شبكة قدس الإخبارية

قصة معركة سيف القدس.. من الإنذار إلى الدمار

قصف-تل-ابيب-اليوم

فلسطين المحتلة - قُدس الإخبارية:  مع مساء اليوم الأول من شهر رمضان 13 إبريل/نيسان بدأت ترتسم ملامح مواجهة جديدة في القدس بعد أن وضع الاحتلال الإسرائيلي حواجز وسواتر حديدية في باب العامود، وتطور الأمر إلى مواجهات يومية أخذت حيزا مهما من الاهتمام في العالمين العربي والإسلامي. بعد أسبوعين من بدء المواجهة، أعلن المقدسيون انتصارهم على الاحتلال الذي لم يرق له تذوق طعم الهزيمة، ليبدأ حربا شرسة ضد المصلين في المسجد الأقصى وأهالي حي الشيخ جراح بنية تهجيرهم قسرا.

في 4 مايو الجاري، وجه قائد أركان كتائب القسام محمد الضيف تحذيرا نهائيا وأخيرا للاحتلال الإسرائيلي إذا لم يتوقف عن اقتحام المسجد الأقصى في ظل حديث كان يدور عن تجهيز المستوطنين لاقتحامه بالآلاف، وأشار أيضا إلى قضية الشيخ جراح محذرا كذلك من تهجيرهم. لكن تقديرات الاحتلال كانت بعكس الواقع، فقد كانت ترى أن حماس غير معنية بالتصعيد، وهو ما ثبت عدم دقته بعد رشقة صاروخية نفذتها القسام باتجاه القدس مفشلة اقتحام المستوطنين للأقصى، ومن هناك بدأت الحرب. 

أحد عشر يوما، أبقى فيها الاحتلال ملاجئه المحصنة مفتوحة خوفا من صواريخ المقاومة الفلسطينية، التي أمطرت بها سماء فلسطين المحتلة طوال أيام معركة سيف القدس، والتي قال فيها محللون سياسيون إسرائيليون، إنها تمكنت من إذلال الاحتلال الإسرائيلي أمام مرأى العالم أجمع بطريقة لم يسبق لها مثيل.

أظهرت الفصائل الفلسطينية خلال معركة سيف القدس، إمكانيات وقدرات عالية، فاجأت الاحتلال الإسرائيلي، الذي كان يستبعد أن تنفذ المقاومة تهديداتها بالرد على الانتهاكات الإسرائيلية في المسجد الأقصى والقدس المحتلة، ونجحت في تهشيم صورة جيش الاحتلال، وعلى الرغم من الدمار الذي خلفه الاحتلال في قطاع غزة، إلى أنه فشل فشلا ذريعا أمام المقاومة ولم يتمكن من "إيجاد صورة للنصر".

وخلال المعركة الاخيرة بين الاحتلال والمقاومة، أطلقت المقاومة من قطاع غزة أكثر من 4300 صاروخ بما يشمل طويلة المدى التي وصل بعضها إلى مناطق في شمال فلسطين المحتلة لأول مرة، وتسببت في خسائر الاقتصادية لدى الاحتلال الإسرائيلي قدرت قيمتها بـ 7 مليارات شاقل، كما وتم التبليغ عن أكثر من 5300 ضرر من قبل المستوطنين.

ونتيجة صواريخ المقاومة، اعترف الاحتلال بمقتل 12 شخصا بي جنود ومستوطنين وإصابة أكثر من 330، بالإضافة إلى تسجيل خسائر عسكرية بقيمة تتجاوز 1.1 مليار شاقل معدات الأسلحة و280 مليون شاقل تكلفة صواريخ القبة الحديدية، و120 مليون شاقل وقود للطائرات الحربية والمسيرة، بالإضافة إلى 25 مليون شاقل تكلفة زيادة جنود الاحتياط.

