شبكة قدس الإخبارية

من شعورهن.. فلسطينيات يهزمن السرطان بـ "خصل الأمل"

نورهان1
يحيى موسى

غزة - قدس الإخبارية: "الحياة بلا شعر صعبة.. أن يكون انسانًا طبيعيًا وله شعر من ثم يفقده، فذلك دمار له ولأهل بيته، لكنني سألبس شعرًا غير شعري الذي تساقط، وما أجمل الشعور الذي يدور داخلي، بأن إنسانًا لا نعرفه شعر بنا.. هذا هو الترابط الحقيقي ..حسيت الروح ارتدتلي" هكذا شعرت مها لولو (50 عاما) حينما وضعت أول شعر جديد على رأسها بعد مرور سنوات على إصابتها بمرض السرطان.

بالنسبة للنساء والفتيات الشعر عامل الجمال الأول، تأثير فقدانه النفسي على المصاب لا يقل عن تأثير مرض السرطان ذاته، لكن فتيات غزيات قررن تحدي النفس والاستغناء عن جديلات شعرهن الطبيعي لدعم مريضات السرطان، أكثر من 30 سيدة حتى اللحظة شاركن بالمبادرة التي انطلقت قبل شهر ولا زالت مستمرة بقص جديلة من شعورهن، بمبادرة أطلق عليها اسم "خصل الأمل" تحت شعار "شعرك يرسم بسمة لغيرك" تقول لولو التي انخرطت في دورة كذلك لصناعة الشعر لـ "قدس": "شيء جميل أن نرى فتيات وسيدات يتبرعن بشعرهن الطبيعي لمريضات السرطان، الجميل فيه أننا نلمس أن هناك من يشعر ويحس بنا، فقبل وضع الباروكة تكون المريضة بشكل وبعد وضعها تصبح في شكل آخر يعزز من نفسيتها".

67570385_467992130416812_3600229801564045312_n
 

بدلا من قص ورمي الشعر تتمنى لولو أن تعمم مبادرة خصل الأمل على صالونات قص الشعر النسائية، وتشجيع النساء على التبرع. الآن لم تعد تسمع هذه السيدة من أطفال أولادها همسات طفولية بريئة: "ليش هيك شكل تيتا" تفصح عن ما تشعر بها: "سعدت كثيرا؛ يمكنك الآن الجلوس بجرية أمام الضيوف أو في المناسبات".

الأمل يعود لـ "رانيا" "أربعة شهور مضت على إصابتي بالسرطان، فيه فقدت شيئا عزيزا لم يعد موجودا، بجرعتي كيماوي اقتلعت شعري من جذوره، طوال الوقت أرتدي التربان (غطاء رأس خفيف) لم ير أطفالي شكلي الجديد ولا حتى زوجة " هكذا فرض السرطان على الغزية رانيا أبو نادي (33 عاما) أن تعيش هذا الواقع، قبل أن تتبرع لها إحدى النساء بجديلة تشبه لون شعرها المفقود، فلم يشعر أطفالها أن هناك شيئا قد تغير إلى الآن.

عبر سماعة الهاتف تقول أبو نادي لشبكة "قدس": "الباروكة منحتني الأمل من جديد، حتى أظهر بشكل جميل في العيد أمام زوجي وأطفالي الثلاثة، لأني طوال الوقت أظل أمامهم بالتربان ولا أسمح لهم بنزعه .. حتى الآن لم يروا شكل شعري بدون غطاء، لأني لم أتقبل شكلي على المرآة فكيف سأكشف نفسي لهم؟".

 

67822320_647147085784744_5330388141884833792_n
 

يعتصر الألم صوتها: "أغلق الغرفة على نفسي وأضع الشعر الجديد". أصيبت أبو نادي بسرطان الثدي قبل أربعة شهور، ومنذ تلك المدة وهي تقوم بأخذ جرعات كيماوية كل عشرين يوما أفقدها شعرها، لكن الأمل عاد إليها من جديد بعدما تبرعت لها بجديلات شعر.

 نورهان المدهون صحفية غزية تبرعت بنحو 40 سم من شعرها، قرار صعب اتخذته صاحبة الشعر الطويل، ظلت لأيام مترددة في ذلك حتى حسمت قرارها، بعد موقف واجهها أعطاها دافعا كي تقص شعرها وتقدمه لإحدى مريضات السرطان.

