شبكة قدس الإخبارية

هزمت "إسرائيل"

مستوطنيين
سعد الوحيدي

لقد هُزمت "إسرائيل" أمس أول مرة حين تلقت التهديد والإنذار جهاراً نهاراً، وهُزمت ثانية حينما زعمت أن آلية غير مأهولة تم استهدافها على حدود القطاع فجاء البيان بالصوت والصورة مفندا لكذبها مرفقا به سيرة ذاتية لأحد الضباط المستهدفين، وثالثة لحظة أن فٌتح باطن أرض غزة جحيماُ من النار والبارود ثأراً للقدس، وهُزمت رابع مرة وهي تعلن الاستنفار في مدن الغلاف فتأتيها الضربة في قلب مستوطنات القدس المحتلة، وهٌزمت في الخامسة وهي تعلن رداً متدحرجاً، وفي السادسة حين صبت نارها على الأطفال الأبرياء ثأراً من المقاتلين، وكانت السابعة حين هربت بقطعان مستوطنيها في مسيرة الأعلام من باب العامود إلى مسار بديل فشتت صـ ـواريخ غـ ــزة شملهم وبددت جمعهم ونكست أعلامهم.

هُزمت "إسرائيل" ثامن مرة وهي تحتفل بذكرى ما تسميه "توحيد القدس" على أنغام صفارات الإنذار وماراثونات الهروب للملاجئ، وتاسعا وهي بعد 54 عاما من نكستنا الأولى واحتلالها القدس تُضرب في عقرها بالـ ـصـ ـواريـ ـخ من بقعة محاصرة، وتصارع للوجود والبقاء وفرض السيادة على عاصمتها المزعومة أمام فتية وشباب وفتيات قهروها في معركة البوابات وحواجز باب العامود وانتزعوا منها باب الرحمة ويحاربونها اليوم بسلاح اسمه "تيك توك"، هزمت عاشر مرة حين استقبل المقدسيون مراسيل غزة بالتكبير في باحات الأقصى بعد معركة رد الاقتحام، وفي الحادية عشر لحظة أن دوّت زغاريد النسوة في حي الشيخ جراح واستبشرت وجوههن فرحاً بعد أسابيع من الحزن والأسى.

في الثانية عشر هُزمت بانهيار نظريات عقود من "الأسرلة" وعزل فلسطينيي الداخل عن شعبهم ومحيطهم فأحرقت سيارات شرطتها في اللد وأرتد عليها سـ ـلاح الـ ـجريـ ــمــ ــة والعنف الذي أغدقته على أهلنا ليطلق على مراكزها شرطتها الـ ـرصـ ـاص في اللد وغيرها.

هزمت "إسرائيل" للمرة الثالثة عشر حين تمزقت صورة "الجيش الذي لا يقهر" وفقدت جرئتها على المبادرة بالعدوان بعد 54 عاما على هزيمتها للعرب في 6 ساعات، وفرض شروط المعركة وتوقيتها، وفي الرابعة عشر كانت الهزيمة الفضيحة حين لملمت جنودها وولّت هاربة تحت ستار الليل وانكسر حصارها على المرابطين في الأقصى بعد دقائق معدودة من "تهديد" جديد كان قد أمهلها ساعتين كاملتين.

هُزمت اسرائيل خمسة عشر مرة حينما تلقت التهديد الثالث إذا أقدمت على قصف البيوت الآمنة فتجرأت على الأبرياء، فعلا نباح مـ ـستـ ـوطـ ـنيـ ـها في عسقلان إثر ضربة صـ ــاروخــ ــيــــ ــة مركّزة حملت في باطنها تهديدا بفتح أبواب الجحيم إن كررت فعلتها الخسيسة الدموية.

هُزمت "إسرائيل" وتهزم في الدقيقة ألف مرة، ودوي راجــ ـــمــ ــات غزة لم يسكن لدقيقة واحدة منذ السادسة من مساء الاثنين حتى كتابة هذه السطور، ساعات متواصلة من الرمي الذي لا ينقطع حتى أصيبت قبتها الكرتونية بالهستيريا، وكأن ما في باطن أرض غزة لا يُلقّم ولا يُذخّر يرمي بمدد من الله بلا انقطاع.

هزمت "إسرائيل" وتهزم في الهزيمة ألف هزيمة، وهذا القطاع لا يتردد لحظة واحدة في غرز أنيابه ومخالبه في وجهها، هذا القطاع المحاصر برا وبحرا وجوا المطوق بالجدران فوق الأرض وتحتها، المختنق بأنظمة المراقبة والتجسس والانذار والاستطلاع، هذا القطاع المحتلة سماؤه بأحدث تكنولوجيا الطائرات المسيرة التي ترصد دبيب النملة، والمحتل بحره بالزوارق الحربية ومنظومات الدفاع والرصد، هذا القطاع المقهور أهله بضيق الحال وذات اليد فقراً وتجويعاً وحرماناً وحصاراً وعقوبات، والملاحق سكانه بعدد وأصناف ما يسمح لهم باستيراده من بضائع عبر خرم إبرة يسمى المعابر.

هُزمت "إسرائيل" وستبقى تُهزم حين تهتف القدس لصاحب الظل المعتم، وحين توفي غزة بوعدها للقدس وتثأر، وحين تلتحم الضفة ويشتبك الداخل ثائرا بعد عقود النسيان، ستبقى "إسرائيل" ومن ورائها تهزم وهي بعد 73 عاماً على قيامها تفشل في أبسط مهامها الوظيفية التي أُنشئت لأجلها، خاسرة في رهان بتفكيك الفلسطينيين وتمزيق نسيجهم وتحويلهم إلى شعوب متفرقة.

"وَتِلْكَ الْقُرَى أَهْلَكْنَاهُمْ لَمَّا ظَلَمُوا وَجَعَلْنَا لِمَهْلِكِهِمْ مَوْعِدًا"

#غزة #القدس #إسرائيل #قصف #ملاجئ