قرارات جذرية في الاجتماع من شأنها الإضرار بالعلاقة بين السلطة الفلسطينية والاحتلال".

الجهاد: "السلطة لا تريد شركاء"

وقال القيادي في حركة الجهاد الإسلامي، خضر عدنان، إن "اللقاءات التي عقدت بين رئيس السلطة ووزير الحرب بيني غانتس قبل انعقاد المجلس المركزي أوضح دليل على تراجع في الخطاب الرسمي الفلسطيني".

ويرى أن "السلطة حاولت إقناع الفصائل والقوى الوطنية حضور الاجتماع من أجل أن تكون "كومبارس"، وهذا لن يكون، من يدفع الدم في سبيل القدس والمقدسات لا يقبل أن يكون مكملاً فقط لعدد الحضور في اجتماع في ظل حالة مشوهة وعقيمة، الطفل يدرك أن السلطة تأخذنا من تيه إلى آخر ومن تراجع إلى تراجع.

وقال: السلطة لا تريد أن تسمع من القوى بل أن تسمعها ما تريد، السلطة لا تريد شريكاً في إدارة القضايا في الضفة أو سماع رأي آخر بل ترغب في فرض أجندتها على الإعلام والسياسة والاقتصاد وآخرها في المجلس المركزي.

وأضاف في لقاء مع "شبكة قدس": ندعو الكل الفلسطيني للوقوف صفا واحداً لإعلاء صوت المقاومة نحن نقف مع كل من يعمل لطرد الاحتلال وتحرير أسرانا ومسرانا.

وشدد عدنان على أن الفشل وصل إلى عدم تحقيق حتى فكرة "السلام الاقتصادي"، وأوضح: نعيش في الضفة أزمة اقتصادية غير مسبوقة وشاهدنا التظاهرات في الخليل يوم أمس التي تشكل وزناً كبيراً من حيث العمل الاقتصادي وعدد السكان، حتى ما وعدونا فيه من سلام اقتصادي لم يتحقق، واعتقد أنه يتم تدجين خطابنا وطموحتنا يومياً إلى الأسفل.

حماس: "التيار المتنفذ لا يريد وقف التنسيق الأمني"

من جانبه، يرى الناطق باسم حركة حماس عبد اللطيف القانوع أن "مخرجات المجلس المركزي غير شرعية ولا تمثل الكل الوطني الفلسطيني".

وأضاف: مخرجات اجتماع المجلس لا تنسجم مع تطلعات الشعب الفلسطيني ولا التحديات السياسية التي تعصف بالقضية وهي أقرب إلى تطلعات الاحتلال، كان الأولى تنفيذ قرارات المجلس المركزي بوقف التنسيق الأمني لكن أصبح لا يساوي الحبر الذي كتب به ويتناقض مع سلوك الأجهزة الأمنية.

وأكد أن "عدم تطبيق قرارات قطع العلاقات مع الاحتلال لأن الجهات المتنفذة في قيادة السلطة تريد استمرار التنسيق الأمني للحفاظ على مصالحها الشخصية"، واعتبر أن ما أسماها "التعيينات غير الشرعية في المجلس بعيداً عن التوافق والانتخابات"، يؤكد أن فريقاً في السلطة يريد "تثبيت أسماء معينة للحفاظ على التنسيق الأمني بعيداً عن مصالح الشعب الفلسطيني".

وحول المطلوب من فصائل المعارضة، قال القانوع في لقاء مع "شبكة قدس": نحيي كل من قاطع جلسة المجلس ونعتبر أن الاجتماع انقلاب على المنظمة والإجماع الفلسطيني، لذلك يجب تشكيل جبهة وطنية عريضة لمواجهة حالة الاستبداد التي يمارسها الرئيس والتيار المتنفذ الذي يمارس الإقصاء ضد الكل الفلسطيني، من حق الشعب الفلسطيني أن يختار من يمثله في المؤسسات من خلال التوافق أو الانتخابات، وندعو كل القوى إلى البقاء في حالة المواجهة مع هذا التيار المتنفذ.

الشعبية: "خيار المفاوضات فشل باعتراف السلطة"

وقالت عضو المكتب السياسي للجبهة الشعبية، مريم أبو دقة: طالبنا بعقد حوار وطني قبل اجتماع المجلس في ظل المرحلة الصعبة التي تمر بها القضية، والجميع متفق على أن منظمة التحرير ممثل شرعي ووحيد للشعب الفلسطيني، ولكن يجب إبنائها حتى تمثل الكل الوطني وتلتزم بالقرارات السابقة حول إنهاء الانقسام ووقف العلاقة مع الاحتلال والانسحاب من الاتفاقيات.

وتابعت: لكن للأسف يعود الكلام عن الاتفاقيات والالتزام بشروط الرباعية الدولية، رغم أن الولايات المتحدة لنا شيئاً والاحتلال يواصل إجرامه في بئر السبع والضفة وضد غزة، ومنظمة دولية مشهود لها أكدت مؤخراً على أن "إسرائيل" تمارس سياسة "الفصل العنصري" والتطهير العرقي بحق الفلسطيني.

وأضافت في حديث مع "شبكة قدس": هذه الظروف تستوجب وضع خطة استراتيجية نتفق عليها جميعاً، ضمن قرارات التي أعلنها اجتماع الأمناء العامين، يجب القطع مع اتفاقية "أوسلو" نهائياً، في ظل تنصل الاحتلال منها بعد أن دعسها بالدبابات وإعلانه أنه لن يسمح بقيام دولة فلسطينية.

