شبكة قدس الإخبارية

عمر الريماوي يتحدى حكماً بالسجن 35 عاماً

66379718_2360703207382833_3887844026002440192_n
ديالا الريماوي

رام الله المحتلة - خاص قدس الإخبارية: على سرير المشفى، ممدداً بجسده الهزيل، وشلل يكبل نصفه السفلي، جر جنود الاحتلال عمر الريماوي (15 عاما) وادخلوه محكمة عوفر. ذات المشهد سيتكرر عدة مرات، قبل أن يتعافى جزئياً من إصابته، وسيكبر أمام ناظريه والدته وهو مكبل اليدين، وبين جنديين يحاصرانه في قاعة المحكمة، يمنعان عنه القبل، وسلام اليدين، وتبادل الحديث. 

ثلاث سنوات ونصف مرت على عمر وهو يعد أيام اعتقاله، يوماً بعد يوم، مستعداً للعودة إلى منزله، قبل أن يصدر قضاء الاحتلال بحقه حكماً بالسجن 35 عاماً وغرامة بقيمة مليون وربع شيقل.

شباط 2016، اعتقلت قوات الاحتلال عمر الريماوي وصديقيه أيهم صباح وأحمد عبيدة على خلفية مشاركتهم في تنفيذ عملية طعن داخل متجر "رامي ليفي" الإسرائيلي وقتل فيها واحد من جنود جيش الاحتلال وأصيب مستوطن بجراح، وتم الحكم على أيهم قبل بضعة أشهر وكان حينها قاصرا، بالسجن 35 عاما وغرامة مليون وربع شيقل.

الأربعاء الماضي، رفع عمر وأحمد في محكمة عوفر يديهما معلنا نصرهما بابتسامة ستبقى عالقة في أذهان أهاليهم، متحدين احتفالات المستوطنين التي حاولت محاصرة أحلامهما بالحرية القريبة، لانا الريماوي والدة عمرلـ قدس الإخبارية، "عندما صدر الحكم لم ندري نضحك أم نحزن، هؤلاء الأطفال ليس مكانهم السجن، يجب أن يعيشوا بين عائلاتهم، نحزن لأن أجمل سنوات عمره سيقضيها في الأسر، أم نفرح لأنه لم يحكم بالمؤبد!".

66448019_319388082277167_250419408223076352_n (1)


 

كانت التوقعات حتى قبل يوم واحد من الحكم، أن يصدر الحكم على عمر بالمؤبد، إذ كانت النيابة العامة الإسرائيلية تطالب بإيقاع أقصى العقوبات بحق عمر رغم أنه كان طفلا، وتضمنت لائحة الاتهام الموجهة بحقه ست تهم، من بينها التسبب بقتل جندي إسرائيلي، وبناء على تلك التهمة فقط طالبت النيابة بحكمه بالمؤبد.

يقول سمير والد عمر، "كنا وعمر نتوقع أن يُحكم بالمؤبد، وكان المستوطنون أهل القتيل والجريح يسعون لتنفيذ حكم المؤبد، فأدوا مسرحيتهم أمام قاضي الاحتلال في جلسة المرافعة، لطموا على الخدود، قدموا تقارير طبية أنهم تعرضوا لصدمات نفسية، مثّلوا دور الضحية".

يضيف والد عمر أن الحكم على عمر جاء بالاستناد على حكم سابق على صديقه أيهم، أما أحمد ورغم أنه لم يشارك بعملية الطعن، إلا أنه تمت محاكمته على نية تنفيذ عملية.

عملية فدائية

 الثامن عشر من شباط 2016، كان عمر معتادا على الخروج بعد المدرسة برفقة أصدقائه، لذلك كان تأخره عن منزله عاديا. هاتف ضابط المخابرات والده وطالبه بالحضور لمركز التحقيق، كان أقصى ما يتوقعه أن يطالبه بمراقبة عمر وعدم كتابة منشورات على الفيسبوك، حتى اتصل عليه أحد أقاربه وأخبره باستشهاد عمر.

