شبكة قدس الإخبارية

تعديل قانون السلطة القضائية باطل

L6Dhe
عمار جاموس

إن ما حصل باختصار هو "صفقة" بين رئيس مجلس القضاء الأعلى الانتقالي والسلطة التنفيذية. حصل بموجبها الأستاذ عيسى أبو شرار (85 عاماً) على وظيفة سامية في الدولة (رئيس المحكمة العليا ورئيس مجلس القضاء الأعلى)، وراتب ممتاز وتقاعد مريح (تمول من أموال دافعي الضرائب ومن تبرعات الدول المانحة التي تأتي باسم الشعب الفلسطيني)، إضافة إلى سلطات قوية جداً على القضاة. في مقابل أن يضمن بقاء القضاء في جيب السلطة التنفيذية وأن يشفِ غليل بعض الحاقدين شخصياً على القضاء في السلطة التنفيذية. هذه الصفقة يمكن نعتها بالتجارية، ويمكن اعتبارها أيضاً "متاجرة بالنفوذ". وهي بالمناسبة تعتبر من جرائم الفساد.

أنا لا أدعي أن القضاء كان قبل تعديل القانون مستقل أو أنه كان كذلك قبل تشكيل المجلس الانتقالي على العكس فقد ازداد سوءاً في الفترة الانتقالية، فمنذ دراستي للحقوق وأنا أسمع عبارات من قبيل القضاء غير المستقل أو التابع للسلطة التنفيذية وأنه بحاجة إلى إصلاح، وعايشت هذه الحالة بمجرد دخولي سوق العمل. ولكن الجديد اليوم، هو أنه تم #مأسسة تبعية القضاء للسلطة التنفيذية ومأسسة النيل من استقلاله من خلال قرار بقانون معدل لقانون السلطة القضائية. فالحالة مع هذا التعديل لن تعد مقتصرة على حالة خروج عن القانون أو انتهاك هنا أو هناك، سوف ترجع لصحيح القانون بعد غضب شعبي أو ضغط دولي، الوضع لم يعد كذلك بالمرة، بل أصبح هذا الخروج جزء من عقيدة النظام نفسه عبر عنها هذه المرحلة من خلال تعديل القانون وما صاحبه من متاجرة بالنفوذ.

قانون السلطة القضائية لسنة 2002، كان حالة مميزة في النظام الفلسطيني، مثلما كان القانون الأساسي، وقانون الإجراءات الجزائية. ويكفي أن تتأكد من ذلك بقراءة تاريخ وسياق إقرارهم جميعاً من المجلس التشريعي، وهي المرحلة التي عرفت بمرحلة الإصلاح، وتقليص صلاحيات الحاكم الفرد لحساب ممثلي الشعب ومجلس الوزراء (2002

-2005). لقد كان قانون ثوري بكل ما للكلمة من معنى والقرار بقانون، المعدل هو #انقلاب على هذا الإصلاح، وخطف للثورة على طريقة الثورات المضادة لثورات الربيع العربي.

القضاء المستقل هو للناس وللعدالة وللحق والحرية، فمن مصلحة الناس أن يحاكموا أو يطلبوا انصافهم أمام قاض مستقل، ولا يمكن أن يكون القاضي مستقل إذا كان خائفاً، والقرار بقانون المعدل يجعل من القاضي مجرد إنسان خائف -مرعوب لا حول ولا قوة له، كيف لا؟! وسيف العزل وفقدان الوظيفة مسلطة على رقبته إلى أن يشاء رئيس المجلس أو تشاء السلطة التنفيذية. كيف سيحكومون بالعدل في ظل هكذا أجواء رعب حقيقية؟!!!

المطلوب الآن من أجل بقاء الأمل في هذه البلد، من أجل الدماء التي سالت في سبيل إقامة دولة حرة، من أجل الحق، من أجل العدل والحرية أن يلغى القرار بقانون رقم (40) لسنة 2020 بشأن تعديل قانون السلطة القضائية، وأن يشكل مجلس قضاء أعلى دائم وفقاً لقانون السلطة القضائية لسنة 2002، وأن يعود القضاة الذين تم عزلهم أو انتدابهم خلافاً للدستور والقانون إلى عملهم فوراً وأي محاسبة لأي قاض أو اي موظف أو مواطن تكون وفقا للقانون وباحترام كامل لحق الدفاع والمحاكمة العادلة. وتطبيق إجراءات عادلة لمحاسبة المسؤولين عن هذا الوضع بما يشمل عزلهم من وظائفهم وحرمانهم من تولي وظيفة عامة مستقبلاً، وتعويض الضحايا.