شبكة قدس الإخبارية

لا يمكن قبول الذرائع

الانتخابات-الفلسطنية1
طلال عوكل

رغم أنها لا تغيب عن ذاكرة كل فلسطيني، مهما كانت النوائب واشتدت الآلام، إلّا أن القدس، لم تحظ بمثل الأهمية التي تحظى بها هذه الأيام وتأخذ قسطاً وافراً من تصريحات وخطابات الفصائل والمسؤولين السياسيين.

تكاد التصريحات حول مركزية قضية القدس وأهلها إزاء ملف الانتخابات تتحول إلى أغان وأهازيج، بعضها من باب تبرئة الذمة، وبعضها استدراك لما يمكن ان يستجد من أحداث ومواقف، قد تتطلب اشتراطها لإتمام الانتخابات وإلّا، وبعضها أيضاً ما يتصل بالمزايدات الكلامية ولكن دون ان نتجاهل مرة أخرى، أن قضية القدس فعلياً تحظى بأهمية وطنية مركزية.

غير أن المواطن الذي ينتابه القلق، من إمكانية إتمام العمليات الانتخابية بنجاح، في المواعيد التي حددها المرسوم الرئاسي، نقول، إن المواطن تتعمق شكوكه إزاء إمكانية الوصول الى محطة الانتخابات الأولى، بسبب المبالغة الشديدة في الحديث عن الالتزام القاطع، والحديث عن حقوق أهل القدس في الترشيح والانتخاب.

كثرة التصريحات حول القدس، من قبل الفلسطينيين، لا تشكل ضغطاً على الاحتلال، وبالتأكيد ليست بديلاً عن القيام بحملات خارجية تستهدف حشد تأييد عربي ودولي ضاغط على إسرائيل، حتى يكاد القول، ان المتهم يقول خذوني.

هكذا تصبح قضية القدس، ترشيحاً واقتراعاً، في موقع الفيتو الذي يقرر مصير هذه المعركة مع الاحتلال.

في خضم السجال الجاري بين القوى الفلسطينية، نلاحظ مدى التدقيق الشديد في اختيار الكلمات، حتى لا يشكل أي خلل، او سهو مادة لاتهامات من أطراف أخرى، بأن من يطلقون تلك التصريحات، يعبرون عن استهتار او تقليل من الأهمية التي تحظى بها العاصمة التاريخية لفلسطين.

رسمياً، لم ترد إسرائيل حتى اللحظة على طلب السلطة الفلسطينية بشأن القدس، وستبقى هذه الورقة بيدها الى وقت متأخر، لترفعها في وجوه الفلسطينيين، لإفشال المساعي الفلسطينية، بإنجاز هذا الملف المهم.

إسرائيل تدعي أنها لن تتدخل في القرارات السياسية وفي العملية الانتخابية، وكان آخر من أشار الى ذلك وزير الدفاع بيني غانتس، ولكنها تتدخل فعلياً لإفشال هذه العملية.

إسرائيل وعلى خلفية استراتيجياتها الاحتلالية والتوسعية، ليست صاحبة مصلحة، أي مصلحة في ان يحقق الفلسطينيون مرادهم من إجراء الانتخابات، لكنها لا ترغب في ان تحمل نفسها المسؤولية أمام المجتمع الدولي، باعتبارها السبب في تعطيل انتخابات يريدها ويدعمها المجتمع الدولي.

ترفض إسرائيل مشاركة مراقبين دوليين دخول القدس، للإشراف على الانتخابات سواء أكانوا من الاتحاد الأوروبي أم من غيره، وهي تواصل إطلاق التهديدات للمرشحين، بل وبدأت تشن حملات لاعتقال بعضهم.

والآن، هل ثمة شيء غامض إزاء السياسات الإسرائيلية وتناقضها الكامل مع المصالح الفلسطينية فيما يتعلق بملف الانتخابات، حتى يتحول ملف المقدسيين الى ذريعة لخسارة هذه المعركة؟

في الواقع، فإن الأمر يتصل بكيف ينظر الفلسطينيون الى ملف الانتخابات بالصلة مع مصالحهم من ناحية، والصراع مع الاحتلال من ناحية ثانية إذا كانت الانتخابات تشكل مصلحة حقيقية للفلسطينيين، وينظرون إليها على أنها معركة ينبغي الفوز فيها، فإن عليهم أن يفعلوا اللازم سواء بتوسيع دائرة هذه المعركة على المستوى الخارجي، أو من خلال إبداع وسائل أخرى متاحة، لضمان تصويت المقدسيين رغم أنف الاحتلال. معظم القوائم الانتخابية، وعلى الأقل القوائم الفصائلية وذات النكهة السياسية، ضمّنت قوائمها أسماء شخصيات مقدسية، ما يعكس الحرص على مشاركة المقدسيين والالتزام بالحقوق الفلسطينية في القدس، وأيضا في سياق استكمال موجبات المعركة.

بعد الاتهامات المتبادلة بشأن هذا الملف، ومسارعة عديد الفصائل التي لم تقدم قوائم مرشحيها، بمعنى أنها أصبحت خارج العملية الانتخابية بعد مسارعتها لاتهام فصائل أخرى بأنها لا تولي ملف القدس الأهمية الواجبة، تقدم الشيخ الجليل عكرمة صبري بموقف معلن، يفترض أن يستمع إليه الجميع، باعتباره زعيماً وطنياً، وممثلاً لأهل القدس. يرى الشيخ عكرمة صبري، بأن ثمة إمكانية لتجاوز العقبة الإسرائيلية من خلال آليات ووسائل أخرى، وهو بذلك يشدد على أهمية خوض هذه المعركة، وإلحاق هزيمة بسياسة الاحتلال.

نأمل ألا يشكل موقف الشيخ صبري، عنواناً لإثارة المزيد من التصريحات الاتهامية له ولمن يشاركونه الرأي.

هكذا فإن مصير ملف الانتخابات برمته وابتداءً بحلقته الأولى، بمعنى أن تجري او لا تجري الانتخابات، معلق في رقبة الفلسطينيين.

نقصد أن هذا الملف ينبغي أن يتم تحييده، فيما يتعلق بالحسابات الفئوية، والتوقف عن التفكير بأنه يمكن ان يقدم ذريعة لتأجيل الانتخابات، فيما تطلبت تلك الحسابات ذلك.

من غير المعقول أبداً، أن يفكر أحد، فصيلاً كان أم مسؤولاً، بالبحث عن أي ذريعة، لا بموضوع القدس، ولا بموضوع «كورونا»، لخسارة هذه المعركة. لقد قطعت الفصائل ولجنة الانتخابات المركزية وقطع المجتمع شوطاً كبيراً في اتجاه إجراء هذه الانتخابات التي يعلق عليها الفلسطينيون آمالاً عريضة، ولذلك فإن ما بعد إجراء هذه الانتخابات. أو حتى في حال تأجيلها او إلغائها، لن يكون البتة كما قبل ذلك.

نقصد ان المجتمع الفلسطيني بأسره، سيطلق حكماً قاسياً على أي طرف، يتحمل المسؤولية عن إفشال هذه المعركة، مهما كانت مبرراته، والأرجح ان المجتمع يبدي استعداداً غير مسبوق لمعاقبة هذا الطرف.

#الانتخابات #الانتخابات_في_القدس