شبكة قدس الإخبارية

كيف يلغي اعتماد قرار التقسيم كمرجعية سياسية السلطةَ الفلسطينية؟ 

somEz
نداء بسومي

رام الله - خاص قدس الإخبارية: تلوح السلطة الفلسطينية وقيادتها مؤخرًا بخيار التقسيم الذي يستند إلى القرار 181 الصادر عن الأمم المتحدة، والذي ينسف بشكل جذري حل الدولتين على أساس حدود الرابع من حزيران لعام 1967، بالتوازي مع حديث السلطة الفلسطينية الذي يسبق انعقاد المجلس المركزي لمنظمة التحرير دون أفق بالتوافق بين الفصائل الفلسطينية على جدول أعماله أو القرارات التي ستخرج عنه فثمة شعور فلسطيني أن هذا التلويح لن يفضي إلى نتائج.

وهو ما تعكسه مواقف الفصائل حو رفض هذا الخيار باعتباره أمرًا غير واقعي، إلى جانب كونه مناورةً سياسية تقوم بها السلطة ورئيسها محمود عباس بهدف الضغط على المجتمع الدولي والإدارة الأمريكية لاستئناف المفاوضات.

ويعكس التوجه الحالي للرئيس عباس ومجموعته السياسية حالة من اليأس بشأن المسار التفاوضي المجمد منذ سنوات، في ضوء رفض الحكومة الحالية لدى الاحتلال العودة إلى أي نقاش سياسي واقتصار الحوارات على التسهيلات الاقتصادية. 

وحول ذلك، يقول رئيس الدائرة السياسية في حركة حماس بالضفة المحتلة محمود مرداوي، إن حركته ترى أن كل المناورات السياسية دون أن تكون حاضرة الأدوات الأخرى التي تضغط على العدو، والتي تجعل من كل القوى الفاعلة في الإقليم وعلى مستوى دولي تسمع للمقاومة وتعيرها الانتباه هي مجرد مسلسل من التنازلات. 

ويضيف مرداوي لـ "شبكة قدس": "هذا المسلسل من التنازلات لا يفضي إلى شيء إلا إلى تتويه للمسار الصحيح والحقيقي الذي من المفترض أن يعبأ ويؤطر الشعب الفلسطيني باتجاهه".

من جانبه، يؤكد عضو المكتب السياسي لحركة الجهاد الإسلامي ومسؤول الدائرة السياسية فيها محمد الهندي، أن السلطة الفلسطينية لا يوجد لها أي بديل فهي رهينة الشراكة مع الاحتلال الإسرائيلي.

وأضاف الهندي في تصريحات خاصة لـ "شبكة قدس": "السلطة ليست لديها أي بدائل وهي رهينة الشراكة مع العدو، وأسيرة التنسيق الأمني والأفق أمامها مغلق، وكل هذه التلميحات لا قيمة لها ولا أحد يأخذ السلطة على محمل الجد عندما تطرح هذه الخيارات".

من جانبه، قال عضو اللجنة المركزية للجبهة الشعبية هاني خليل، إن قرار التقسيم ما يؤخذ منه هو الاعتراف الدولي بحق الشعب الفلسطيني في دولة على أرضه، لكن في نفس الوقت قرار التقسيم من أعطى الصهاينة الحق في إقامة كيانهم على أرض فلسطين.

وأوضح خليل لـ "شبكة قدس" أنه حينما يتم استخدام قرار 181، ينظر إليه بأنه الاعتراف الدولي بحق الشعب الفلسطيني بإقامة الدولة وليس بتقسيم أرض فلسطين كما تم إقراره في حينه.

ووفق عضو اللجنة المركزية للجبهة الشعبية، فإن القرارات الدولية جزء منها يتناقض مع بعضها لكن عمليًا هذه القرارات استخدمت ضد الشعب الفلسطيني وما كان يتحدث عن حقوق الشعب الفلسطيني لم تقم المؤسسة الدولية بأي إجراء لتنفيذه لصالح الفلسطينيين.

محو السلطة وأوسلو 

لا ينتهي الأمر عند تغيير المرجعية السياسية فحسب، بل يُثار السؤال حول واقعية تطبيقه قانونيًا وسياسيًا، بعد 28 عامًا من اتفاقية أوسلو وإقامة السلطة الوطنية الفلسطينية، وما اتخذته من مسار المفاوضات المتوقفة منذ أعوام، وسط انسداد الحل السياسي. 

أستاذ القانون في كلية الدراسات العليا في الجامعة العربية الأمريكية د. رائد أبو بدوية يرى أنه من الصعب من الناحية القانونية والسياسية الاستناد إلى قرار التقسيم، بتفاصيله، كأساس للتسوية، وأنه لا يتعدى التلويح بخوض هذا الاتجاه من تكتيك سياسي ومناورة سياسية، وهو ليس مخرجا حقيقيا للحل السياسي، وهو لا يتجاوز فرصة لتحريك المياه الراكدة في العملية السياسية.  

