شبكة قدس الإخبارية

"التوائم الأربعة".. تطابقت الملامح وتشابهت الدرجات

قالب الموقع
يحيى موسى

غزة - خاص قدس الإخبارية: تبدو بعض الأحداث حولنا غريبة تجبرنا على التأمل في تفاصيلها والبحث عن أسرارها؛ تماما كما حدث مع التوائم الأربعة: ديما، دينا، سوزان، رزان شنيطي من قرى القدس، فلم يكن شكل ملامح الوجه هي المتشابهة فقط بل جاءت علامات الثانوية العامة متطابقة أو قريبة، وهذا لم يأت محض صدفة بل كان نتاج وحصاد لخطة جماعية "ذكية" أعدتها الشقيقات او إن شئت فسمهن "خلية النحل".

قبل ليلة إعلان نتائج الثانوية العامة "الإنجاز" كانت التوائم يترقبن بقلق وتفكير ما سيحصلن عليه من نتيجة، تزيد تلك الرهبة كلما اقترب وقت الإعلان عنها، مرت الليلة بطيئة وما أثقل عقارب الساعة فيها، إلى أن غلبهن النعاس وغفون على أمل أن يتحقق حلمهن وتنجح خطتهن الدراسية.

نتيجة وترقب

تجمع أفراد الأسرة في البيت مع إشراقة يوم الخميس، وحدها نتيجة العلامات هي من سيطفئ نار القلق في قلوب التوائم الأربعة، تقول إحداهن وتدعى دينا لـ "قدس" الإخبارية عن هذا المشهد: "جلسنا بالبيت وكنت أول واحدة تفتح مواقع الإنترنت لفحص المعدل ومن حولي شقيقاتي، كان الخوف يسيطر عليهن حتى ظهرت العلامة بحصولي على معدل 92%، وأجلت فرحتي وبقيت خائفة عليهن".

"بعدها ظهر معدل ديما بحصولها على 94%، حسبنا فرحتنا فظهر معدل سوزان وحصلت على 91.4%، وبقيت الأخت الأخيرة، كنا نضع يدنا على قلوبنا خشية أن يختلف معدل إحدانا، لكن رزان أيضا تفوق وحصلت على 91.1%، وفرحنا بهذه العلامات لأننا كنا نريدها وجاءت مثل توقعاتنا وعمت الزغاريد والفرح أرجاء البيت وأطلقنا لفرحتنا العنان سعداء بهذا الانجاز الجماعي" هكذا عشنا أصعب اللحظات.

إنجاز التوائم الأربعة حققا انتشارً وتفاعلا كبيرًا على مواقع التواصل الاجتماعي، أضافت: "لم نتوقع أن تنتشر الصورة بهذا الشكل الكبير، أسعدنا ذلك، وكانت قد انتشرت لنا صورة عندما أتممنا حفظ القرآن الكريم".

 لكن هذا الإنجاز لم يكن نتيجة ما حدث بالثانوية العامة بل نتاج جهد بذلته أمهن، التي صبرت في حملها وتحملت مشقته حينما رفضت إجهاض إحداهن عندما طلب الأطباء ذلك خوفا على خروجهن متشوهات، فمضت وأبصرت التوائم الحياة دون تشوهات وكأن الشمس انعكست على وجوههن.

خطة "خلية النحل"

لكن ترى ما هي الخطة الذكية اللواتي اتبعنها الشقيقات التوائم؟ لم تطل دينا في الإجابة على هذا السؤال الذي ربما ينتظره كثيرون لمعرفة تفاصيله قائلة: "من بداية العام وضعنا خطة جماعية للدراسة، تهدف للاستفادة من قدراتنا المختلفة، كنا ندرس بغرفة واحدة، بأن نبدأ بدراسة نفس الوحدة الدراسية من كل مادة، فتجلس كل واحدة منا بزاوية بالغرفة، حتى ننتهي جميعا من مذاكرة الوحدة أو عدد الصفحات التي نحددها كل يوم بعد الاتفاق بيننا، وكل واحدة فينا تضع ملاحظاتها على الكتاب أو على ورقة للأشياء والمسائل غير المفهومة".

"بعدها نجلس على شكل حلقة جماعية ونقوم بمساعدة بعضنا على الفهم وحل المسائل ولا ننتهي أو ننتقل لوحدة أخرى إلا عندما نتأكد أن جميعنا أتم الوحدة الدراسية بفهم كل مسائلها، وإذا استصعبنا جميعا من مسألة ما كنا نذهب إلى الأستاذ في اليوم التالي ليشرح لنا" بهذه الخطة انطلقت الشقيقات التوائم في الاستعداد للتفوق بالثانوية العامة.

لم تنته إجابتها: "من بداية العام لم نجهد نفسنا كثيرا كنا نراجع بنفس الخطة ما المطلوب منا، لكن قبل شهر رمضان بدأنا تكثيف الدراسة منذ ساعات الصباح حتى التاسعة ليلا حينها نترك كل شيء ونذهب للنوم، ختمنا بعض المواد لمرة واحدة والبعض الآخر مرتين، واتبعنا نفس طريقة المذاكرة يوم الامتحانات بشكل جماعي".