كانت المعلومات حول الوضع الصحي لعمر متضاربة، أعلن عن استشهاده مرتان، وعندما علمت والدة عمر لم تصدق، حتى تم إعلامهم بأنه ما زال على قيد الحياة، "شعرت أن الله أعاد عمر إلى الحياة من أجلي، لم يهمني أين إصابته، وكم رصاصة، سوى أنه على قيد الحياة"، تقول والدة عمر.

66651235_463423744214352_7410102819476209664_n (1)


 

حسب الاعترافات التي أدلى بها عمر وكاميرات المراقبة في المتجر، فإنهم توجهوا إلى مكان العملية قبل أسبوع من موعدها، تعرفوا على المكان وتفاصيله ووضعوا خطتهم، ليعودوا في الموعد المحدد، كان بحوزة عمر وأيهم سكينان، واشتروا لأحمد سكينا، إلا أن أحمد عندما اقترب من حاجز الأمن في متجر "رامي ليفي" طلب منهما أن يخبئا سكينه لأنهم سيشكون به لقامته الطويلة، فأخذ عمر سكينه وخبأها في سترته.

لم يسمح "الأمن الإسرائيلي" لأحمد بالدخول، أما أيهم وعمر فذهبا برجليهما للتفتيش، فسمحوا لهما بالدخول. بقيا داخل المتجر نصف ساعة يتحركان داخله، حتى حانت ساعة الصفر، حاصر عمر وأيهم أحد المستوطنين من الأمام والخلف وطعناه، فبدأ المستوطنون بالصراخ والهروب.

ركض عمر وأيهم حتى وقع الأخير بقبضة جندي يرتدي ملابس مدنية، صرخ أيهم فسمعه عمر وجاء لمساعدته، طعن الجندي الذي وقع أرضاً وأعلن عن مقتله لاحقا، أما عمر وأيهم فبدء المستوطنون بضربهم بالعربات والمعلبات حتى وقعا أرضا.

جاء حارس المتجر الإسرائيلي، وأطلق النار على عمر وأيهم من مسافة الصفر، رغم أنهما كانا مطروحان أرضا ولا يستطيعا الحركة، أصيب أيهم وعمر بجروح خطيرة، لم يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل تعرضا للإعتداء الجسدي واللفظي داخل المتجر وسيارة الاسعاف من المسعفين، وفقا لشهادة عمر.

إرادة وأمل

ثلاث رصاصات أصابت عمر، في يده ورئتيه، وفي عموده الفقري، تم إزالة رصاصتين وبقيت رصاصة في العمود الفقري، أصيب عمر بشلل سفلي، وكانت التوقعات الطبية أن يبقى عمر على هذا الحال من سنتين إلى خمس سنوات، ويجب أن يخضع للعلاج الطبيعي.

تم التحقيق مع عمر عند وصوله المستشفى وبعد أن خضع لعملية جراحية، وتم نقله بعد أربعة أسابيع لمستشفى سجن الرملة، كان عمر يحضر جلسات المحكمة على سرير ومن ثم على كرسي متحرك، ومن ثم على عكاز، حتى أصبح قادرا على المشي. يقول والد عمر، "رغم ما حدث، لكن هذا قضاء الله وقدره، ما حدثك معك يا بني معجزة، من شهيد، لمصاب بشلل، لنراك تمشي على قدميك، لا تقلق يا بني الحرية قريبة".

 

في غضون ستة أشهر، استعاد عمر قدرته على المشي، استمد القوة والأمل من الأسرى الذين طالبوه بعدم الاستسلام، وهو صاحب إرادة قوية، فكان عندما ينام الأسرى، يزحف من سريره على الأرض ويستند على الجدار ويقف، في بعض الأحيان كان يصرخ من الألم. 

ما زال عمر بحاجة لإجراء عملية جراحية لإزالة شظايا في منطقة البطن، وهو ما تسبب بفتح الجرح، والاحتلال يماطل، أما آلامه ووجعه يخفيه عمر عن عائلته والأسرى، ويحاول أن يطمئن والديه عنه، قائلا لهم:" كونوا أقوياء أكون قويا، أنا مرآة لكم".