وأعلنت المقاومة خلال معركة سيف القدس، عن إدخالها أسلحة جديدة للخدمة، كان أبرزها صاروخ عياش 240 الذي يصل مداه إلى 250 كليو متر والذي تم إطلاقه للمرة الأولى باتجاه مطار رامون الذي استخدمته "إسرائيل" كمطار احتياط بعد تعطيل مطار "بن غوريون" نتيجة الصواريخ على وسط فلسطين المحتلة، لتشل بذلك حركة الطيران لدى الاحتلال بالكامل.

وكشفت المقاومة الفلسطينية، خلال المعركة الأخيرة، عن استخدام طائرات مسيرة جديدة من طراز "شهاب" محلية الصنع، استهدفت من خلالها منصات الغاز التابعة للاحتلال في عرض البحر قبالة شواطئ ساحل شمال غزة، وقصفت حشودا عسكرية على تخوم القطاع. كما ونشرت فيديو مصورا تم التقاطه من خلال طائرة مسيرة يظهر انسحاب جنود الاحتلال من المنطقة القريبة من السلك الفاصل في الوقت الذي أعلن فيه الاحتلال عن استعداده للدخول البري للقطاع، وذلك بعد عدة عمليات استهداف لآليات عسكرية بصواريخ موجهة (كورنيت).

وكشف الاحتلال الإسرائيلي، الأحد 16 مايو 2021، عن امتلاك حركة حماس غواصات خاصة بها مزودة بـ GPS وقادرة على حمل 50 كيلوغرام من المتفجرات، استهدفت محطات للغاز الطبيعي بالبحر المتوسط.

وتمكنت المقاومة الفلسطينية، من فرض سيطرتها على سير معركة سيف القدس، من خلال أوامرها للاحتلال، التي كان أهمها فرض المقاومة حظر التجول على كافة مناطق فلسطين المحتلة عام 1948.

وقال المحلل السياسي الإسرائيلي "بن كسيبت"، إنه رغم كل ما حاولت "دولة الاحتلال" بذله من مجهود استخباراتي لـ"الإيقاع بحركة حماس" لم ينفع.

ويرى المحلل الإسرائيلي، أنه رغم أن "إسرائيل" دمرت جزءا من شبكة أنفاق حماس - على حدّ زعمه-؛ إلى أن هذا "الإنجاز" ليس صورة النصر التي تبحث عنها "إسرائيل" أمام المقاومة الفلسطينية، لأن قادة حماس سيعيدون بناء الأنفاق التي دمرت مجددا خلال السنوات القادمة، وربما يحاولون تحصينها وتطويرها بطريقة أقوى وأفضل من ذي قبل.

ووفقا لـ"بن كسيبت"، فإن "إسرائيل" أهدرت "خطتها الاستراتيجية" بتوجيه ضربة قاضية وتاريخية لحماس لمجرد أنها كانت في عجلة من أمرها لتسجيل صورة النصر المراوغة.

كما أنه وفي مواجهة نظام القبة الحديدية للدفاع الصاروخي، بحسب المحلل الإسرائيلي، أطلقت حماس صواريخ تتحدى صواريخ القبة الحديدية بإطلاقها المتزامن وأعدادها الهائلة بالإضافة إلى ثقلها ودقتها. وهو ما يجعل "إسرائيل" تواجه مشكلة في الوقت الذي حققت فيه حماس سلسلة من الإنجازات العسكرية، وحققت مكاسب تاريخية أمام جيش الاحتلال، وأجبرت من خلال صواريخها اختزال نقاش في الكنيست والفرار للملاجئ، وهو ما أذل "إسرائيل" أمام العالم.

كما أن حركة حماس، تمكنت من الدفع بفلسطينيي الداخل المحتل إلى التظاهر ضد قوات الاحتلال، مما أدى لتحقيق بعض الإنجازات لصالح المقاومة، وتتويج نفسها منقذا وحاميا للقدس والمسجد الأقصى.