ويعزي أبو بدوية صعوبة اتخاذ قرار التقسيم كمرجعية سياسية إلى ما حدث في مؤتمر مدريد للسلام عام 1991، حيث أن عملية السلام في مدريد والتي رعتها أمريكا والأمم المتحدة وأوروبا وروسيا، والذي أنتج أوسلو، استند في الأصل إلى قراري 242 و338، ولم يستند إلى قرار 181، حيث ينص 242 على انسحاب الاحتلال من كل الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967، بمعنى آخر إن قرار مجلس الأمن 242 نسخ وألغى بأحكامه القانونية قرار 181. 

ويضيف أبو بدوية في حديثه لـ "شبكة قدس": "على هذا الأساس انضمت كل الوفود الدولية لمؤتمر مدريد، بالتالي أن نعمل على اعتماد قرار التقسيم كمرجعية سياسية، يعني أن ننسف كل مخرجات مؤتمر السلام ومن ضمنها أوسلو، وكأننا بذلك نرجع خطوة للوراء، فكيف نريد أن نتجاهل قرار 242 ونستند إلى قرار 181 وأوسلو قامت على 242؟".

ويتابع أستاذ القانون: هذا يعني أنك تريد أن تلغي كل أوسلو، ما يعني أن تلغي نفسك كسلطة، فضلًا أنك بذلك ستفتح حربا سياسية على كافة الجبهات مع الاحتلال وأمريكا والمجتمع الدولي كله الذي يعترف بـ "إسرائيل" حاليًا ضمن حدود الهدنة العسكرية عام 1967، وهي منصوص عليها بقرار 242.  

بدوره، يقول أستاذ العلوم السياسية في جامعة الخليل د. بلال الشوبكي "أن الطرح الذي قدمه الرئيس الفلسطيني ليس بالجديد، وتم طرحه أكثر من مرة، وهو شكل من أشكال التلويح الفلسطيني بالتراجع عن الشكل القائم الذي نصت عليه اتفاقية أوسلو عام 1993، لكن هل يعني ذلك إمكانية القيام بهذا الأمر على أرض الواقع؟".

وبحسب الشوبكي، فحتى يصبح توجه الرئيس الفلسطيني أكثر واقعية، لا بد أن يأتي منسجمًا مع رؤية فلسطينية متكاملة حول معالم المؤسسة الرسمية ومستقبل السلطة الفلسطينية في ظل اللجوء لخيارات أخرى، مضيفًا: "لا أرى أن خطابات الرئيس الفلسطيني سوى مجرد محاولة لخلق أوراق ضغط وقوة على المجتمع الدولي والاحتلال الإسرائيلي".

ويستكمل الشوبكي في حديثه لـ "شبكة قدس": "نحن هنا لا نقول ألا تطرح القيادة الفلسطينية خياراتها، بل عليها قبل ذلك أن تطرح أدواتها والرؤية الاستراتيجية لها لتحقيق هذه الخيارات، وإذا كنا سنستخدم نفس الأدوات فلا أظن أنه من الحكمة أن نرفع سقف توقعاتنا بشكل أكبر من حدود 1967، دون أن نطور من أدواتنا بحيث يمكن تحقيق شيء ما".

السلطة والإدارة الأمريكية

في الأثناء، بدأت بوادر إدراك السلطة الفلسطينية عن عدم فعالية الجانب الأمريكي في دعمها اقتصاديًا وسياسيًا تلوح في خطابات السلطة الفلسطينية، وهو ما يعقب عليه أستاذ العلوم السياسية بأن: "الإدارة الأمريكية من أكبر المؤثرين على القضية الفلسطينية، لكن الإدراك الجديد وربما هو ليس إدراكاً بل إفصاح، هو مرتبط بحالة من حالات الصدمة في مرحلة ما بعد انتخاب جو بايدن، وأي مراقب كان يرى أن القيادة تعتمد الجمود في عهد دونالد ترامب، بمعنى أنها تعول كثيرًا أن ترامب مرحلة وسيأتي خليفة له ومن ثم يمكن العودة لمسار المفاوضات".

ويردف الشوبكي: "يبدو واضحًا أن جو بايدن لا يعطي القضية الفلسطينية أولوية في تحركاته، وأن السياسات التي أعلن عنها خلال حملته الانتخابية غير معني بتطبيقها فيما يتعلق بحل الدولتين أو ملفات الاستيطان أو القدس الشرقية، وبايدن بنى على ما قام به ترامب ولم يمارس ضغوطًا على الحكومة الاحتلال ولم يعارض التطبيع العربي مع الاحتلال بعيداً عن حل الدولتين وهو ما تدركه القيادة الفلسطينية الحالية".

 

#فلسطين #حماس #إسرائيل #المقاومة #احتلال #منظمة_التحرير #الأمم_المتحدة #محمود_عباس #السلطة_الفلسطينية #الضفة_الغربية #الجبهة_الشعبية #الجهاد_الإسلامي #قرار_التقسيم