"في كل مرة كنا لا نبدأ بدارسة أي شيء إلا عندما ننتهي جميعا من المذاكرة حسب ما وضعناه من خطة (..) كنا نشعر براحة كبيرة أننا في نفس البيت ونستطيع حل المسائل غير المفهوم من بعضنا البعض" تقول دينا.

شخص واحد في هذا العالم استطاع فقط التمييز بين الشقيقات التوائم، هي أمهن، تبتسم دينا ضاحكة: "منذ صغرنا والجميع لا يستطيع تمييزنا، معلماتنا ومدرسينا وزميلاتنا، حتى أبي لم يستطع ذلك وكان يفشل في المناداة علينا فمثلا ينادي عليّ فتكون أمامه سوزان وهكذا، إلا أمي لم تخطئ المناداة في أي مرة كانت تعرفنا حتى من نبرة صوتنا بدون رؤيتنا".

علامات جماعية

الأمر الجميل لهن أن المدرسات كانوا لا يستطعن تحديد من قامت بالمشاركة من بين التوائم الأربعة طوال الفترات الدراسية، تواصل مبتسمة مرة أخرى بنبرة صوت ضاحكة: "كانت المدرسات يخطئنا إدخال العلامات، فكانوا يضعون لنا نفس العلامات في المشاركة لأنهن لم يستطعن تحديد من قامت بالمشاركة بيننا فكانت الحسنة تعم علينا جميعا، بعدها كان صعبا على أساتذة الثانوية تمييزنا فقررت المدرسة توزيعنا على فصلين لتخفف عن كاهل المدرسات ".

بأسلوب مشابه وبخطة استطاعت الشقيقات حفظ القرآن الكريم، لا زالت تكمل دينا حديثها بعد عودتها من مراسم تكريم أعدت لهن بمدينة القدس فتقول: "وضعنا خطة وجدول للسور القرآنية التي نريد حفظها بفترة زمنية محددة بالجدول، كنا كل يوم نحفظ قرابة سورة مكونة من صفحتين في بداية الأمر (..) تجلس كل واحدة بزاوية بالغرفة وتحفظ بمفردها وعندما ننتهي جميعا نوزع أنفسنا على مجموعتين كل واحدة تسمع للأخرى وبعدها ننزل إلى مركز تحفيظ القرآن الكريم لنسمع بالقرية".

بدأت هذه الخطة منذ بلوغهن الصف السابع الإعدادي واستطعنا حتى انتهاء الفصل الدراسي الثاني  من الصف الحادي عشر حفظ 15 جزءً، وقررن حفظ نصف أجزاء القرآن المتبقية في ثلاثة شهور فماذا كانت الخطة؟ "وضعنا جدولا للايام التي نريد حفظ السور فيها والأيام التي سننزل بها إلى القرية للتسميع بالمركز، وكنا نحفظ يوميا، أما بالسور الكبيرة مثل سورة النساء فكنا نحفظها كاملة على مدار أسبوعين وريثما ننتهي نذهب للتسميع، وكان هدفنا حفظ القرآن حتى نتفرغ للدراسة" بهذا ردت على السؤال السابق.

بالتأكيد عندما يكون لك أخا توأما فإن الكثير من المواقف الطريفة جراء التشابه ستحدث، فكيف إن كان عدد التوائم أربعة، قررت إدارة مركز القرية إنشاء مخيم صيفي تنشيطي لأطفال القرية واختاروا التوائم الأربعة للإشراف على التحفيظ وبرامج الألعاب والرياضة والعلوم والثقافة وكل وحدة أعطيت برنامجا، تكمل ضاحكة مستذكرة ذلك اليوم وكأنها تعيشه مرة أخرى، فأضافت: "في أول ثلاثة أيام بالمخيم كنت أقوم بتحفيظ الطلبة وعندما أنتهي وأغادر تأتي شقيقتي التوائم لتقدم لهم الرياضة فيتجعب الأطفال – كون أهل القرية لا يعرفوننا – ويتساءلون: "ألست كنت قبل قليل وقلتي سأعود للبيت"، وتكرر الأمر كثيرا خاصة في أول الأيام إلى أن استطعنا اقناعهم أننا أربعة توائم".

"نحب نفس اللباس، واللون لدينا نفس الهوايات ككرة القدم وكرة السلة التي كنا نمارسها كثيرا بالمرحلتين الابتدائية والإعدادية وكنا نشكل وحدا فريقا ضد فريق الصف (..) طموحنا مختلف فكل واحدة منا له شخصية مختلفة سندرس بالجامعة الطب والهندسة واخترنا نفس الجامعة(النجاح)" قالتها في ختام حديثها لـ "قدس" واجابتها حول حلمهم وطموحهم.