في حين اعتبرت القناة العبرية "12" أن موافقة "إسرائيل" على وقف إطلاق النار كان بمثابة فشل حقيقي يضاف إلى موافقتها على منع اقتحامات المستوطنين وتفكيك الحواجز الحديدية في باب العامود وهو ما كرّس بالفعل معادلة حماس الجديدة "غزة - القدس". كما أن المعركة الأخيرة جعلت حماس لاعباً دولياً مهيمناً، وغطت وسائل الإعلام الدولية سلوكها السياسي والعسكري على أنها لاعب شبه دولة، وهذا إنجاز واع كبير لحماس وفشل إسرائيلي لاذع، وفشلت "إسرائيل" كذلك في استعادة جنودها المحتجزين لدى المقاومة في غزة وهذا راكم عوامل الإحباط.

وبحسب القناة العبرية، عانى جيش الاحتلال الإسرائيلي من نقص في المعلومات الاستخباراتية عن الذين أطلقوا الصواريخ على "إسرائيل"، وفشل في منع حماس من إطلاق الصواريخ حتى اللحظة الأخيرة قبل وقف إطلاق النار، بالإضافة إلى وجود ثغرات في نظام الدفاع الجوي، وهو ما أبقى ملايين الإسرائيليين من الجنوب إلى "تل أبيب"، تحت وطأة التهديد المباشر للصواريخ.

وقال الضابط السابق في جهاز "الشاباك" الإسرائيلي، إيلان لوتين، إنه لا يحتاج المرء لأن يكون رجل مخابرات ليعرف أن حماس والجهاد الإسلامي مستعدتان جيداً لجولة أخرى من التصعيد، حيث عززتا قدراتهما في مجال الصواريخ والقوات الخاصة البحرية والأنفاق والسايبر. وأكد أنه "في كل مرة يفشل المستويين السياسي والعسكري في الإجابة على سؤال لماذا لا نهاجم "بنك الأهداف" ومحاولات التطوير، ويجيب قائلا: باختصار لأن غزة ردعت "إسرائيل".

ولاحقا للفشل الذي راكمه نتنياهو، اعتبرت صحيفة "هآرتس" العبرية أن إعلان رئيس وزراء الاحتلال غير المعتاد والتسريبات التي مررها عمدا ومفادها بأن جيش الاحتلال هو الذي اتجه نحو القبول بوقف إطلاق النار، تؤذن بتراجع جديد في العلاقات بينه وبين قادة المؤسستين العسكرية والأمنية في ضوء فشل العملية العسكرية في قطاع غزة.

ووجهت انتقادات واسعة لـ"إسرائيل" في ضوء نتائج المعركة الأخيرة بين قطاع غزة وجيش الاحتلال، بسبب أن "نتنياهو لم يحدث تغييرًا كبيرًا على الأرض، ولم يحصل سكان المستوطنات على أي مقابل أو إنجاز بعد تعرضهم لضربات صاروخية كثيفة، وتم فرض وقف إطلاق النار بدون تحقيق إسرائيل أي إنجازات على الأرض".

وقال رئيس تحرير صحيفة "هآرتس" العبرية "ألوف بن"، إن العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة "يبدو أنه حرب الحدود الأكثر فشلا وغير الضرورية لإسرائيل".  وأضاف: "نحن نشهد فشلا عسكريا وسياسيا خطيرا، كشف إخفاقات في استعدادات جيش الاحتلال وأدائه، وبقيادة حكومة مرتبكة وعاجزة". مشيرا إلى أن "المشاكل الأساسية التي اكتشفت في الاستعدادات للحرب وإدارتها هي أن إسرائيل فوجئت بالكامل من تولي حماس المبادرة، ومن جرأتها والقدرة القتالية التي أظهرتها بإطلاق آلاف الصواريخ على الجبهة الداخلية الإسرائيلية".




 

#غزة #القدس #إسرائيل #كتائب القسام #صواريخ #احتلال #المقاومة الفلسطينية #سرايا_القدس #فشل_إسرائيلي #فلسطين_انتصرت #المقاومة_انتصرت