شبكة قدس الإخبارية

محمود النمورة.. دمر الاحتلال مكتبته وأبعد نجليه

الخليل – خاص قُدس الإخبارية: "المنزل ليس حجارة فقط، بل هو الذكريات التي تسكنه"، يصف محمود طلب النمورة حجم الخسارة التي لحقت به، بعد أن نسف جيش الاحتلال منزله في مدينة دورا جنوب الخليل، خلال الاجتياحات في الانتفاضة الثانية.

أكثر من 18 عاماً مرت على حصار جيش الاحتلال، لمنزل النمورة وتدميره بكل ما فيه، دون السماح له برفع قضية في المحكمة العليا.

"قلت للضابط الذي رافق القوة التي حضرت لتفجير منزلي، أريد أن أرفع قضية أمام محكمة العدل، فرفع السلاح عليَ وقال لي: أنا العدل وفقط"، يروي النمورة.

في المنزل الذي فجره الاحتلال، ضاع أغلى ما يملك النمورة، كما يقول، وهي مكتبته التي كانت تضم أكثر من 5000 كتاب جمعها خلال سنوات بحثه وحبه للمعرفة، بالإضافة لجرائد من الأراشيف المصرية والتركية وغيرها.

لم يكن تفجير المنزل هي المصيبة الوحيدة، التي ألحقها الاحتلال بالنمورة، بل اعتقل نجليه أنيس وأكرم النمورة، وحكم عليهما بالسجن المؤبد.

تحرر أنيس وأكرم في صفقة "وفاء الأحرار"، ليتحقق حلم والدهما ووالدتهما، برؤيتهما حرين، وكانت أمنية الوالدة "بعناق لهما قبل الموت".

يقول النمورة: "توجهت مع زوجتي إلى غزة عبر الأردن ثم مصر ثم قطعنا سيناء في الحافلات إلى معبر رفح، في معاناة لا يمكن أن توصف، ضاعف منها مرضي أنا وزوجتي المقعدة".

وعن المشهد الذي لا يسقط من ذاكرته، يروي النمورة: "على المعبر استقبلنا أكرم، وعندما رأته والدته من شدة فرحتها قامت عن كرسيها المتحرك، وركضت أكثر من 20 متراً وحضنته".

"بعد أسبوع من لقائها بنجليها في غزة وتحقيق أمنيتها باحتضانهما، توفيت الحاجة هدى نمورة في القطاع ودفنت في مدينة دورا"، يقول محمود.

الفاجعة الأكبر ربما التي عاشها محمود ، كانت وفاة نجله الشاب حازم النمورة (30 عاماً)، بعد أن تبرع باحدى كليتيه لشقيقه الأسير المحرر أنيس النمورة، الذي كان يعاني من مشاكل في الكلى جراء الإهمال الطبي المتعمد في سجون الاحتلال.

يقول: "توفي حازم وهو شاب وترك لي أطفاله وزوجته الحامل، بعد أن رحلت والدته وتركتني أكابد الحياة".

عاش النمورة تفاصيل العدوان الوحشي الذي شنه الاحتلال على قطاع غزة، في العام 2014، حيث توجه لحضور زفاف نجله، وشاهد بعينيه إجرام جيش الاحتلال، ووثق ذلك في دراسة أصدرها باللغة الإنجليزية.

رغم مرارة ما عاشه النمورة، خلال سنوات طويلة، إلا أنه يثابر على أداء رسالته العلمية والبحثية كما يقول، فأقام فوق منزله الجديدة، غرفة تضم مكتبة وجهاز حاسوب ومعدات أخرى، ليكمل توثيقه للقضية الفلسطينية، تاريخياً، ولفضح جرائم الاحتلال بحق الانسان الفلسطيني.

شغل النمورة عدة مناصب بينها مدير مدرسة في مدينة دورا، وممثلاً لفلسطين في منظمة "اليونسكو"، وقد أصدر عدة مؤلفات تاريخية وتوثيقية، منها: الإسلام والغرب وفلسطين، والفلكلور في الريف الفلسطيني، والتاريخ الفلسطيني المفترى عليه.