شبكة قدس الإخبارية

ضعف القانون بوابة لجرائم القتل في الضفة الغربية

f592b82f5cca368705c54d888ecc0134
ساري جرادات

رام الله – خاص قدس الإخبارية: شهدت مختلف مدن الضفة المحتلة في الأشهر الأخيرة العديد من المشاكل العائلية التي نتج عنها جرائم قتل أودت بحياة أفراد من مختلف العائلات في وقتٍ تؤكد فيه الشرطة الفلسطينية انخفاض معدلاتها.

وقال الناطق باسم جهاز الشرطة العقيد لؤي ارزيقات إن معطياتهم الرسمية تشير إلى أن العام الحالي شهد 25 جريمة قتل فيما بلغ العام الماضي 24 جريمة.

وأرجع ارزيقات لـ "شبكة قدس" السبب في تراجع عدد المشاكل ناتج عن الثقافة القانونية لدى الفلسطينيين وتوجههم إلى القضاء لمعالجة مشاكله بدل الحلول الفردية التي غالباً ما تجلب المشاكل أو تصل إلى حدود مغلقة.

يأتي ذلك في وقت تسود حالة من القلق الكبير والسخط في صفوف السكان نتيجة لما آل إليه النسيج الاجتماعي الفلسطيني، بسبب انتهاك المشاكل الاجتماعية له، وتصاعد وتيرة وحدة الجرائم الاجتماعية، على الرغم من تغني السلطة الفلسطينية بالدولة المدنية ودولة المؤسسات، ولكن المجريات على الأرض تشير غالباً إلى نزعة عشائرية قبلية قاتلة تسود في المجتمع.

بدوره، يحمل المختص في علم الاجتماع بلال الملاح مسألة الضبط الاجتماعي للدولة، كون المشاكل التي شغلت بال المجتمعات عبر العصور، وبسببها نشأت العقوبات عبر عصور مختلفة تجاه أي سلوك لا يتوافق مع المجتمع، وأوكل للدولة حديثا مسألة إدارة الضبط الاجتماعي، وتوفير مناخ من التفاهم بين أفراد المجتمع، والتربية والتعليم والصحة، للقضاء عليها.

ويشير الملاح إلى أن السلطة الحاكمة تتحمل المسؤولية عن تفكك الترابط الاجتماعي، لأنها لم تقم بعمل سياسات من شأنها النهوض بثقافة ترفع من قيمة التسامح والسلام بين الأفراد، معتبراً العائلة شريكاً في الجرم كونها تعكس سلوكيات أفرادها في كيفية تربية الابناء على بعض القيم التي ترفع من شأن عائلتهم على حساب أخرى، مؤكداً أن القانون رادع لدينا، ويصل حد عقوبة الإعدام.

وتابع المختص في علم الاجتماع لـ "شبكة قدس": "نادراً ما تجد حادثة قتل في المجتمع المحلي لم تحدث فيها ردات فعل، سواء قتل أو حرق أو ترحيل، وأعتقد أن القتل وانهاء الآخر ليست سلوك لحظي أو انه يتبع عصر معين أو منطقة معينه فالتاريخ شاهد على هذه الجرائم الفردية، وتبقى المشكلة في تحديد السبب الرئيسي للقتل ولهذه الطريقة فقط يمكن الحد من الجريمة ولكن لا يمكن منعها".

من جانبه، يعتبر المختص في الحل العشائري محمد علي مناع أن المشاكل والخلافات ناتجة عن المحسوبية والواسطة، وغياب الشفافية والمحاسبة للمعتدين، كما أن إطالة عمر القضايا في المحاكم، يزيد من حدة المشاكل وعلاجها، خاصة في ظل الظروف الاقتصادية المتردية وارتفاع مؤشرات البطالة في صفوف الخريجين، وتوجه شريحة كبيرة من الشباب للعمل داخل الأراضي المحتلة.

وبين مناع أن معظم الجرائم ناتجة عن خلافات يمكن حلها بأسهل الوسائل، ولكن العصبية القبلية والنزعة العشائرية والفردية تطغى على الحلول الصحية للمشاكل، مبيناً أن غالبية المشاكل ناتجة عن الخلاف على الأراضي والحدود والبناء، وحديثاً وسائل التواصل الاجتماعي خاصة وأنها تستخدم للتهديد والحشد في بعض الأحيان.

ورأى رجل الإصلاح العشائري نادي جرادات أن الحل العشائري أخذ على عاتقه مساندة الحل القانوني للحد من المشاكل والخلافات، مبيناً أن انتهاء المشاكل بحاجة إلى منظومة من الأخلاق النبيلة لمعالجتها بالطرق الصحية والسلمية، دون وصول الأمور إلى تدهور في العلاقات الاجتماعية وتدهور النسيج المجتمعي، خاصة وأن الأديان جميعها تحض على نبذ العنف والتحلي بالمحبة والسلام.

ويشير جرادات إلى أن مفهوم "اليوم عندي بكرة عندك"، هو سلاح ذو حدين في المشاكل العائلية، خاصة وأن غالبية المشاكل والخلافات مكررة وتحدث بشكل شبه يومي في مختلف المناطق الفلسطينية، وهو ما يدفع بأهل الحق إلى التنازل عن حقوقهم لوجوه الإصلاح في بعض الأحيان.