وشددت على وجوب تنفيذ قرارات المجلسين المركزي والوطني بقطع العلاقة مع الاحتلال ووقف التنسيق الأمني والاتفاقيات الاقتصادية، وقالت: يجب تشكيل جبهة مقاومة لأن معركة "سيف القدس" أكدت أننا بوحدتنا نحقق ما نريد ووقوف كل شعبنا خلف المقاومة يؤكد أنه لا يتخلى عن دوره.

وترى أن عدم تنفيذ القرارات السابقة بسبب "التفرد والهيمنة"، وأضافت: خيارهم المفاوضات ولكنهم في نفس الوقت يعترفون أنه بعد 27 سنة من "أوسلو" فشلت فشلاً ذريعاً، لذلك يجب إجراء مراجعة شاملة لكل هذا الطريق وفقاً لأسلوب علمي.

وتابعت: يجب أن نجري تقييماً لكل المرحلة في ظل اعتراف الطرف الآخر بفشل المفاوضات ورفض "إسرائيل" إجراء حوار سياسي ونية الولايات المتحدة تبريد المنطقة لتحقيق أهداف في مناطق أخرى وتسييد "إسرائيل" على المنطقة من خلال اتفاقيات التطبيع، لكن مهما فعلوا لن يقفزوا عن الموضوع الفلسطيني ونحن نستطيع قلب الطاولة، ولكن علينا أن نعالج الانقسام ونسير في الطريق المؤدي للانتخابات لكي يشارك 14 مليون فلسطيني في اختيار ممثليهم في القيادة، المنظمة ليست ملكاً لفصيل أو فصيلين بل لكل الشعب الفلسطيني الذي دفع الثمن غالياً.

"اجتماع المجلس المركزي لا ينفصل عن العلاقة مع الاحتلال"
وفي سياق متصل، يؤكد الكاتب والباحث السياسي ساري عرابي أن خطاب الرئيس كان "مخالفاً للرواية التي روجتها السلطة حول أن المؤتمر ستخرج منه قرارات مصيرية في العلاقة مع الاحتلال والولايات المتحدة"، وأضاف في لقاء مع "شبكة قدس": حتى لو الرئيس أو المجلس المركزي قرر قطع العلاقات مع "إسرائيل" فإن هذا القرار لن يكون له رصيد من الواقع، هذا ما تقوله التجربة الفلسطينية منذ سنوات.

وقال: رغم صدور القرارات بوقف العلاقات مع الاحتلال والتنسيق الأمني إلا أن خطاب الرئيس كان يتضمن نفس المواقف، في المؤتمر الذي عقد في المقاطعة عام 2020 وفي اجتماع الأمناء العامين للفصائل وحضرته حماس والجهاد الإسلامي تمسك الرئيس بنفس الخطاب حول المقاومة الشعبية والعملية السلمية وعقد مؤتمر دولي، وكان يرى أن المشكلة لا تتعلق بالعملية السلمية بل بسلوك الحكومات الإسرائيلية وإدارة ترامب، مما يعني من وجهة نظره أن المشكلة في إدارة العملية وليس العملية نفسها.

ويرى أن "الرئيس منسجم مع نفسه ومواقفه ومتمسك بالمسار السياسي الذي يؤمن به باستثناء بعض المراحل التي ارتفع فيها سقف الخطاب".

ويعتقد عرابي أن "طبيعة العلاقة مع الاحتلال في المرحلة الحالية تتطلب تهدئة أكبر من الاحتلال حتى تتمكن النخبة الحاكمة في فتح من ترتيب أوراقها للمرحلة المقبلة"، واعتبر أن "لا يوجد انفكاك ما بين العلاقة مع الاحتلال وترتيب الأوراق الداخلية بدليل الاجتماعات المتعددة مع المسؤولين الإسرائيليين".

وقال: الكثافة في الاجتماعات مع المسؤولين في حكومة الاحتلال لا أعتقد أنها منفصلة عن الأزمات الداخلية للسلطة، سواء فيما يتعلق بالأزمة الوجودية للسلطة لأنها بلا أفق سياسي وتعيش أزمة اقتصادية طاحنة أو مرحلة خلافة الرئيس محمود عباس، لذلك أعتقد أن اجتماع المجلس المركزي لا ينفصل العلاقة مع الاحتلال.

وأضاف: ليس أمام السلطة إذا أرادت أن تستمر إلا أن تتعايش مع فكرة السلام الاقتصادي، واعتقد أن السلطة مدركة لهذه الفكرة، لا تستطيع أن تقول ذلك علناً لذلك بعد كل اجتماع مع مسؤولين إسرائيليين تقول إنه جرى بحث قضايا إسرائيلية، كل فلسطيني يدرك أن هذا الأمر محال، مشروع التسوية انتهى فعلياً عام 2000 لكن رسمياً انتهى منذ 2010 بعد ذهاب أولمرت والحكومة الحالية لدى الاحتلال هشة وغير قادرة على الذهاب إلى أي خطوات وفي ظل إجراءات الاحتلال في الضفة، لا يوجد لدى "إسرائيل" ما يقدمه للسلطة أكثر من ضمان بقائها.

وأكد أن "استمرار السلطة دون أفق سياسي كما هو حاصل الآن ستتحول إلى هدف بحد ذاته للنخبة المستفيدة وهذا يتطلب أن تستمر السلطة على الشرط الإسرائيلي وهذا الشرط لا يمنح السلطة سوى قدر من التسهيلات الاقتصادية في مقابل التزامها بالاتفاقيات الأمنية".

 

#محمود عباس #الاحتلال #حماس #الجهاد #إسرائيل #فتح #منظمة التحرير #التنسيق الأمني #الجبهة الشعبية #المجلس المركزي