عن ذلك تعترف في حديثها لـ "قدس": "زرت صديقة لي تعمل بالمشغولات اليدوية وكننا نتبادل أطراف الحديث عن مريضات السرطان، ومبادرة "خصلة أمل"، وذكرت لي قصة طفل مصابة بالمرض الخبيث تبرعت لها والدتها وأختها بخصل لكنه لم يكف لصنع "باروكة" طبيعية، فلم يكن كافيا ولم يكن ضمن المواصفات المطلوبة لصناعة شعر طبيعي وهي بحاجة لشعر طويل".

وجدت المدهون ذات الشعر الطويل نفسها صاحبة المواصفات التي تبحث عنها عائلة الطفلة، لكن كيف استطاعت اتخاذ القرار؟ تجيب وبدى عليها الفخر بالنفس: "ترددت كثيرا لمدة يومين لأني أهتم بشعري ، تراودني تساؤلات: "كيف سيكون شكلي بشعر قصير". "أنت أنانية .. شخص محتاج مساعدتك لا تريدن مساعدته؟ ماذا ستفعلين بالشعر الطويل؟ قصيه لأنه سيعود كمان كان وأجمل فقد تمرضي بالسرطان في يوم من الأيام؟ هي أسئلة باغتت تفكير المدهون وهي عائدة من مشوار عمل، فطلبت من السائق أن يذهب لجمعية بسمة أمل الخاصة بالعناية بمرضى السرطان وصاحبة المبادرة وتبرعت بجديلة كاملة.

68852612_658991951178012_2453799332571250688_n
 

موقف هدفت منه الصحفية الغزية لتشجيع النساء على الحذو مثلها وقص جديلة أو خصل من شعورهن، لمساعدة مرضى السرطان، داعية النساء للمشاركة بالمبادرة لأن "باروكة" الشعر الصناعي سعرها 120-150 شيكلا والوضع الاقتصادي صعب في غزة، كما أن خيوطها لامعة من النايلون يمكن تمييزها بسهولة، بخلاف الشعر الطبيعي ".

"سعيدة بما فعلت وكنت أتمنى رؤية الطفلة التي ذهب إليها شعري" بهذا ختمت حديثها. "الغول" تتنازل لصديقتها "تعطي هذه الخصل بسمة أمل لمريضة السرطان، بعد أن يحطمه الكيماوي ويرى شيئا جميلا يذهب من جسده فارتداء الشعر فأنت وضعت أملا له تساعده على مواجهة المشكلة والسرطان" بهذا استهلت مريضة السرطان أمل الغول (51 عاما) حديثها مع "قدس".

الغول التي انخرطت في دورة تدريبية لصناعة "الباروكة" من الشعر الطبيعي والصناعي، وقامت بصناعة واحدة بعد الدورة، لكنها أهدتها للمصابة لأبو نادي، ولا تخفي سعادتها بذلك: "صحيح أنني مريضة سرطان، لكن شعرت بسعادة كبيرة حينما رأيت الابتسامة على وجهها وشعرت براحة كبيرة".

منذ عام 2003م أصيب الغول بالسرطان، عانت من الكيماوي وتأثير "اليود المشع"، وهي الآن تنخرط في صناعة الشعر لمريضات السرطان لتعويضهن عما فقدنه، مستشعرة بحقيقة هذا الوجع الذي لازمها منذ سنوات.

برنامج تدريبي يقول المدير التنفيذي لجمعية بسمة أمل خالد لافي: "أطلقنا مبادرة "خصل الأمل" بداية شهر يوليو، متزامنة مع برنامج تدريبي لمدة شهر يعلم السيدات مريضات السرطان انتاج وتصنيع الشعر المستعار لإنتاجه لأنفسهن وتقديمه لمريضات السرطان.

وأضاف لافي لـ "قدس": "الفكرة جاءت بعد أكثر من شكوى قدمتها مريضات سرطان يطلبن شعرا مستعارا من الجمعية، كون سعر "الباروكة" غال الثمن ويواجهن مشكلات في عدم معرفة أماكن بيعه، فقررنا تنظيم دورة استهدفت 10 سيدات مصابات بالسرطان لديهن شغف بأخذ الدورة". ولفت إلى أن الدورة كانت ناجحة قامت خلالها المشاركات بصنع 12 باروكة، تزامن معها إطلاق حملة لجميع سيدات قطاع