شبكة قدس الإخبارية

اقتصاديون لـ"قدس": السلطة لم تتخذ إجراءات تقشفية جدية لمواجهة الأزمة المالية

ccsbrdgdnpjw
نداء بسومي

رام الله - خاص قُدس الإخبارية: في مقابلة إذاعية، قال ستيفان سلامة مستشار رئيس الحكومة الفلسطينية محمد اشتية إن "السلطة الفلسطينية تعيش وضعًا ماليًا صعبًا هو الأسوأ منذ قيامها"، لافتًا إلى أن زيارة اشتية للاتحاد الأوروبي تهدف إلى "إقناعهم برفد الخزينة الفلسطينية بالإمدادات والمساعدات".

الحديث عن الأزمة المالية التي تمر بها السلطة ليس جديدًا، ففي نهاية الشهر الماضي، أشار المنسق الأممي لعملية السلام بالشرق الأوسط تور وينسلاند إلى أن السلطة الفلسطينية تواجه "أزمة مالية تؤثر على قدرتها باسترداد الحق الأدنى من النفقات وتعيق صرف الرواتب"، سبقها أزمة كبيرة في تأمين رواتب الموظفين العموميين لشهر يوليو المنصرم.

توقف المساعدات الخارجية.. تفاقم الأزمة

في حديثه لـ "شبكة قدس"، يعتبر الصحفي الاقتصادي محمد خبيصة، توقف المنح والمساعدات الخارجية كسبب رئيسي في أزمة السلطة المالية، موضحًا أن لا منح عربية بالمطلق خلال عامي 2020 و2021، كما انخفضت المساعدات الأوروبية مما يقارب نصف مليار يورو في الأشهر التسعة الأولى من عام 2020، إلى 4 ملايين يورو فقط في الفترة المقابلة من هذا العام، فضلًا عن توقف المساعدات الامريكية منذ آذار\ مارس 2017.

ويوضح خبيصة أن غياب للمساعدات الخارجية، دفع السلطة إلى الاعتماد فقط على إيراداتها القادمة، من الضرائب والمعاملات وأموال المقاصة، والتي تغطي ما نسبته 85% من النفقات الفلسطينية.

وفي حال نجحت جهود رئيس الوزراء محمد اشتية في جولته للاتحاد الأوروبي واستطاع إقناع المانحين باستئناف دعمهم فإن هذا الاستئناف لن يتم قبل ديسمبر المقبل حتى مطلع عام 2022، بحسب الصحفي الاقتصادي.

ويرى خبيصة أن السلطة الفلسطينية لم تتخذ أي إجراءات جادة للتقشف، عدا عن عدم صدور أية تصريحات حكومية تقدم خطة وطنية للترشيد في النفقات، وهو ما تثبته أرقام الميزانية الفلسطينية التي لا تظهر أي تراجع في النفقات.

بدوره، يعزي أستاذ العلوم المالية والاقتصادية د. نصر عبد الكريم، ضائقة السلطة المالية إلى جائحة كورونا وما خلفته من أضرار اقتصادية بالغة، وحدها من قدرة الاقتصاد الفلسطيني على النمو، وما استدعته الجائحة من زيادة الانفاق على الرعاية الاجتماعية والصحية.

ويضيف عبد الكريم في حديثه لـ "شبكة قدس"، أن تراجع المساعدات الأوروبية، على وجه الخصوص، راكم من ديون السطلة الفلسطينية، إذ بلغت حجم الديون على السلطة بنحو 30 مليار شيكل أي ما قيمته 9 مليار دولار أمريكي.

وينوّه الخبير الاقتصادي، إلى أن الخروج من هذه الأزمة بشكل كامل غير ممكن، إذ تعيش كل الدول العربية من تراكم ديون وعجز مالي، وحل الأزمة بالوصول لمرحلة توازن المصروفات والعجز هو شبه مستحيل.

لا إجراءات تقشفية

"الأزمة المالية القائمة حقيقة، والسلطة لم تتخذ أية إجراءات تحوطية ولم يتغير سلوكها حتى بعد الأزمة وحديثها المتكرر عنها، ولا يوجد ما يشير إلى قيامها بأي إجراءات، وسلوك السلطة المالي في الإنفاق والتشغيل طبيعي، ولا يلمس المراقب وجود تدابير استثنائية"، يقول عبد الكريم.

في الأثناء، كشفت التقارير الشهرية لوزارة المالية والتخطيط عن نفقات خزينة السلطة الفلسطينية أن إجمالي نفقات مؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية، تتجاوز إلى حد كبير غالبية الجسم الحكومي على صعيد النفقات، إذ بلغ إجمالي النفقات خلال الفترة ما بين كانون ثاني - يناير إلى أغسطس/آب ما نسبته 1.9 مليار شيكل.

بينما تظهر البيانات التي تابعتها "شبكة قدس"، أن نفقات مكتب الرئيس محمود عباس، أعلى من نفقات عدد كبير من الوزارات، حيث بلغ مجموع ما أنفق على المكتب، من الخزينة العامة، حوالي 127.548 مليون شيكل خلال ذات الفترة.

في السياق، يشير أستاذ علوم الاقتصاد في جامعة النجاح الوطنية د. نائل موسى، إلى أن وجود قوى تسيطر على المراكز المالية، صعّب من اتخاذ إجراءات تقشفية حقيقية، موضحًا: "أي أنك لا تستطيع تخفيض بدل للوزراء وبدل سيارات للوزراء وأعضاء منظمة التحرير وأعضاء اللجنة المركزية، فبالتالي المتبقي هو الراتب، وهو صعب تغييره لأنه عمليًا جهد الموظف الذي يعمل، كما أنه ليس بالهامش الكبير الذي نستطيع أن نلعب به."

ويضيف موسى في حديثه لـ "شبكة قدس": لهذا التقشف ضعيف في أروقة السلطة، إذ لا تستطيع أن تغضب بعض الجهات المستفيدة في هذه النفقات، إلا في إلغاء بعض الرحلات وبعض القرطاسية التي "لا تسمن ولا تغني من جوع" في الميزانية العامة.

ويبين موسى أن أسباب الأزمة المالية بدأت منذ بداية نشوء السلطة الفلسطينية، حيث أنه وسعت حجمها ونفقاتها بشكل لا يتناسب مع حجم الإيرادات المتوقعة لها، وكأنها بنت استراتيجية على موازنتها بحيث أن الإمدادات والمنح والمساعدات الخارجية ستستمر إلى مالا نهاية.

ويتابع قوله: إن انحسار المنح والمساعدات التي كانت تغطي ميزانية السلطة، وفي ظل قصور المدخولات المحلية على تغطية النفقات الجارية، جعل السلطة في مواجهة أزمة أو ما يسمى "بالعجز الهيكلي"، بحيث أن هناك عجز سنوي يأتي ويتكرر ولا يمكن أن نتخلص منه، بل إن هذه النفقات ثابتة وتنمو سنويا لا يمكن التخلص منها، مع عدم قدرة على زيادة حجم الإيرادات بشكل يتناسب مع هذه النفقات، وهذا فاقم لديها أزمة مالية متجددة ومتراكمة.

 

#السلطة #الاتحاد الأوروبي #اشتية #الأزمة المالية